الجزائر

للمراسلين فقط!



كتبت سنة 1987 عمودا تحت عنوان ''الصحافة الكلبية''، وكان هذا العمود سببا في توقيفي عن العمل والكتابة مدة سنة كاملة، بأمر من الرئيس الشادلي بن جديد، حسب رواية وزير الإعلام، آنذاك، رويس رحمه الله.
كانت فكرة العمود مستوحاة من برقية لوكالة الأنباء الجزائرية بعث بها مراسل الوكالة، مفادها أن والي المسيلة، آنذاك، جمع مديري الهيئة التنفيذية بولايته، وهددهم بإطلاق الصحافيين المراسلين بالولاية عليهم، إذا لم يقوموا بدورهم المطلوب منهم! قائلا لهم: إذا لم تعملوا سأحرش عليكم الصحافة!
وخرج الزملاء المراسلون بهذا الدور ''الكلبي'' الذي أسنده إليهم الوالي المحترم، وفرحوا بوضعهم هذا، عوض أن يرفضوا منطق الصحافة الكلبية هذا الذي أعطاهم إياه الوالي.؟!
وكتبت هذا الكلام في صحفية ''النصر''، ونددت بموقف الوالي هذا ضد الصحافة، ولم أذكر الولاية، لأن ما يهمني ليس الولاية، أو الوالي، بل ما يهمني هو الفكرة والعقلية!
وكان شقيق الرئيس بن جديد واليا على قسنطينة.. وقد يكون فعل الشيء نفسه مع الصحافيين في الولاية.. لذلك رأى في العمود أنه موجه ضده، فقام بفعل ما فعل ضدي، عبر وزير الإعلام رويس.. وترجم العمود الزميل عابد شارف، ونشره في وكالة الأنباء الفرنسية، وقرأه الوالي والوزير في وكالة الأنباء الفرنسية، وليس في جريدة ''النصر'' بالطبع.
قد يتساءل القارئ، وهو محق، لماذا أذكر هذه الحكاية اليوم. والجواب: لأن زميلا مراسلا بجريدة وطنية خاصة هاتفي، مرعوبا من ولاية المسيلة، قائلا لي: احذر! لأن رئيس المجلس الشعبي الولائي لولاية المسيلة طالب، في كلمة افتتاحية لدورة المجلس، السلطات العليا في البلاد أن توقفني عن الكتابة، لأن العمود الذي كتبته، منذ أيام، تحت عنوان ''الجزائر على أبواب خريف غضب'' لم يعجبه، واعتبره تحريضا على الثورة ضد المسؤولين المحليين؟!
ومع أن الوقائع التي ذكرتها في هذا العمود تخص ولايتي سكيكدة وقسنطينة، إلا أن مسؤول ولاية المسيلة اعتبر نفسه معنيا بالعمود! وهذه شهادة أعتز بها، كوني أكتب عن شيء يخص الجميع، وليس جهة بعينها!
وكم تمنيت لو أن هذا المسؤول تحدث، في خطابه، عن الكهرباء المقطوعة في ولايته، وعن الماء المقطوع، وعن الفساد والبطالة في ولايته! عوض أن يهتم بما هو من اختصاص وزير الإعلام ومصالح الأمن!
ومع ذلك أشكر هذا المسؤول المحلي على نباهته الوطنية، كونه اكتشف، بحسه الوطني، أنني خطر على الأمن العام والمصالح العليا للبلاد، ليس في ولايته فقط، بل وعلى مستوى الوطن كله، وربما أمس، أيضا، بكتاباتي بالسلم والأمن الدوليين؟!
أطلب من هذا المسؤول المسيلي العفو عما بدر مني ضد الوطن، وأعده بأن أنضم إلى ''المجموعة الكلبية'' في ولايته، وأنهش بقلمي مع الناهشين لحم من يقف ضده! في سياق النظرية المسيلية للصحافة الكلبية! ولكن ''دبارة'' هذا المسؤول على وزير الإعلام، تشبه ''دبارة'' العجوز خيرة على أهل مفرة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)