اهتزت من جديد شوارع وأنهج العاصمة ومدن أخرى، على وقع أهازيج حناجر الجزائريين الذين كانوا يسيرون في الجمعة ال12، يهتفون بمرافقة الجيش للحراك الشعبي والتخلص من العصابة ومحاسبة رؤوس الفساد، ثم بداية بناء جزائر ديمقراطية يكون فيها "فخامة الشعب" هو السيد يختار الرئيس الذي يحكمه.
لقد أدرك أغلبية الجزائريين أن لا سبيل للخروج من الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، إلا بدعم موقف الجيش وترجيح الحل الدستوري ومباركة التوقيفات التي يشنها جهاز العدالة، وأن ذلك، لا محالة، سيعجل في تطبيق مطالب الحراك الشعبي المتعلقة بالتغيير الحقيقي.
إن توقيف "الحيتان الكبيرة" ومتابعتهم في قضايا الفساد، من النتائج الباهرة التي حققها الشعب الجزائري في حراكه ومسيراته السلمية والحضارية، فقد كانت هذه العصابة تشوش على الحراك الشعبي، وتسعى لإخراجه عن مساره السلمي والعودة إلى العهد السابق الذي عُرف بتسيير البلاد عن طريق "القوى غير الدستورية"، وليست التهم التي وجهت لكبار العصابة سوى دليل على حجم المؤامرة التي كانوا يعملون على تنفيذها، كما أن هذه التوقيفات لدليل كذلك على أن العدالة أضحت فوق الجميع، لكن الذين ينتقدون هذا المسعى في مهمة القضاء على الفساد، ليسوا سوى مستفيدين أو يحاولون، بإيعاز من الذين يشغلونهم، بهدف إطالة الوضع الحالي، لذلك، كان دعم الحراك الشعبي لمؤسسة الجيش التي يستمد منها قوته في إتمام مهمة تحقيق التغيير، أكثر من ضرورة.
ويرى المتتبعون، أنه إذا استمر دعم موقف الجيش من طرف الحراك ودعم موقف الحراك من طرف الجيش على الشكل المطلق الذي تميز به منذ 22 فيفري الماضي، فإن نجاح الحراك سيكون متوقفا على العمل وفق الإطار الدستوري الذي سارت عليه قيادة الجيش منذ تنحي الرئيس السابق، ويكاد يجزم المتتبعون أن كل خروج عن هذا الإطار، يعتبر مغامرة غير محسوبة العواقب، لأن ذلك كان هدف العصابة الأول، حين سعت لتشكيل فراغ دستوري تتهدده الفوضى والمخاطر للزج بالحراك في متاهات العنف، وذلك بإطالة مدة المرحلة الانتقالية التي تمكن المتآمرين على الجزائر والمتكالبين عليها من الالتفاف على مطالب الحراك الشعبي.
من ذا الذي يدعي أن الجيش لا يستمد قوة موقفه وصلابته من الحراك الشعبي؟ كما يستمد ذلك أيضا من المهام الدستورية المنوطة به، فهو الحامي الأول والأخير لحدود البلد وأمن وكرامة الشعب، لأن مطالب الحراك مطالب مشروعة وجب تحقيقها كاملة غير منقوصة، وتلك كانت تعهدات رئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح.
أما ترجيح الحل الدستوري، فإنه رغم ظهور بعض الأصوات، والتي تنادي بعدم الاعتماد عليه للخروج من الأزمة، إلا أن تيارا واسعا ما زال يبدي ارتياحه لترجيح الحل الدستوري في تجاوز الأزمة الراهنة وتحقيق الطموحات والغايات المشروعة. ثم إن تفعيل المواد 7و 8 و102 من الدستور لهو المخرج الذي بإمكانه تجنيب الجزائر الويلات ومغامرة الشغور وما ينجر عنها من عواقب وتداعيات مجهولة العواقب.
الواقع اليوم، يتحدث عن شرعية شعبية فوق كل اعتبار، شرعية فرضها الحراك الشعبي، لكن من أي مشكاة يمكن لهذه الشرعية أن تستمد نورها؟ الجواب جاء على لسان خبراء في الشأن الدستوري، حين أكدوا أن الشرعية الدستورية التي اعتمدها الجيش من الأول وباركها الشعب، هي التي تنير الدرب أمام حراك عازم على تحقيق مطالبه كاملة غير منقوصة، وعليه كان لزاما البحث عن حلول سياسية ذات طابع دستوري، قد يكون أحدها متمثلا في أن يرى الحراك بعض الاستقالات من مناصب المسؤولية استجابة لرغبته ونزولا عند مطالبه.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 12/05/2019
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : محمد ن
المصدر : www.sawt-alahrar.net