الجزائر

لن أريكم إلا ما أرى



لن أريكم إلا ما أرى
لقد قضى النظام على أكبر قناعة كانت تدفع الناخبين للإيمان بالعملية الانتخابية، وهي إمكانية التغيير بواسطة الصندوق، وهو ما تجسد بوضوح في أكثر من موعد انتخابي لم يتجاوز فيه عدد المصوتين سقف ال50 بالمائة من الكتلة الناخبة في أحسن النتائج. ولم يكن التزوير السبب الوحيد في قتل شهية الانتخابات لدى الجزائريين، بل في مقدمتها أن النظام يريد أن يقول للشعب ''لن أريكم إلا ما أرى'' ولا يوجد خيار آخر من خارج خياراته، وهو ما جسدته الأسماء والأحزاب المطروحة في الانتخابات التي تم ''تنقيحها'' بالشكل الذي لا يفسد ''العرس'' ولا ينفر كثيرا المدعوين.
وكان لابد في مراسم هذا الزواج الانتخابي أن يحضر الشهود، في غياب 57 بالمائة من الشعب، من خلال استقدام مراقبين من الخارج، الكل يعي أنه ليس بوسعهم مراقبة أي شيء، لأن عددهم ليس بالحجم الذي يعطيهم صفة المراقبة، وهم بالتالي مثل حبة ''الزيتون'' فوق شريحة ''البيتزا''.
الكل يعلم أن السلطة ليست في حاجة إلى تزوير الانتخابات، لأنها ببساطة على علم مسبق بأن درجة غلق ''اللعبة'' لا تسمح بحدوث أي شيء مما لا تتصوره، لأنها تكره عنصر المفاجأة، وهو ما يعفيها بالتالي من القيام بالمهمة القذرة في تغيير أوراق الصناديق أو ملئها كما كانت تجرى العملية في وقت سابق. وما دام كل المؤشرات تغذي الاعتقاد بأن التزوير التقليدي مستبعد والتزوير ''الذكي'' تم وانتهى، فما هي المهمة التي ستوكل لهؤلاء المراقبين الدوليين؟
يمكن أن نعتبر مثل هذا الحضور الدولي دليلا آخر تقدمه السلطة على أن النظام ليس مستعدا، ليس في الظرف الحالي بل في المدى المتوسط على الأقل، لأن يغير من سلوكه وينزع عنه الخوف ''الفوبيا'' من التغيير. وتكون البحبوحة المالية التي تتمتع بها خزائن الدولة سببا جوهريا في هذا الاعتقاد المترسخ لدى النظام، الذي لا يريد سوى الاستمرار في نفس النهج السائر عليه، وهو ما يعني أن الجزائر تضيع مع سبق الإصرار والتعمد، محطة أخرى من محطات الخروج من المرحلة الانتقالية والانتقال إلى مرحلة من فرز الألوان واضح لا مكان فيه للرمادي أو للون الفوشيا أو للون ''المخلط''، ويكون في الجزائر ما عدا الألوان الطبيعية دون أن تدخل عليها زوائد أخرى، وهي مرحلة لمن لا يعرف يسمونها ''الشفافية''.
Slimane7263@yahoo.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)