الجزائر

لماذا يرفض المسلمون أدوية القرآن ويلجأون إلى عقاقير مصطنعة القرآن.. لفجر جديد



.. لم أشأ أن أسبح مع الأوهام التي يسبح في متاهاتها كثير من المخادعين والمخدوعين فيحيلون إلى الاستعمار كل أمراضهم وقصورهم؛ ناسين أو متناسين أن جرثومة الاستعمار لم تدخل الجسم الإسلامي إلا بعد أن أصبح هذا الجسم عليلاً قابلاً لدخول الجراثيم، يفتقد كل عوامل الصمود والمقاومة.. فأمراض الجسم الإسلامي في الحقيقة من هنا.. هنا أولا وقبل كل شيء.. وكذلك علاجه من هنا.. من هنا أولا وقبل كل شيء..
وبقى السؤال: لماذا ترفض هذه الأمة أدوية القرآن وتلجأ إلى عقاقير مصطنعة تضيف إلى جسمها العليل مزيدًا من العلل والانتكاسات؟ وجاءت الإجابة: إن هناك طوائف كثيرة مختلفة فى المجتمع يضيرها أن يحكم الإسلام وأن تشيع أنواره.. لأن هذه الطوائف ذرات هائمة ممتزجة بالظلام المحيط بنا.. وهى بطبيعتها المظلمة لا تستطيع أن تعيش فى نور القرآن..
اللصوص الكبار واللصوص الصغار، والمرتشون الكبار والمرتشون الصغار، وسارقو أسرار الناس وأمنهم وأقواتهم وطعم الحياة منهم، ومسخرو بيت المال لبيوت الدعارة والملذات الرخيصة.. وجهود الأمة وكفاحها في معترك الأسرّة الحمراء وصراع الرءوس المخمورة، والأفّاكون والكذابون والعملاء.. وغيرهم وغيرهم.. كل هؤلاء كيف يقبلون حكم الله فيهم.. بالرجم أوالجلد أو التعزير..؟!
ومن قبل.. في فجر الدعوة الإسلامية كره كثير من المشركين والمنافقين الإسلام وحاربوه للأسباب نفسها.. لأنهم رأوا فى الإسلام خطرًا على واقعهم المريض وسلوكهم المعوج وطبيعتهم المظلمة.. ونلجأ إلى التاريخ ننقل عنه هذه الصور القليلة.. إظهارًا لشىء مهم وخطير هو أن طبيعة معارضى النور والإيمان واحدة، وأن مصالحهم مشتركة مهما باعدت بينهم الديار والأعصار.
قال عمرو بن هشام معللاً كفره برسالة محمد: زاحمنا بنو عبد مناف فى الشرف حتى إذا صرنا كفرسى رهان، قالوا: منا نبي يوحى إليه؟ والله لا نؤمن به، ولا نتبعه أبدًا إلا أن يأتينا وحى كما يأتيه!!. وزعموا أن الوليد بن المغيرة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كانت النبوة حقًا لكنت أولى بها منك! لأني أكبر سنًا وأكثر منك مالا!!. وهذه السفاهات العاتية لم تنفرد مكة بها، فما كان كفر عبد الله بن أبى فى المدينة إلا لمثل هذه الأسباب. ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم - بعد الهجرة - يعود سعد بن عبادة فى مرض أصابه قبل وقعة بدر. فركب حمارًا وأردف وراءه أسامة بن زيد. وسارا حتى مرا بمجلس فيه عبد الله بن أبى؛ وإذا فى المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين - عبدة الأوثان - واليهود، وفى المسلمين عبد الله بن رواحة فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمَّر عبد الله أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبروا علينا، فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثم وقف ونزل. فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن.. فقال له عبد الله أيها المرء إنه لا أحسن مما تقول، إن كان حقًا فلا تؤذنا به في مجالسنا! وارجع إلى رحلك فمن جاءك فاقصص عليه. فقال ابن رواحة: بلى يا رسول الله فاغشنا به في مجالسنا- فإنا نحب ذلك فما سكت المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون. فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا. ثم ركب وسار حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألم تسمع إلى ما قال أبوحباب - يعنى ابن أُبِّى- قال سعد: وما قال؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال كذا وكذا: فقال سعد: اعف عنه يا رسول الله، فوا الذى أنزل عليك الكتاب لقد جاءك الله بالحق الذي أنزل عليك، ولقد اجتمع أهل هذه البحيرة - يعنى المدينة - على أن يتوجوه. ويعصبوه بالعصابة. فلما أبى الله ذلك بالحق الذى أعطاك، شرق بذلك. فذلك الذى فعل به ما رأيت”. إن ابن أبي غص بالإسلام لأنه رآه خطرًا على زعامته، وكذلك فعل أبو جهل من قبل. ولئن كان هؤلاء قد حادوا عن الحق بعد ما تبينوه، فإن هناك ألوفا غيرهم لا يدركون قيلا ولا يهتدون سبيلا، كرهوا الإسلام وحاربوه.
ووسط هذه الجهالات البسيطة أو المركبة، والعداوات المقصودة أو المضللة، وسط نماذج لا حصر لها من الضلال والغفلة، أخذ الإسلام رويدًا رويدًا ينشر أشعته. فأخرج أمة من الظلام إلى النور، بل جعلها مصباحًا وهاجا يضىء ويهدى. والدروس التي أحدثت هذا التحول الخطير والتى رفعت شعوبًا وقبائل من السفوح إلى القمم ليست دواء موقوتًا أو مخصوصًا، بل هي علاج أصيل لطبيعة الإنسان إذا اهتزت، وستظل ما بقي الإنسان وبقيت الحياة.. تكرم الإنسان وتجدد الحياة.
بقلم فضيلة الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله-


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)