الجزائر

لماذا يحرق الجزائريون الملايير؟



لماذا يحرق الجزائريون الملايير؟
مرة أخرى تعود ذكرى المولد النبوي الشريف ويعود الجزائريون لعادتهم السيئة "حرق الملايير في لحظات قليلة" و إزعاج الآخرين، على الرغم من الإجراءات المشددة التي اتخذتها الجمارك والشرطة للتقليص من دخول وبيع المفرقعات في الأسواق والأحياء.لا شيء بإمكانه وقف دوي المفرقعات في الأحياء، على الرغم من التطمينات التي تقدمها الحماية المدنية ومصالح الأمن في كل مرة، وعلى الرغم من الكمية الكبيرة المحجوزة منها كل سنة.في الصباح الموالي نعد الحصيلة من الجرحى وبخاصة في صفوف الأطفال لكن في صفوف الكبار أيضا، و ننظف الأحياء من بقايا جنون ليلة مضت وكأنها حرب حقيقية، و يبقى الجزائريون وحدهم ربما من يحتفل بهذه الطريقة الغريبة بمولد النبي الكريم.وعلينا أن نتساءل اليوم كيف خلقت لدينا مثل هذه العادات في الاحتفاء بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن أين اكتسبناها، وأن نبحث عن الدافع الحقيقي الذي يقف وراء حرق الملايير في ليلة واحدة دون مبرر مقنع ودون أي وازع رغم التظاهر بالأزمة. لقد كانت المناسبة عند أسلافنا لإشعال الشموع وشم رائحة المسك، و ترديد المدائح الدينية ذات العلاقة بالمناسبة، واسترجاع روحانية تلك الليلة التي ولد فيها خير الأنام.وهذه الطريقة لا تزال قائمة إلى اليوم في الكثير من البلدان الإسلامية، وهي وإن كانت موجودة عندنا أيضا فقد ضاعت تحت الصفير ودوي المفرقعات، والنجوم المتطايرة والصواريخ العابرة للأحياء والعمارات.والغريب في الأمر أن العائلات محدودة الدخل لا تبخل على أبنائها في مثل هذه المناسبة، فتراها تصرف بسخاء على شراء المفرقعات وغيرها من الألعاب، وهي تعلم أن ما قدمته من أموال سيحرق في خلال ثوان قليلة فقط وهو على حساب حاجة من حاجيات البيت، وهو ما يدعو إلى التساؤل عن كيفية دراسة هذه الظاهرة الاجتماعية.صحيح أن للرسول مكانة مميزة في وجدان الشعب عامة، لكن الاحتفال بمولده بالطريقة التي نراها اليوم تبدو دخيلة على مجتمعنا، وتتطلب من علماء الاجتماع دراستها والوقوف عندها، ولو أن هناك من يعتبرها أمرا عاديا مرتبطا بنفسية الفرد ومحيطه الاجتماعي.وحين نعود لما تؤكد عليه السلطات المختصة كل سنة نتساءل مرة أخرى كيف تدخل هذه المفرقعات والألعاب النارية إلى البلاد وبهذا الكم الكبير؟، على الرغم من أن الجمارك والحماية المدنية والشرطة تؤكد قبل حلول هذه المناسبة أنها اتخذت جملة من التدابير المشددة لمنع تسرب أي مفرقعة إلى الداخل، وتكشف في كل مرة عن القناطير منها التي تحجز في الموانئ والحاويات وغيرها. ورغم أنها تراجعت في السنوات الأخيرة، لكن أليس بالإمكان فعلا القضاء على هذه الظاهرة المزعجة بكثير من الصرامة والعقاب أيضا؟، أليس بالإمكان وقف تدفق القناطير من المفرقعات إلى الوطن، وتسليط أقصى العقوبات على المتاجرين بها، حتى نقضي ليلة المولد النبوي في هدوء تام كبقية المسلمين، ونجنب العائلات والرضع وكبار السن والمرضى صداع تلك الليلة التي أصبح الكثير منا يتمنى انتهاءها قبل الوقت بالنظر للضجيج الذي أصبح يصاحبها، والذي أتعب الكثير من المواطنين خاصة في الأحياء الشعبية.كما يمكن للشرطة مثلا القيام بعمليات مراقبة مشددة على الذين يبيعونها في مختلف الأحياء، وفرض عقوبات مشددة عليهم، حتى لا تتكرر العملية في العام المقبل.ومهما يكن الأمر فلا يوجد أي مبرر ديني أو اجتماعي يدعو إلى تبذير الأموال بالطريقة التي نراها اليوم، ولا يوجد أي مبرر لإزعاج الناس في ديارهم، علما أن القانون يمنع ذلك.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)