الجزائر

لعنة الرئيس على الأميركيين اليهود



لعنة الرئيس على الأميركيين اليهود
بقلم: محمد الأزعر*بدأت قطاعات يهودية أميركية تستقبل بعض تداعيات خطاب التمييز والتربص الذى أطلقه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحق المهاجرين واللاجئين والملونين والمختلفين مذهبياً عن المؤسسين الأوائل للولايات المتحدة.حدث ذلك بشكل أسرع مما توقعنا. السلطات الاتحادية الأميركية تحقق راهناً فى تلقي جهات يهودية أكثر من مئة إنذار بالتفجير منذ منتصف فيفري الماضي.في مقبرة يهودية بولاية ميسوري تم تدنيس أكثر من مئة قبر وهذا معدل مرتفع للحوادث المماثلة قياساً بأحوال اليهود المنتشرين فى عشرات الولايات منذ عشرات السنين.بيل دي بلازيو رئيس بلدية نيويورك علق على هذا المستجد قائلاً (لم نشهد قط فترة تهديدات ضد المواطنين اليهود مثلما جرى في الأسابيع القليلة الأخيرة وهذا يدعونا للقلق أكثر من أي شيء آخر عرفناه منذ سنوات طويلة).ترامب وصف هذه الحوادث بالمخيفة معتبراً إياها تذكيراً محزناً بأنه لا يزال يتوجب فعل الكثير لاجتثاث الكراهية والأحكام المسبقة لدينا بلد منقسم وسوف نمضي إلى لم شمله.انظروا من يتحدث وماذا يقول؟!إنه رجل أميركا الأول المسؤول خلال العام الأخير على الأقل عن استثارة النزعات والميول الانقسامية والتمييزية ليس فقط بين الأميركيين وغيرهم بل أيضاً بين الأميركيين أنفسهم.الرئيس الأميركي الجديد مشبع بأيديولوجيا المؤسسين الأوائل للولايات المتحدة من البيض الأنجلوساكسون البروتستانت.وهو يحسب أن صعوده لسدة الحكم انتصار لهذه الأيديولوجيا ويبدو غافلاً عن الأضرار المترتبة على الانحياز لهذه الشريحة بالنسبة للاجتماع السياسي فى الدولة الأميركية وكذا لتوجهاتها وسياساتها الداخلية والخارجية.تقديرنا أن التعرض بالإيذاء للمعالم اليهودية فى الولايات المتحدة ووضعها قيد التهديد بالقول أو بالفعل هو أحد تجليات قناعة بعض الأميركيين بخطابه ورسالته المنفصلة عن الواقعين الأميركي والدولي.حين تطاول ترامب على بعض الفئات والشرائح واشتمت فى مواقفه رائحة التمييز والفرز طبقا للهويات الإثنية والدينية والأصول الجهوية وضعت قطاعات يهودية أميركية يدها على قلبها وتوجست خيفة من استطراد هذه التوجهات إليها.بلغ التدبر فى الأمر حد اشتباك بعض الرموز اليهودية مع الرئيس وشجب تصريحاته ضد اللاجئين المسلمين كونها تشجع بزعمهم على معاداة السامية.بغض النظر عن مدى الاعتقاد فى وجود اللاسامية من عدمها أصلا ينبغي الاعتراف بأن الواقع أثبت صحة هذه التوقعات.لقد تأكدنا الآن من الأسباب التي دفعت زهاء 70 فى المئة من اليهود الأميركيين إلى عدم التصويت لترامب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة رغم احتفاء الإسرائيليين به.تقول الاستطلاعات إن المتوجسين من التمييز فى زمن ترامب وبطانته يمثلون أغلبية ساحقة بين اليهود الأميركيين وإن أقل من 10 فى المئة فقط من هؤلاء هم الذين يعتبرون إسرائيل هي القضية الأهم فى أجنداتهم وتحديد أولوياتهم.هذا يعنى ببساطة أن العلاقة الحميمة بين ترامب وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من شأنها تنمية مشاعر المودة لدى الإسرائيليين فقط ولن يكون لها تأثير إيجابي عند اليهود الأميركيين هذا ما ذكره تحديداً الكاتب صموئيل روزنر فى نيويورك تايمز.الحال كذلك فإن هوجة ترامب أظهرت الفارق بين يهود الولايات المتحدة ويهود إسرائيل.تتوقف درجة وضوح هذا الفارق واتساع مساحته أكثر فأكثر على مستوى قوة تيار المنحازين إلى أيديولوجية ترامب وتكييفاته الفكرية وإجراءاته العملية بين سواد الأميركيين المتحفزين ضد عوالم الآخرين بما فى ذلك اليهود عموماً.الشاهد فى هذا السياق أنه من المحتمل جداً أن يؤدي عهد ترامب إذا ما قدرت له الديمومة إلى انشغال اليهود الأميركيين بشؤونهم وشجونهم ومستقبلهم الأمر الذي سوف يخصم من اهتمامهم بإسرائيل وقضاياها بالغة التعقيد فى الرحاب الشرق أوسطية وراء أعالى البحار.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)