الجزائر

ليبيا (الانتحار الجماعي)



ليبيا (الانتحار الجماعي)
يتابع العالم بكل ذهول وتقاعس ما يحدث في ليبيا من تدهور أمني كبير وتبديد خطير للبنية القاعدية للبلاد بسبب حالة الاقتتال التي مزقت الثوار الذين كانوا بالأمس في خندق واحد ضد عدوهم المشترك (الزعيم الإفريقي) معمر القذافي. مما يؤكد مرة أخرى تبخر الحلم الكبير المتمثل في (الربيع العربي) حيث تحولت الثورات العربية إلى كابوس حرك قدرا كبيرا من العنف كان مدفونا تحت سيطرة القادة المستبدين والمتسلطين على رقاب هذه المجتمعات التي يبدو أنها لا تفهم سوى لغة الحديد والنار، وهذا ما عبر عنه أحد السياسيين عندما : ( إن أسوأ الديكتاتوريات أفضل من الفوضى)، لقد مات القذافي في ليبيا ليولد (قذافيون) بالعشرات يقذف بعضهم بعضا بكل ما يملك من وسائل الدمار والخراب، والضحية في مثل هذه الظروف هو المواطن الضعيف الذي يدفع ثمن صراع المليشيات المسلحة وعرابي الموت من قادة قبليين اختصروا ليبيا بكاملها في عائلاتهم وأقاربهم ومن تحالف معهم على اقتسام البترول الليبي الذي يباع بأبخس الأثمان في السوق السوداء للبواخر المشبوهة التي ترسو على السواحل ليلا بحراسة مشددة من طرف (أزلام ) الجنرال (المتقاعد) خليفة حفتر الذي عاث في بنغازي فسادا بأسلحة مسربة من دول الخليج عبر الحدود المصرية. إنه الاستقواء بالأجنبي لقتل ابن البلد طلبا للكرسي الذي حرمه منه (القذافي) لسنوات طويلة.لقد دخلت ليبيا في خندق مظلم ولن تستطيع الخروج منه مادامت المليشيات لم تستنفذ ما بيدها من ذخيرة وسلاح ومادامت لا تملك أي استعداد لوضع حد لأحلامها السخيفة في بلوغ كرسي الرئاسة والحكم ومادامت تفكر بذهنية القبيلة التي تدل على أنها ماتزال على بعد مسافات طويلة من بلوغ بر الأمان. إن أول خطوة تضع الإخوة الأعداء على طريق الأمل هو الجلوس على طاولة الحوار لأنه لا منتصر في هذه الظروف و لا مفر من الاحتكام إلى لغة التعقل والسلم وذلك بمنع أي تدخل أجنبي في ليبيا وتحميل المجتمع الدولي مسؤولياته في وقف كل القوى التي تؤجج نار الفتنة لأن هذه النار لن تحرق ليبيا لوحدها بل سيمتد لهيبها لأوروبا وما أقرب سواحل البحر الأبيض المتوسط ببعضها البعض.إن لغة السلاح لا تزيد سوى من تأجيج فتيل الصراع بين أبناء (عمر المختار)، ونحن في الجزائر نعرف جيدا معنى الفتنة وخطورتها وما تورثه من حقد وضغينة، ولذلك فإننا نحرص على أن تسود لغة التعقل حتى لا تستغل بعض الأطراف فرصة هذه الوضعية لتعفين الوضع كما دعا إلى ذلك زعيم الانقلاب المصري (السيسي) إلى تدويل القضية الليبية وذلك من خلال التدخل في الشأن الليبي من أجل التمكين لأجندة إقليمية تريد إدخال ليبيا في معادلات استراتيجية تصب في صالح الكيان الصهيوني وعملاءه.إن كل قطرة دم تسيل على التراب الليبي الشقيق هي بمثابة جرح يصيب كل جزائري غيور على أمته وإخوانه على هذه الأرض العزيزة علينا، ولا يسعنا في هذه الظروف سوى الدعاء لإخواننا بسداد الرأي والتوفيق في اتخاذ الموقف الذي يغيظ أعداء ليبيا وأعداء الأمة بكاملها.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)