الجزائر

لماذا تنساق المنظمات غير الحكومية إلى خدمة السياسية الغربية ؟؟؟



لا يمكن إنكار الأدوار السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي تلعبها المنظمات غير الحكومية على الساحة العالمية , كما لا يمكن في نفس الوقت إغفال أدوارها المشبوهة في الترويج لخطط الحكومات الغربية لتكريس هيمنتها على مقدرات الدول المستضعفة . و يُعرِّف الأكاديميون هذه المنظمات بأنها (كيانات تضم مجموعة من متطوعين تنشط على المستوى المحلي أو الوطني أو الدولي, و لا تستهدف الربح في نشاطها ).ولا يغترَنَّ أحد ببساطة هذا التعريف , لأن عبرها يتسلل كل ذوي المآرب, الجلِيِّ منها و الخفِيِّ ,إلى كيانات هذه المنظمات , التي أصبحت مع مرور الوقت و بفضل تقنيات الاتصال الحديثة و سخاء راعيها و مموليها , من أكثر الهيئات تأثيرا في الأحداث العالمية . و هذا الدور المتنامي للمنظمات غير الحكومية عالميا , جعلها وسيلة من لا وسيلة له للبروز و الشهرة على مسرح الأحداث العالمي , فتزاحم النشطاء لركوب موجة هذه الكيانات بغض النظر عن أغراضها المبيتة , فتزايد عددها بشكل رهيب , استعصى على تقنيات الإحصاء حصر عددها الذي قدرته إحدى الدراسات في التسعينيات بأكثر من 26000 منظمة غير حكومية علما أن الأمر يتعلق بالمنظمات المؤسسة و المسجلة رسميا فقط , في إشارة إلى وجود منظمات غير معتمدة و أخرى سرية , و منها ما ينشط بالوجهين معا , حيث اعترف أحد عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية , بأن الكثير من المهام التي كانت تقوم بها وكالتهم سريا , أضحت تتم في العلن عبر المنظمات الحكومية و غير الحكومية .
و تشير وثيقة لمنظمة الأمم المتحدة إلى اعتماد حوالي 3900 منظمة غير حكومية إلى غاية سبتمبر 2013 , تنشط في مجالات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية , و تتمتع بمركز استشاري لدى المجلس الاقتصادي و الاجتماعي الأممي , الهيئة الرئيسية لإعداد و متابعة تنفيذ السياسات الاقتصادية والاجتماعية على المستوى الدولي . و من بين هذه المنظمات هناك 147 منظمة ذات مركز استشاري عام ,و 2774 منظمة ذات مركز استشاري خاص و 979 في قائمة الانتظار . كما يجري تعليق المركز الاستشاري لثلاث منظمات ذات مركز استشاري عام و 154 منظمة ذات مركز استشاري خاص . ( ومن بين القراءات التي نميل إليها بخصوص هذا الوضع , أن المجلس الاقتصادي و الاجتماعي للأمم المتحدة قد تخلى عن المهام المنوطة به و أوكلها لمن يؤديها بدلا عنه) ؟؟؟ و قس على ذلك بالنسبة لبقية الهيئات الأممية التي أثقلت كاهلها الوسطاء و من ذلك إنشاء إدارة الإعلام‎ الأممية علاقات مع ما يقرب من 1670 من المنظمات غير الحكومية لتنفيذ برامج إعلامية حول مسائل تهم الأمم المتحدة و لكنها تمنح نفوذا كبيرا للمشرفين و المسيرين للمنظمات غير الحكومية الخاضعين في معظم الأحيان للأجندات و المصالح السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية لمموليهم و رعاتهم سواء كانوا دولا أو مؤسسات أو شخصيات أو كل هؤلاء مجتمعين .
و منذ أن خولت الأمم المتحدة بعض صلاحياتها –و لو الاستشارية- للمنظمات غير الحكومية استغلت القوى العظمى هذه الثغرة و راحت توظف تقارير هذه الكيانات على هذا لاستعمالها ورقة ضغط لقضاء مصالحها السياسية و الاقتصادية و الأمنية و المالية و مساومة و ابتزاز خصومها و منافسيها على نفس المصالح ,و على أصحاب الحق فيها , معظم الأحيان .
و أصبحت الدواعي الإنسانية و حماية حقوق المدنيين و الأقليات و مكافحة الإرهاب و نشر الديمقراطية , نافذة تتسلل عبرها القوى العظمى من أجل التدخل في شؤون الدول الداخلية الذي يمنعه البند الثاني من ميثاق الأمم المتحدة .
و منذ أن فتح المجتمع الدولي هذه النافذة ,ازدادت انتهاكات حقوق الإنسان في مشارق الأرض و مغاربها و في مقدمتها الحق في الحياة و الأمن و في الغذاء و الإيواء و الدواء و سائر مستلزمات البقاء , و هذا رغم تزايد المنظمات الحقوقية *المستقلة* وغير المستقلة بشكل يفوق عدد الحقوق التي *تطوعت* هذه الهيئات للدفاع عنها و حمايتها , و هي أعجز حتى عن منع قنابل حماة حقوق الإنسان من قصف مقراتها في مناطق النزاعات المسلحة .
.. في مواجهة الحروب الناعمة
و من باب تبادل الخدمات و المنافع , لا تتردد العديد من المنظمات غير الحكومية أن تقوم ببعض المهام القذرة لصالح رعاتها , و منها العمل تحت غطاء الدفاع عن حقوق فئة ,على إشاعة الفوضى التي تهدر حقوق فئات بل و شعوب بكاملها , وليست الأمثلة التي تنقص الباحثين عنها في الجوار و أبعد من الجوار, و قصة منظمة القبعات البيض في سوريا و مسرحياتها المتعلقة بالهجمات الكيماوية , ما زالت ماثلة في الأذهان, زيادة على كل مآسي الثورات الملونة و الوردية في الغرب و الربيعيات في الوطن العربي الذي ما زال مستهدفا في مقدراته و ثرواته من طرف القوى الأنجلو إمريكية و أدواتها من المنظمات غير الحكومية وتكتلات الطابور الخامس المتغلغل في الجبهة الداخلية .
و لم تنج حتى الدول القوية مثل تركيا الصين وروسيا من التوظيف المغرض لتقارير المنظمات غير الحكومية ضدها و تحريض المنظمات الحقوقية لزعزعة النظام داخلها.
وفي هذا الشأن كان مجلس الأمن الروسي قد أعلن منذ مدة عن تزايد عدد جرائم التطرف نتيجة نشاط عدة منظمات غير حكومية أجنبية تسعى إلى زعزعة الوضع في روسيا.
وأوضح ألكسندر غربينكين نائب أمين مجلس الأمن الروسي في حديث للصحفيين :
*أن السبب الثاني لزيادة عدد الجرائم المسجلة يكمن إلى حد بعيد في ترويج أفكار التعصب القومي والديني والعنصرية من خلال شبكة الإنترنيت و كذلك في النشاط المضر لمنظمات غير حكومية معينة لا تزال تحاول زعزعة الوضع السياسي و الاجتماعي في البلاد *
و سبق أن أشرنا في موضوع سابق إلى أن أعضاء مجلس الشيوخ الروسي , طلبوا من سلطات بلادهم منع 12 منظمة غيرحكومية أجنبية من النشاط داخل الأراضي الروسية . علما أن سبعا (7) من المنظمات المعنية هي أمريكية و تتلقى الدعم المالي من الإدارة الأمريكية, وبعضها يرفع شعار النضال من أجل الديمقراطية في العالم , و بقية المنظمات مرتبطة بأوكرانيا وببولونيا . و أوضح سيناتور روسي ,أن الإجراء يهدف إلى حماية النظام الدستوري لبلاده . علما أن الرئيس فلاديمر بوتين كان بعد عودته إلى منصب الرئاسة, قد أكد أنه سيقف ضد كل محاولات الغرب لزعزعة استقرار روسيا تحت غطاء الدفاع عن حقوق الإنسان.
شخصيا اعتبر الخطوة الروسية في غلق الأبواب أمام المنظمات غير الحكومية جاءت متأخرة نسبيا , لا سيما و أن روسيا تملك من الإمكانيات و من الأجهزة الأمنية و الاستخباراتية , ما يمكنها من جمع كم هائل من الأدلة القاطعة ,على الاستغلال المغرض لهذه المنظمات لإضعاف أنظمة الحكم التي لا ترضخ لإرادة الدول العظمى , و تبدي نوعا من الاستقلالية في تحديد توجهاتها السياسية و خياراتها الاقتصادية التي تخدم مصالحها و تلبي احتياجات شعوبها . و انعكاسات هذا الدور السلبي للمنظمات غير الحكومية لا يحتاج أصلا إلى برهان ما دامت المآسي التي يعيشها العالم العربي و العديد من الدول الإفريقية , ظاهرة للعيان.
و لأن الهجمات ضد الدول المستهدفة عادة ما تنطلق من تقارير للدول الراعية للمنظمات غير الحكومية التي تستنسخ أو تعيد تحرير نفس التقارير بصيغ مختلفة حول الوضع في البلاد المعنية , لتتولى بعد ذلك وسائل الإعلام و مواقع التواصل نشر الفقرات المنتقاة بشكل مدروس , تستغلها الحكومات الغربية و واشطن للضغط على الدول المستهدفة , دعما للضغوط الداخلية التي يتولاها الطابور الخامس المشتملة على شرائح اجتماعية مختلفة و من ثم استغلال كل المشاكل و النقائص التي تشكو منها الأنظمة المستهدفة , لتقويضها من الداخل , و بأيدي أبنائها إن واتت الظروف, وإلا فإن خيارات التدخل المباشر تكون دوما جاهزة للتنفيذ وبكافة المبررات المدعومة عند الحاجة بالقرارات الدولية وبالتقارير الجاهزة للمنظمات غير الحكومية بطبيعة الحال .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)