يعود رئيس حركة "النهضة" التونسية، الشيخ راشد الغنوشي، إلى قراءة سياسية في النتائج التي انتهت إليها الانتخابات البلدية التي جرت في السادس ماي الجاري، ويفسر ظروف تقدم الحركة في هذه الانتخابات وخلفيات انفتاحها السياسي وصعود المستقلين، ويقلل من وقع نسبة العزوف عن التصويت، وتأثير نجاح النهضة في مجمل المسار الديمقراطي وانعكاسها على تجارب الأحزاب الإسلامية في عدد من الدول، ويعلق على مواقف دول وشخصيات دولية وإطراف في الداخل التونسي تشك في مراجعات وتوجهات "النهضة" المنفتحة، ويتحدث عن الموقف من تعديل الحكومة وإمكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية العام المقبل، ويدعو الليبيين إلى إدراج أنصار النظام السابق في مسار حل الأزمة التي تتأثر بها تونس والجزائر أيضا.
أعطتكم نتائج الانتخابات البلدية أسبقية في المقاعد مقارنة بالأحزاب المنافسة، هل يمكن اعتبارها تثبيتا للنهضة في المشهد السياسي، أم عقاب شعبي للأحزاب التي علق عليها آماله منذ عام 2014، أقصد هنا النداء والجبهة الشعبية مثلا؟
الشعب لا يعاقب إلا في حالات، أما هذا تصويت وهذه النتائج ليست عقابا لأحد، الشعب لم يعاقب الأحزاب الأخرى، بل هو تقدير النهضة، حافظت على النسب التي حصلت عليها وعززتها بعد 27 في المائة إلى 29 في المائة، هو تقدير لجهود الحركة ونجاح خطتها الاتصالية وتقدير إيجابي لجهودها للدفاع عن الوحدة الوطنية، ودورها الإنقاذي تجنيب البلاد من مشكلات الانتقال الديمقراطي إلى جانب رئيس الدولة، ما جعل من تونس استثناء في الربيع العربي، وعامة الناس يرون أن تونس نجت كما نجت الجزائر من الفتن.
إذا راجعنا الأرقام، تقدمتم على مستوى المقاعد والأسبقية، ولكن تراجعت في مجمل عدد الأصوات، ما يقارب 800 ألف صوت، مقارنة مع الانتخابات السابقة، كيف يمكن فهم ذلك؟
نعم، النتائج جاءت بأقل 40 في المائة مقارنة بالانتخابات السابقة، لكن هذه المقارنة غير صحيحة والقياس غير صحيح، لأن الشعب التونسي لم يخرج من أجل انتخاب رئيس جمهورية أو سلطة مركزية، بل خرج لانتخاب بلديات، والبلدية في تاريخ تونس لم يكن لها انتماء ولم تكن لها أهمية، منذ ستين سنة البلدية كان يقتصر عملها في دور بيئي وتنظيف المحيط ومسائل بسيطة، ولذلك الشعب لم يول أهمية كبيرة لهذه الانتخابات، لكن نحن نعمل انطلاقا من هذه التجربة الانتخابية أن تصبح البلدية وفقا للدستور التونسي مؤسسة حكم محلي.
لكن كان هناك عزوف عن التصويت والذهاب إلى مكاتب الاقتراع، ألا يمكن أن يكون ذلك سلوكا عقابيا من الناخبين ضد الأحزاب بسبب عدم تحقق مجمل تطلعاتهم منذ الثورة؟
لو كان العزوف سببه كما يدعي البعض أنه عقاب للأحزاب الحاكمة للنهضة والنداء، لرأينا أن الأصوات تتجه للمعارضين، الذين جوهر خطابهم راديكالي ونقد للسلطة والأوضاع السيئة والقفة والزوالي (الفقراء)، أنا برأيي أنه عزوف نسبي، لأنه في كل الانتخابات البلدية التي تجري في العالم، نسبة تصويت ب30 أو 35 في المائة هي نسبة عادية، بعض سفراء الدول في تونس قالوا لنا إنهم سيكونون سعداء لو بلغت نسبة الانتخابات البلدية في بلدانهم 35 في المائة، هذه نسبة عادية ولا يمكن أن تفسر على أنها عقاب لأحد، إنها تعبير عن الثقافة السائدة حول صورة السلطة البلدية أو المؤسسة البلدية، صورتها لم ترتفع بعد إلى المستوى الدستوري الذي نحن بصدده، نحن في تونس عملنا في الدستور التوافقي على أن تكون البلديات عبارة عن مؤسسات حكم محلي.
هناك ملاحظة لها علاقة بنتائج الانتخابات، تتعلق بالفوز والصعود اللافت للمستقلين وتفوقهم على الأحزاب السياسية، كيف يمكن تفسيره؟
الحياة الحزبية في تونس لم تستقر حتى الآن، إذن القائمات المستقلة هي تعبير عن أننا نعيش في مرحلة انتقالية لم تتبلور فيها صورة الأحزاب، وتعبير عن رغبات شخصية وتمحور حول الذات، وعلى كل حال، كل ذلك مفهوم في المراحل الانتقالية، أن الأحزاب لا تتشكل تشكلا نهائيا، لكن بدأت بعض الملامح، إنه للمرة الثانية يبرز حزبان رئيسيان في 2014، النداء كان الأول بفارق 10 نقاط، وهذه المرة نحن تفوقنا بفارق قريب، 220 حزب، الشعب لم يعط صوته لكل الأحزاب، وهو تداول أو نوع من التداول، وأن الشعب التونسي أعطى صوته لحزبين، ووزع 15 في المائة الباقية على الطيف السياسي، والبقية على المستقلين، ومعنى ذلك أن نصف الشعب التونسي يبحث عن نفسه وعن تموقعه، ولكن نصف الشعب الآخر أصبح له خيار بين حزبين متقاربين، حزبين محافظين، واحد أميل للحداثة وواحد أميل إلى قضايا الهوية، تسجل مراكز الاستطلاع أن النهضة حافظت على بين 60 إلى 70 في المائة من قاعدتها الانتخابية، بمعنى أن للحركة قاعدة وفية، بينما بقية الأحزاب كيانات حديثة لا تزال تبحث عن شخصيتها وعن خياراتها، لاتزال رمال متحركة، 215 حزب، هل معنى ذلك أن لدينا 215 مشروع لإدارة تونس.
هل تتوقع بعد النتائج أن يعدل الإعلام وبعض القوى السياسية موقفه تجاه النهضة، وبعض الأحزاب التي كانت تبني خطابها التشكيكي نحو مرجعية النهضة؟
تَقدُم النهضة وخسارة الأحزاب التي تبني خطابها على نقد النهضة دون أن تقدم بديلا سياسيا، دليل على أن الشعب لم يصدق هكذا خطاب، يحاول ظلما وباستغلال الإعلام ربط النهضة بكل ما هو سلبي، الشعب لم يصدق، بل إن هذه الانتخابات كشفت زيف بعض من يزعمون الحداثة، نرى أن بعض الحداثيين يعترضون على رئاسة امرأة لبلدية العاصمة، بحكم أنها امرأة، وأنها ليست بَلْدية (أي ليست من عائلات العاصمة القديمة)، وهذا انكشاف فاضح، لكن يزعمون أنهم ديمقراطيون وحداثيون ويدافعون عن المرأة، التزام النهضة بنهجها الإسلامي الديمقراطي الحداثي دفع الآخرين إلى أن يتورطوا في مواقف مخجلة.
أتوقع أن بعض الإعلام التونسي سيعدل من موقفه من النهضة، الذي لديه التزام سيعدل التزامه، والذي عنده عقل ويبحث عن الحقيقة لا يتعالى عن الشعب سيدرك ويحترم إرادة الشعب، وسيرى من هو الحداثي الحقيقي ومن هو الديمقراطي، والحركة من موقف إلى موقف آخر تؤكد التزامها بالديمقراطية وفهمها للإسلام الحداثي، والبعض سيفهم ذلك وسيراجع موقفه، عدا الذين لديهم أجندة محددة، ولكن هناك البعض يعاند ويتخذ العداوة عقيدة ضد النهضة.
لو نعود إلى عشية الانتخابات، سمعنا دعاوى ومطالبات بعدم إجراء الانتخابات وتأجيلها، هل هناك قوى خارجية تسعى لإعطاب مسار الانتخابات؟
في الحقيقة، الخارج كان مشجعا للانتخابات البلدية، باعتبارها استحقاقا ديمقراطيا، واعتبارها سبيلا للانتقال الديمقراطي والتقدم، ودليلا على أن الديمقراطية التونسية تتقدم وليس في حالة تراجع، ليس لدينا مشاكل مع الخارج، نريد علاقات جيدة قوامها الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
لكن استمعنا لرئيس حكومة فرنسي سابق، فرانسوا فيون، يحذر ويطالب أوروبا بالتدخل، ويطالب بدعم القوى الديمقراطية، حتى لا تصل النهضة إلى حكم البلديات؟
شخصيا لم أعرف ما هي دوافعه ولماذا هذا التخويف، التقيته قبل فترة في فرنسا وكان استقبالا حسنا وودعني وداعا حسنا، ولذلك أنا استغربت من ذلك التصريح والموقف، لكن إجمالا السياسة الفرنسية الرسمية تدعم هذا التحول الديمقراطي، وهنأت تونس على نجاحها في الانتخابات الأخيرة.
أنتم رشحتم تونسيا معتنقا للديانة اليهودية، ومرشحات لا يتناسبن مع الصورة النمطية لحركة لها مرجعية إسلامية، نريد أن نفهم، هل هذا الانفتاح حقيقي أم مجرد تكتيك انتخابي؟
النهضة تعبر بقناعاتها العميقة والقديمة، ونحن نحمل شعار الديمقراطية والإسلام المعتدل، وأصّلنا مسائل الديمقراطية في الثقافة الإسلامية، كتابي في الحريات العامة الذي نشر في سنة 1993 وألفته في سنة 1986 في السجن، لا أجد في دستور الثورة ما يناقض ماورد في هذا لكتاب من تأكيد على المواطنة، ما قامت به النهضة ليس مسائل عابرة وليس تكتيكا، بل هو مسائل مؤصّلة في فكرنا الإسلامي، نحن قمنا بشجاعة بمراجعاتنا، وبعض الذين يتهموننا بالازدواجية، وخاصة من العناصر الماركسية، لم نجد في فكرهم مراجعات، كيف يبررون أنهم ماركسيون وديمقراطيون في نفس الوقت، وكيف أن تنبت الديمقراطية في أرض ماركسية، بينما نحن بيّنا كيف تتوافق الديمقراطية والإسلام فكرا عبر الكتب، وسلوكا سياسيا ومدنيا في الواقع، ومن يتهمنا هو من لا يريد أن يفهم أو يغفل عن الحقيقة والواقع.
لاحظنا، في فترة الانتخابات، موقفا متشنجا من قبل بعض رموز السلفية في تونس ضد حركة النهضة، صرتم بين نارين: بين السلفيين والحداثيين، كيف يمكن تفسير هذا الموقف؟
في 2011 و2012 حاولنا أن نقنع بعض السلفيين بخطأ تصوراتهم وبخطر طرقهم في خدمة ما يظنون أنه خدمة الإسلام، وبخطأ التفكير وخطوبوالتفكير الإقصائي والتكفيري، والذي يؤدي إلى العنف، وحاولنا صرفهم عن هذا الطريق وأن نعدل من أفكارهم، وتبين بعد ذلك أن بعض من يقومون بعمل اجتماعي وفي المساجد، هم في نفس الوقت يخزنون الأسلحة، ولما اكتشفنا في النهضة ذلك، وكنا في الحكم، وزيرنا للداخلية في ذلك الوقت، هو الذي صنف تنظيم أنصار الشريعة بأنهم فصيل إرهابي، هؤلاء الذين يخلطون الأفكار بالعنف لديهم التفكير الدغمائي، وهو تفكير لا يستطيع أن يدير مجتمعا صغيرا، لأن الله خلق الناس مختلفين، هؤلاء يتصورن أن الحق نقطة واحدة يقفون عليها، وماعدا ذلك هو الضلال المبين، وكأن الجنة حديقة صغيرة لا تتسع إلا لهم، بينما جنته وسعت السماء والأرض. الفكر التكفيري الإقصائي لا يستطيع أن يفهم أن الإسلام جاء لكل مكان وزمان ويغطي كل أنواع واهتمامات البشرية ويتسع لكل اجتهاد، يستخدمون العنف لإزالة التعدد حتى لا يبقى إلا رأيهم.
في 2013 سلمتم الحكم، وأنتم الآن الكتلة الأكبر في البرلمان، والحزب الفائز في البلديات، ما الذي يمنعكم من الانقضاض على الحكم مجددا؟
الانقضاض لا يوجد في الديمقراطية، عندما يتم الانقضاض فهذا انقلاب، ونحن لسنا انقلابيين، بلادنا في مرحلة ديمقراطية ناشئة، وهذه الديمقراطية الفتية لا تتحمل الصراعات الكبيرة، وخاصة ذات الطابع الإسلامي والعلماني، ونحن جربنا ومررنا بتجربة 2012 و2013، وتبين أن حكم 51 في المائة لا يصلح إلا للديمقراطية العريقة، واكتشفنا مفهوم التوافق في الطريق، ولا تزال تونس بحاجة لهذا التوافق، لا تزال الصراعات الكبيرة تسقط السقف وتمثل خطرا على البلاد، تركنا الحكم في 2013 دون انتخابات، وقدّرنا أن بقاءنا في الحكم هو نجاح التحول الديمقراطي سيؤدي ان السقف سيسقط على الجميع، ووجدنا أن الاستمرار والتمسك بالحكم يمثل تهديدا، آثرنا أن تبقى الحرية ونخرج من السلطة، لكن إن انهارت ماذا سنستفيد من الحكم. ثم عدنا إلى الحكم مجددا بالانتخابات، دون ثورة ولا انقلابات، تونس أعز علينا من الحكم، والديمقراطية أعز.
في سياقات التوافق، أنتم وشركاؤكم بصدد التوافق على وثيقة "قرطاج 2" التي سيتم على أساسها تحديد مصير الحكومة والتوجهات، كيف سيكون شكل الحكومة المقبلة؟
سيكون لقاء يوم الإثنين أو الثلاثاء تحت إشراف الرئيس، حول ما توصلت إليه لجان الخبراء، حول الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المطلوبة، وعلى ضوء ذلك سيقع دعم الحكومة وقائمة الوزراء وإجراء التحويرات اللازمة.
هل أنتم مع التعديل الكامل للحكومة أو مع التعديل الجزئي؟
نحن مع استقرار البلاد ومع الاستقرار السياسي، هذا هو العنوان البارز الذي نعمل تحت سقفه.
هل تدعم النهضة بقاء رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، في المرحلة المقبلة؟
كما ذكرت نحن مع الاستقرار الحكومي ومع تثبيت التوافق بين اللاعبين السياسيين والاجتماعيين، ونأمل أن حوار قرطاج سوف يوفر أرضية للتوافقات حول برنامج عمل الحكومة، وعلى ضوئها سوف يقع تقييم أداء الحكومة.
السنة المقبلة 2019، ستكون تونس على موعد مع الاستحقاق البرلماني والرئاسي، نعرف أن السؤال سابق لأوانه، هل ستقدم النهضة مرشحا للانتخابات الرئاسية؟
حتى الآن ماهو واضح، هو أننا سنشارك في الانتخابات المقبلة، ولن نكون محايدين مثل ما كنا في انتخابات 2014، هذه المرة سنشارك، لكن كيف سنشارك، تلك مسألة فيها نظر، فهل سندعم مرشحا آخر أو نقدم مرشحنا فذلك مطروح للتفكير. الأكيد أن هذا الموضوع لن يكون خاضعا للرغبات الشخصية، ولكن سيكون المحدد الأساسي له هو مصلحة البلاد ومصلحة الانتقال الديمقراطي، وتقدير الأوضاع الداخلية والخارجية.
هل يمكن من باب الاحتمال أن يكون الشيخ راشد هو المرشح؟
الموضوع ليس موضوعا شخصيا حتى، وإن كان من الناحية الدستورية الطريق أمامنا مفتوح، لكن كما ذكرت سيكون المحدد هو مصلحة البلاد وحواراتنا مع شركائنا في الوطن.
هل يتم مثلا توافق حول مرشح بين النهضة والنداء؟
نعم، يمكن أن يحصل توافق.
نجاح حزب إسلامي في تونس في التوغل في الديمقراطية، يدفع إلى التساؤل لماذا نجح الإسلاميون في التمشي الديمقراطي؟
أنا مقتنع أن العالم العربي كله سيكون له نصيب من الديمقراطية، لن يبق العالم العربي ثقبا أسود في زمن السماوات المفتوحة، ولكن لكل بلد ظروفه، ولكل بلد طريق نحو الديمقراطية، فليس هناك طريق واحد للديمقراطية، هذا الطريق يختلف بحسب درجة تعقد الأوضاع ودرجة قدرة النخبة على الحوار وصناعة التوافقات بين مختلف تياراتها الوطنية والإسلامية والليبيرالية، بلداننا يجب أن تسع الجميع دون إقصاء.
إذا أسقطنا ذلك على الجزائر، لماذا لم يتمكن الإسلاميون في الجزائر من تحقيق نجاح مماثل لنجاحكم مثلا؟
الرئيس بوتفليقة جنّب الجزائر المحرقة وأوقف الفتنة وفتح أبواب التصالح والوئام الوطني، ثم فتح المجال للمجتمع الجزائري، للإسلاميين ولغيرهم، مجال العمل والمشاركة في الإصلاح الهادئ مع غيرهم، ويبقى للإسلاميين ولغيرهم المجال مفتوحا للتعبير عن عبقريتهم وعن قدرات كل طرف في الإسهام في العمل الوطني الإصلاحي.
جرى حديث عن وساطة تقومون بها بين الجزائر والمغرب.. هل من توضيح بهذا الشأن؟
هذا شرف لا ندعيه، وقد أصدرنا بلاغا ينفي هذا الخبر، إذ لم يطلب منا أي طرف ذلك، ونحن لم نعرض أي مبادرة على أحد ولم نتطوع لذلك. الجزائر شقيقتنا الكبرى ومصالحها ومصالح تونس مترابطة، فهما دولتان جارتان، لذا نجاحنا واستقرارنا مرتبطان. والمغرب الأقصى أيضا أشقاؤنا ونتمنى لهم كل الخير. كما نرجو أن يتم تفعيل اتحاد المغرب العربي حتى يكون إطارا إقليميا فاعلا يطور العلاقات ويساهم في تطويق أي خلافات تحصل، فنحن نعيش في عالم مبني على التكتلات السياسية والاقتصادية.
في تونس متأثرون بسياق الأزمة الليبية، كيف ترون أفق هذه الأزمة في الفترة المقبلة.. وهل من جهود لحلحلتها؟
الأزمة الليبية مؤثرة في تونس، لا شك في ذلك، ولذلك هي مسألة تونسية، لأن الارتباط بين ليبيا وتونس كبيبر، هناك علاقات وتداخل سكاني واجتماعي واقتصادي، ولا نتصور تونس مطمئنة أو هادئة ومنتعشة بما يحصل في ليبيا، العمليات الإرهابية التي هزت تونس وخطط لها، تم الإعداد لها في ليبيا، واقتصادنا هدد وسياحتنا هددت بسبب ذلك، السوق الليبية تتمون من تونس، وبالتالي فهي أثرت على اقتصاد تونس، الدورة الاقتصادية تعطلت، الحليب نصبه في الوديان لأننا لا نجد سبيلا لتسويقه في ليبيبا، منتوجات لا نعرف أين نذهب بها أيضا، لأنها ارتبطت بالأسواق الليبية، ومن مصلحة تونس تهدئة الوضع هناك، قمنا بجهود ومازلنا، والدولة التونسية قامت بدور وجهود لتهدئة الوضع في ليبيا ونأمل أن يستتب السلم.
هل أنتم مع فكرة إشراك رموز من النظام القديم، سيف الإسلام القذافي مثلا، في المصالحة وحل الأزمة؟
نحن مع المبادرة التي قام بها الرئيس الباجي قايد السبسي، وهي مبادرة تونسية ومصرية وجزائرية، للأسف لم تأت أكلها بعد، لكن تقديرنا أن تونس والجزائر قادرتان على جمع الأطراف الليبية، وقادرتان على حلحلة الأزمة بالتعاون مع مصر، والجزائر تستطيع أن تقوم بدور مساعد للإدماج والمصالحة، واعتقد أن الوفاق الوطني في ليبيا يجب أن لا يتجاهل النظام القديم، ولا يستبعد أنصار النظام القديم، لأنه مكوّن من مكونات الساحة الليبية، وهو جزء من المعادلة باعتباره مكوّنا من مكونات الساحة الليبية، ولا يمكن استبعاده، تماما مثلنا نحن في تونس تجنبنا أي سياسة إقصائية لجزء من النظام القديم، لا يمكن أن نصدر قانون تجريم الجميع، وتجنبنا نهج سياسة إقصائية للنظام القديم، ولذلك ليس من السهولة بالنسبة للنظام الذي حكم ليبيا خلال نصف استبعاده الآن.
في ذكرى النكبة وقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، لاحظنا تبدل مواقف الدول العربية وجريا وراء التطبيع، وزير الخارجية البحريني اعتبر أنه من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها.. كيف تفسر هذه المسارات المتناقضة مع إرادات الشعوب؟
وصل مشروع أوسلو إلى نهايته وإلى مأزق، ووصل بأبي عمار إلى أن يغتال، العجيب في الأمر أن تتكرر هذه المساعي وهذه المسالك دون اتعاظ بالماضي، المطلوب هو دعم الشعب الفلسطيني وليس المزايدة عليه، إن كانت هناك مفاوضات لماذا نقوم بها في مكانه، فهو الأولى بذلك، المطلوب هو الوقوف مع الشعب الفلسطيني وليس المزايدة عليه.
بعض دول الخليج لديها موقف من التيارات الإسلامية، قبل فترة التقيتم بالسفير السعودي، كيف يمكن فهم هذا اللقاء، هل هو محاولة لتغيير صورة سياسية لدى طرف معين؟
نحن حريصون على علاقات طيبة مع كل الدول العربية، لا نتدخل في شؤون البلدان العربية، حريصون على أن تكون علاقتنا طيبة مع كل السفارات العربية وغير العربية التي تقبل مبادلتنا العلاقة، ومن اتخذ موقف المقاطعة، لا نعاديه، المملكة السعودية هي قبلة المسلمين وبلد كبير، وحريصون على علاقات طيبة معها، ثم إننا نحن جزء من الحكومة، لهذا وفي علاقتنا الخارجية نحن وراء السياسة الرسمية، وراء الدولة والرئيس، ونحن لا مزاحمين ولا قافزين على سياسة الدولة، حتى في جولاتنا الخارجية نحن ندعم سياسة الدولة، ولا نحدث مشكلات للدولة، باعتبارنا مشاركين في السلطة، ولا نحدث مشكلة للوضع العام في تونس، إن استطعنا أن نخدم سياسة بلدنا الخارجية، وأن نجلب المنفعة لبلدنا، سنفعل.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 14/05/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : عثمان لحياني
المصدر : www.elkhabar.com