الجزائر

"لازمني الخوف عندما كتبت الفكرة الفلسفية للمونودرام المزدوج"




الجمهور المسرحي الجزائري جريء جدا ولا يجاملوجدت كل التعاون من محافظة المهرجان الدولي للمسرح في بجاية يتحدث المخرج المسرحي العراقي المقيم في أمريكا ميثم السعدي في هذا الحوار مع جريدة ”الفجر” عن معاناة المثقف العراقي في ارض الغربة ، كما تطرق الى المشروع الذي جسده ركحيا في مهرجان المسرح الدولي ببجاية اكتوبر الماضي والذي يدخل ضمن نمط مسرحي جديد يدعى المونودرام المزدوج، حيث لاقى هذا المشروع نجاحا واستحسانا كبيرا من طرف المختصين والجمهور على حد سواء. قدمت السنة الماضية مشروعا مسرحيا وتم تقديم المشروع في المهرجان الدولي للمسرح ببجاية فهل لك أن تحدثنا عن هذا المشروع؟ ثنائية العرض المونودرامي المزدوج (فوبوس وديموس) لقد استوحيت الفكرة بناء على افتراض افترضته وهو: افترضت أن مجموعة الفنون كمجموعة الكواكب الشمسية وافترضت أن الفنون المسرحية مثل كوكب المريخ، وافترضت أن ثنائية العرض المونودرامي المزدوج هي تشبه قمري المريخ حيث فحين يافل فوبوس يظهر القمر ديموس.. وكذلك فإنني قد استوحيت هذا من فكرة تحدث عنها أبو لينير حين كتب مقاله عن مسرحيته الشهيرة اثداء تريسياس إذ قال ”كنت أريد أن يكون المسرح دائريا والجمهور يحيط المسرح من جميع الجهات وأن يكون مسرح دائري آخر خلف الجمهور تكون عليه الفرقة الموسيقية والراقصين وعليه الديكور وهذا يعتبر شيء باتافيزيقي تبناه رائد العبث ومؤسس كلية الباتافيزيقيا يوجين يونسكو.. فقلت مع نفسي إذن أقسّم المسرح إلى قسمين ولكل قسم عرض مسرحي مستقل بذاته من ناحية التمثيل والنص والديكور والسينوغراف والإضاءة .. وقد قمت بتجربة بسيطة هنا في أمريكا على مشاهد قصيرة فنجحت الفكرة لأن الجمهور الخاص قد استوعب وفهم المشاهد جميعها وحين بدأت في التمارين مع الفنان الصاعد بوبكر شرفي والفنانة المتألقة فتيحة وراد وتوالت المشاهد استضفنا مجموعة من المتخصصين وسالتهم هل فهمتم المسرحيتين قالوا نعم واستمرينا بالعمل ثم جاء يوم العرض وكنت خائفاً جدا لكن الحمد لله أن العرض كان ناجحا بشهادة الجمهور الذي اكتض بالمسرح.. وبعد عودتي بدأت اشتغل على التطوير.. فكانت أول خطوة هي إطلاق العنان للمشروع وأن لا أجعله مقتصرا على نصوص المونودراما وتجربتي الجديدة تجربة تنتمي إلى مدرسة العبث وأنا متفائل جدا بنجاحها لأنها أكثر احترافية وقد تلافيت بعض الأخطاء التي حصلت في الطبعة الماضية.ثنائية العرض المونودرامي المزدوج فكرة جديدة على المسرح في العالم وأنت صاحب هذه الفكرة ألم تتخوف من عدم نجاحك في تجسيد هذا المشروع؟- نعم لقد لازمني الخوف عندما كتبت الفكرة الفلسفية بشكل نظري حين بدأت.. لكن التجارب التي أجريتها قبل حضوري لمهرجان بجاية الدولي كانت مقبولة.. أما نجاحها الحقيقي فكان في طبعة مهرجان بجاية الدولي للعام الماضي بجهود ومثابرة الأخوين أبو بكر شرفي وفتيحة وراد ودعم ورعاية الأستاذ الكبير عمر فطموش وتوجيهات الاستاذ الدكتور سيد علي اسماعيل من جامعة حلوان بجمهورية مصر العربية.. وتشجيع الإخوة والأساتذة وأذكر منهم المخرج الفنان هارون الكيلاني الرائع.كيف تقيم العمل الذي قدمته والنجاح الذي لقيته عند جمهور المسرح؟ في المؤتمر الصحفي الذي أقيم بعد العرض تحدث الدكتور سيد علي اسماعيل عن التجربة وتحدث عن الأخطاء التي رافقت العرض من الناحية الإخراجية وهذا ما كنت قد أخبرت به كل الكادر الذي عمل معي ممثلين وسينوغراف وفنيي الإضاءة والموسيقى وحتى إنني أخبرت الأستاذ عمر فطموش أن هناك فقرة عنوانها الدروس والعبَر حيث أتكلم عن الأخطاء التي حصلت أيام التمارين ويوم العرض وقد حصل ذلك إذ تحدثت عن الأخطاء وقلت إن كل بني آدم خطاء وخير الخطّاؤون التوابون وهو حديث نبوي وتحدثت عن الأخطاء التي صححتها أثناء التمارين والدكتور سيد علي تحدث عن ذلك وقال أن التجربة قد نجحت وأن الجمهور فرح بالعرض المسرحي وأتذكر أن الأستاذة حميدة آيت الحاج قالت لي لماذا يا ميثم لم تجعل العرض أكثر من 45 دقيقة؟ لأنها كانت مستمتعة بالعرض والجمهور كذلك ولأن فرحة نجاح العرض غمرتني فقد إنهالت الدموع وأجهشت بالبكاء على المسرح عند تحية الجمهور وأكثر شيء لفت انتباهي أن الجمهور المسرحي الجزائري جريء جدا ولا يجامل إذ أنه يترك العرض إذا لم يجد فيه ما يبحث عنه من متعة وفكر وجمال.هل وجدت التعاون مع محافظة المهرجان الدولي للمسرح بالجزائر جيدا وهل ساندوك في تقديم عملك؟لا لم أجد التعاون.. بل كان أكثر بكثير من كلمة تعاون ووجدت نفسي مغمورا بمحبة الفنانين الجزائريين والرعاية الكبيرة من محافظة المهرجان والعاملين في المسرح الجهوي في بجاية من فنانين وتقنيين وإداريين.. لابد أن نعرف أن أفضل تعاون هو التشجيع على الاستمرار حتى الوصول إلى الهدف وهو النجاح وهذا ما لمسته من محافظ المهرجان الأستاذ عمر فطموش ومساندة الأخ الفنان الكريم جمال عبد اللّي..والتقنيين رفيق وكريم والعياشي والأخوين سمير وسفيان من المسرح الجهوي.. لم أشعر بالغربة كأنني كنت بين أهلي وإخوتي وهذا سر النجاح. المسرح إذا لم يكن في خدمة الأوطان والشعوب وطرح قضاياها يفقد أهدافه السامية ويصبح مجرد ثرثرة وتهريجالجزائر أول دولة عربية تتبنى تطبيق هذا المشروع النظري الخاص بثنائية العرض المونودرامي كيف ترى هذا؟دائما أقول وليس تملقا بل هي حقيقة حية وإن لم تروق للبعض وهي أن الجزائر لها خصوصية خاصة في روحي وهي تستحق أن أقول أنها أمي التي رعتني بعد موت الأمل.. نعم الجزائر بكل فخر أفتخر أنها الرائدة الأولى في العالم لمشروعي الجديد ثنائية العرض المونودرامي المزدوج.. ولمحبتي بأمي التي رعتني بقيت عشرة أشهر بعد عودتي أعمل ليل نهار لتطوير المشروع فصار التغيير جذريا حتى العنوان صار ”ثنائية العرض المسرحي” وقد تفضل الفنان باسم مهدي رئيس جمعية التشكيليين في بريطانيا بتصميم لوغو للمشروع أرفقه ضمن ملف الأسئلة.. وعبر هذه السطور وجريدتكم الغراء أتقدم بشكري الكبير على ما تفضلت به الأستاذة الدكتورة أسماء غريب حيث كتبت دراسة تفكيكية تفصيلية عن المشروع ونسخته التطبيقية الماضية وعن النسخة الجديدة إضافة إلى ذلك أنها تفضلت بترجمة نص بعنوان (مدارات على كوكب شمسي) إلى اللغة الايطالية وكتبت عنه دراسة نقدية أيضا لكونه ينتمي إلى المدرسة التكعيبية والمسرح البيرانديللّي مسرح داخل مسرح وقد توجت هذه الدراسة في كتاب تبناه الأستاذ محافظ مهرجان بجاية الأستاذ الفاضل عمر فطموش المحترم مشكورا وسوف أرفق صورة الغلاف أيضا.. نعم الجزائر رائدة المشروع وتستحق الجزائر كل الحب والوفاء والإخلاص.. وملاحظة مهمة أقولها أن الرعاية المعنوية تصنع المعجزات أما الرعاية المادية فهي لن تصنع النجاح كما تصنعه الرعاية المعنوية.. شكرا بعدد حبات المطر لكل من وقف معي لنجاح فوبوس وديموس.تشتغل حاليا على مشروع جديد وتسعى لتطبيقه على الخشبة فهل لك أن تعطينا فكرة عن هذا المشروع؟لمسرح إذا لم يكن في خدمة الأوطان والشعوب وطرح قضاياها يفقد أهدافه السامية ويصبح مجرد ثرثرة وتهريج .. ولو استعرضنا بعض التجارب المسرحية في العالم لوجدنا أن كلامي صحيح مائة بالمائة، ”بستان الكرز” لتشيخوف، ”أنظر إلى الوراء بغضب” لجون أوزبورن البريطاني وهي كانت ثورة وقد أطلق مسرح الغضب على أسلوب أوزبورن، ”آلام الشجاعة” لبرتولد برخت، ”رسالة الطير” للأستاذ قاسم محمد، وأعمال كثيرة جدا جدا، ومشروعي الجديد يتناول قضيتين رئيسيتين عاشها ويعيشها الشعب العراقي على وجه الخصوص لأنه مر بأبشع أربعة حروب في العصر الحديث وما يحدث الآن أسوأ بكثير مما سبقته من أحداث مأساوية أبشع من القتل. القضية الأولى أتناول فيها قصة فتاة كلما تتشبث بأمل بعد يأس يذبح أمام أعينها..القضية الثانية أتناول فيها قصة أستاذة جامعية تتعرض إلى انتهاك يحيل حياتها إلى جحيم..طبعا لم أحب أن أتحدث عن النصوص بشكل تفصيلي ومركز لأنني أحافظ على أن لايحترق العملين قبل مشاهدتهما.. الموضوعين للمسرحيتين ليس كما يتخيل القاريء مما ذكرته عن القضية الأولى والقضية الثانية أبدا ..النص الأول بعنوان سنة حلوة يا ذبيح والنص الثاني بدأت بكتابة المشهد الأول حين كنت في بجاية العام الماضي وقد تعلقت بفكرة النص الفنانة فتيحة وراد لكن تسلسل الأحداث قد أخذ منحى آخر أجمل بكثير مما كنت قد رسمته للأحداث.. كلا المسرحيتين سيكون لهما وقع مؤثر على النظارة .. أما فلسفيا بخصوص ثنائية العرض المونودرامي المزدوج فقد جرى عليه تجديد وتغيير وإضافات وأصبح العنوان أكثر شمولية ”ثنائية العرض المسرحي” فوبوس وديموس وهما قمري المريخ كما ذكرت في بداية اللقاء ..التجربة الجديدة أكثر احترافية وأكثر جمالا وقد هيأت كل ما يخص المسرحيتين خصوصا الموسيقى التصويرية والأناشيد حيث صار تعاون بيني وبين الفنان الموسيقار رعد بركات وكذلك مع الفنان الملحن حسن حامد وستكون مفاجئة رائعة للجمهور وللزملاء المختصين.. وأتمنى من الله أن يلهمني أيام التمارين بكل ماهو جمالي بديع. أنت من المثقفين العراقيين الذين يعيشون في أمريكا، ورغم البعد عن الوطن غير أنك تسعى دائما لتقديم فنك وإيصاله للجمهور، فهل الغربة تقف حاجزا أمام الإبداع؟سؤال جميل ومهم جدا، وأحب أن يعلم كل الإخوة القراء أن كل المسرحيين الجادين وخاصة المسرحيين العرب على وجه الخصوص فالمسرح يسري في دمائهم ولا يمكن لأحدهم أن يتنفس دون المسرح.. المسرح أكسجين يمنحني الحياة ولا يوجد عمل مسرحي ناجح إذا لم يمر بمنغصات وكما قال جان كوكتو (إذا شعر الفنان بدفء وسادة عليه أن يركلها جانبا) أما الشق الثاني من السؤال فله إجابتين الأولى الغربة تقف حاجزا أحيانا إذا كانت الحياة المعيشية صعبة خاصة أصحاب العوائل وهي بنفس الوقت تكون حافزا للاستمرار فإن لم أشاهد عملا مسرحيا أقرأ نصا مسرحيا او اكتب فكرة او نصا مسرحيا، والثانية الغربة تكون حافزا للإبداع أكثر من أن تكون حاجزا. دائما أقول وليس تملقاً بل هي حقيقة حيّة وإن لم ترق للبعض وهي أن الجزائر لها خصوصية خاصة في روحي وهي تستحق أن أقول أنها أمي التي رعتني بعد موت الأملكيف تقيم الوضع الثقافي في العراق والمسرح العراقي في ظل الأوضاع الراهنة التي تمر بها البلاد؟سؤال صعب صعب جدا الاجابة عليه، شهادات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه قد حصل عليها 70 بالمائة بالرشاوى والعلاقات والمحسوبيات والانتماءات وتحت تهديد السلاح أيضا خاصة الفترة من 2004 إلى 2008 خاصة الكليات الأدبية وكليات التربية والفنون والرياضة إضافة إلى الكليات الأهلية حيث النجاح لكل من يدفع القسط السنوي وقد تم اغتيال عشرات الأساتذة وعلى الرغم من كل هذا فهناك من حصلوا على شهاداتهم باستحقاق عالي جدا، وعلى الرغم من كل ما حصل ويحصل إلا أن المثقف العراقي الفنان المسرحي والتشكيلي والموسيقي والأدباء والشعراء لم يتأثروا بما يحدث بل إن غالبية كبيرة استمرت بالنهج القويم واستمرت ترسم وتكتب وترفض.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)