الجزائر

لجؤوا من الأندلس وجنّسهم الاستعمار الفرنسي.. ماذا تعرف عن يهود الجزائر؟



لجؤوا من الأندلس وجنّسهم الاستعمار الفرنسي.. ماذا تعرف عن يهود الجزائر؟
هنا قبر من كان مفخرة لنا و مصدر قوتنا، من كان تاجًا على رؤوسنا، ضوء إسرائيل ومعلمنا، من كان منكبًا على الأشياء الإلهية. مشهورٌ في زمنه وصاحب معجزات، سيد هذا المكان الحبر الأعظم: أفرايم ألانكاوه.

هذه هي الكلمات التي خُطَّت على شاهد قبر الحاخام اليهودي «أفرايم ألانكاوه»، الذي صار معبدًا للحُجّاج اليهود الزائرين لمدينة تلمسان التي تقع في شرق الجزائر حتَّى التسعينات من القرن الماضي. في يوليو (تموز) من سنة 2014، أعلـن وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري «محمد عيسى» عن نيته إعادة فتح المعابد اليهودية المغلقة، وقد قُوبلت هذه النوايا بـاعتراضات إسلاميين اعتبروا القرار استفزازًا لمشاعر الجزائريين، وقد كان تبرير الخطوة من وزير الأوقاف الجزائري أنَّ «الدستور الجزائريّ يكفل حرية المعتقد» ليتراجع بعدها الوزير بضغط الشارع، ويصرّح أنه ليس لديه جدول محدد لإعادة فتح هذه المعابد اليهودية، لافتًا إلى أن ممثّلي الجالية اليهودية أنفسهم غير متحمسين لإعادة فتح معابدهم خوفًا من تعرضها لاعتداءات.

لكنّ الجدل عاد مجددًا حول اليهود وتواجدهم بالجزائر، بعد بثّ فضـائية «الشروق» الجزائرية الخاصة لتحقيق حول اليهود بالجزائر. في هذا التقرير نحاول تسليط الضوء على تاريخ هذه الطائفة في الجزائر والتحوّلات التي طرأت بها منذ القديم مرورًا بالاستعمار الفرنسيّ وحتى الوقت الراهن.

يهود الجزائر.. منذ عهد الفينيقيين
الجذور التاريخية لتواجد اليهود بالجزائر لم تعِرف إلى اليوم توافقًا اوضح الباحثين والمؤرخين، فهناك من رجّح بداية توافدهم على الجزائر إلى عهد الفينيقيين قبل 3 آلاف سنة؛ وهذا ما ذهب إليه مؤرّخون إسرائيليون كالمؤرخ حاييم سعدون في كتابه «الجالية اليهودية في الجزائر»؛ إذ يرى أنّ الدفعة الأولى من اليهود وصلت إلى شمال أفريقيا مع مجيء الفينيقيين في القرن الثامن قبل الميلاد؛ ويضيف سعدون: «وهذه الفئة تُدعى «توشافيم» بالعبرية أي الأهالي بالعربية، وقد انصهرت في المجتمع الجزائري، ولولا اختلاف الدين والطقوس والطبائع النفسية المكتسبة من سنين التشرد لأصبحوا جزائريين بعمق الانصهار، ولذلك أطلق عليهم لقب «اليهود الأصليين». وهذا ما أكّده دالي يوسف شريف أستاذ علم الأنثروبولوجيا بجامعة الجزائر، بقوله: إن «وثائق تاريخيةً عدّة تؤكد أن الوجود اليهودي في الجزائر، يعود إلى العصر الفينيقي».

ويرى الباحث والصحافي الجزائري «فوزي سعد الله» في كتابه «يهود الجزائر هؤلاء المجهولون» أنّ الوجود اليهودي بالجزائر يعود إلى مرحلة ما قبل الميلاد، ويصف علاقتهم بالجزائريين بالحسنة عمومًا إلى غاية بداية الاحتلال الفرنسي للجزائر؛ إذ أدّى هذا الاحتلال إلى القضاء على التعايش اوضح يهود ومسلمي الجزائر، في وقتٍ ربط فيه البعض توافدَ اليهود على الجزائر إلى مرحلةٍ ثانية تعود إلى فترة سقوط الأندلس، وما أعقبها من مجازر محاكم التفتيش، التي أجبرت قطاعاتٍ عديدة من اليهود على الهجرة إلى بلاد المملكة المغربية الإسلاميّ.

ويذكر الباحث في التصوف، ومؤسس المنتدى الأورومتوسطي للحوار اوضح الأديان، الدكتور صاري علي حكمت أنه «بعد سقوط الأندلس، هربّ الكثير من اليهود والمسلمين إلى بلدان شمال أفريقيا، ومنها الجزائر، واستقروا فيها؛ ويشير حكمت إلى أن عشرات الآلاف من يهود الأندلس توجّهوا إلى الجزائر حيث استقّر عدد منهم في المدن الجزائرية (تلمسان ومعسكر والعاصمة وقسنطينة) وعدد آخر من الولايات الشمالية الساحلية، إلا أن عددًا قليلًا منهم ذهب إلى الواحات الصحراوية جنوب الجزائر، وحسب المؤرخ الإسرائيلي حاييم سعدون فالوافدين إلى الجزائر في تلك الفترة يسمون «الميغورشليم» بالعبرية، وتعني المطرودين من إسبانيا».


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)