تستمر حالة الشد والجذب بين السلطات الليبية والمحكمة الجنائية الدولية المتهمة بتهريب وثائق إلى سيف الاسلام القذافي أثناء زيارتهم له في الزنتان بعد مزاعم بأنهم، ويضم فريق الجنائية المحتجز في ليبيا المحامية الاسترالية ميلندا تايلور والمترجمة اللبنانية الأصل هيلين عساف والاسباني استبان بيرالتا لوسيلا رئيس ادارة دعم المحامين بالمحكمة، والكسندر خوداكوف المسؤول الرفيع بالعلاقات الخارجية للمحكمة الجنائية الدولية.
ورفضت الحكومة الليبية وساطة المنظمات الحقوقية ومجلس الأمن للإفراج عن المتهمين، حيث قالت السلطات إنهم يدعمون نجل القذافى ويحاولون تهريبه لمحاكمته في المحكمة الجنائية الدولية.
من جانب آخر يرفض الثوار الليبيون في المدن المختلفة التخلي عن سلاحهم بعد نجاحهم في إسقاط نظام العقيد معمر القذافي وأعلنوا استقلال بعض المناطق عن طرابلس مما أحدث حالة من الفوضى بين بعض القبائل التي أعلنت تمسكها بسلاحها ورفضت التخلي عنه، مما يهدد بحرب أهلية غير محسوبة العواقب.
ويقول د.عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إن ما فعله وفد الجنائية الدولية يعد استهزاءا بالشعب الليبي "حيث يريدون تبرئة سيف الإسلام بكافة السبل حتى يحاكموه في المحكمة الجنائية الدولية، ويستندون في ذلك على انهيار القانون والدستور في البلاد والتوتر الأمني والفوضى المسلحة".
ويحذر من فوضى الجماعات والحركات الليبية المسلحة التي ستؤثر بشكل تام على الوضع السياسي والاقتصادي والأمني وتعوق حركة التحول الديمقراطي التي تشهدها ليبيا لأول مرة في تاريخها بعد سقوط نظام القذافي.
ويشدد على ضرورة اتخاذ الحكومة الليبية الجديدة عدة قرارات هامة أبرزها توعية للرأي العام الليبي بخطورة بقاء الأسلحة الثقيلة مع الثوار، وإصدار قانون يجرم كل من يحتفظ بأسلحة ومعدات ثقيلة عسكرية، وتطبيق القوانين العسكرية أو قانون الطوارئ على الخارجين عن القانون أو من يثبت تورطهم في إحداث فوضى في البلاد حفاظاً على المواطنين المدنيين، مشيراً إلى أن وضع ليبيا حالياً ينذر بتدهور سريع وحرب أهلية بين الثوار و"بعد أن تجمعوا لإسقاط القذافي سيقتلون أنفسهم ولن يحافظوا على مكتسبات الثورة الليبية".
محاكمة عادلة
ويقول د.حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن فريق الجنائية الدولية يحاول إيصال أجهزة اتصال إلى سيف الإسلام القذافي، ويحاول مساعدته للحصول على محاكمة دولية بعيداً عن ليبيا، لأنه متخوف من انعدام فرصه في الحصول على محاكمة عادلة في البلاد، مشيرا إلى أن المحكمة الجنائية تسعى لتشويه القانون الليبي.
ويحذر من الانشقاق بين الثوار والمجلس الانتقالي "لأن الطرفان أصبحوا خطراً على الثورة الليبية ويحاولان اغتنام الفرص، حيث أصبح الثوار مع قبائلهم هم الخطر الحقيقي على مستقبل ليبيا بعد أن كان لهم دوراً بارزاً في الإطاحة بالقذافي ونظامه الفاسد.
ويقول ان المجلس الانتقالي الليبي لم يستطع السيطرة على البلاد وفشل في معالجة معظم القضايا التي واجهته وفشل في جمع السلاح من الثوار ولم يكن قادر على احتواء البلاد من الصراعات القبلية والإسلامية "حتى نادى الجميع بإسقاط هذا المجلس الفاشل المسئول عن ما تعانيه ليبيا من تزايد الأحداث الدموية وتزايد القتلى".
ويشير د. جمال زهران أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، بأن تصاعد الخلاف بين ليبيا والمحكمة الجنائية الدولية بشأن محاكمة سيف الإسلام ورغبة الطرفان في محاكمته، والرد العنيف من المجلس الانتقالي باعتقال أربعة من موظفي المحكمة الجنائية دليل على أن الأزمة سوف تشهد تصاعداً مستمراً، و"لكنها سرعان ما سوف تتلاشى لأن ليبيا لن تستطيع مواجهة الجنائية الدولية او مجلس الأمن أو الصليب الأحمر، وبالتالي فإن ليبيا سوف تُجبر على الإفراج عن موظفي الجنائية لأنها غير مستعدة مجدداً على فرض مزيد من العقوبات الدولية".
ويوضح ان على ليبيا أن تقدم ضمانات للجنائية الدولية تعد فيها بمحاكمة عادلة لنجل القذافى، وتعطى تصريحاً بحضور وفداً من المراقبة الدولية لمتابعة سير التحقيقات وحضور جلسات المحاكمة، مشدداً على ضرورة مراقبة القبائل الليبية وبعض التيارات الإسلامية التي تمول الحركات المسلحة وتسعى لجر البلاد لحرب أهلية وعنف طائفي.
ويقول د.وحيد عبد المجيد مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية السابق إن المحكمة الجنائية ليس من شأنها ملاحقة أو مساعدة سيف الإسلام القذافى، لأنه مواطن ليبي وينبغي محاسبته بقانون دولته، وعلى المجتمع الدولي أن يراقب المحاكمات فقط بدلاً من التدخل في سيادة الدولة وإحراج المجلس الانتقالي أمام العالم.
ويؤكد ان السلطات الليبية ردت على هذه التدخلات غير المسئولة باحتجاز بعض موظفي الجنائية الدولية، "حتى وإن كانت السلطات سوف تفرج عنهم قريباً، الا أن أسلوب رد الفعل جاء لحفظ كرامة وسيادة الدولة الليبية موضحاً أن "التصادم مع الجماعات المسلحة المدنية والإسلامية ليس فى مصلحة الشعب الليبي حالياً، لأنها سترد بقوة وسيتقاتل الليبيون مع أنفسهم من جديد كما حدث في عهد القذافي.
ويشير إلى أن قادة المجالس العسكرية للثوار في بنغازي ومصراتة وبني وليد قاموا بتأسيس اتحاد "سرايا ثوار ليبيا" يضم بعض القبائل المسلحة وثوار المدن الليبية والحركات الإسلامية المتشددة و"هو بمثابة جيش غير رسمي للبلاد، لأن القائمين على الاتحاد لا يرغبون في تفكيك إتحادهم أو تسليم أسلحتهم للحكومة بل يعتبرون أنفسهم جزء من السلطة وكل هدفهم أن يكون لهم نصيب في إدارة البلاد".
فشل تفاوضي
ويرى د. ضياء رشوان الخبير في الحركات والشئون الإسلامية أن فشل المجلس الانتقالي في التفاوض حتى الآن مع الميليشا التي اعتقلت نجل القذافي لتسليمة للسلطات لمحاكمته أمام القضاء الليبي ساهم في زيارات وفد المحكمة لجنائية والصليب الأحمر متكررة "حيث يتم تسليم مستندات من والى سيف الإسلام وأجهزة تجسس واتصال بهدف مساعدته في الاتصال بمحاميه أو الشهود".
ويؤكد أن مصراتة والزنتان أصبحتا دولتين داخل الدولة بالقوة والسلاح ويتمتعان بنفوذ سياسي واسع داخل المجلس الانتقالي بجانب الحركات الإسلامية التي أصبحت لها قاعدة شعبية كبيرة ساهمت في تكريس وضعهم السياسي الجديد في ليبيا، و"على القوى السياسية الليبية ضرورة الحوار المجتمعي والتوافق فيما بينهم لوضع رؤية جديدة للمستقبل السياسي في ليبيا والبعد عن الصراعات السياسية التافهة لحصد مكاسب سياسية ونزاعات من شأنها تدمير المستقبل السياسي والتحول الديمقراطي في ليبيا".
ويحمل د.عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية المجلس الانتقالي الليبي مسؤولية الفوضى وانتشار الأسلحة مع المقاتلين حتى الآن؛ بسبب ضعف المجلس الذي يرفض الدخول في مواجهات مسلحة مع الميلشيات في ليبيا، "حيث أعلنوا عن ضم بعض المناطق تحت حكمهم وهذا ما حدث مع سيف الإسلام القذافي حيث فشلت الجهود الحكومية في التوصل إلى صيغة اتفاق لتسليمه ومحاكمته داخل الأراضي الليبية".
ويضيف "لكن الثوار يظنون أن الجنائية الدولية هي التي ستحاكمه؛ لذلك يرفضون تسليمه للسلطات"، مشيراً إلى أن تسريب وثائق لنجل القذافي يجعل من مهمة موظفي الجنائية الدولية سهلة للغاية، "لأنهم ربما يكونوا أعطوه طلباً يرفض فيه المحاكمة أمام القضاء الليبي ويوافق على المثول أمام الجنائية الدولية؛ خوفاً من إعدامه أو محاكمته بدون عدل".
ويستنكر تدخل مجلس الأمن بين السلطات الليبية وموظفي الجنائية الدولية المعتقلون للإفراج عنهم بقوله "إنه (المجلس) تدخل لفرض عقوبات جديدة في حال رفض الحكومة الليبية الإفراج عن المعتقلين".(وكالة الصحافة العربية)
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 19/06/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : محمد نوار
المصدر : www.algeriatimes.net