الجزائر

لا شيء تغيّر! :



لا شيء تغيّر!                                    :
قبل سنتين، وفي غمرة ثورات الربيع العربي التي أحدثت زلزالا في الخريطة السياسية للمنطقة، عندما أسقطت عروش وثبت الرعب في ''كروش''، خرج رئيس الجمهورية بخطاب إلى الأمة، حمل وعودا وردية بغد سياسي أفضل.. تعهدات لا أول لها ولا آخر بتنظيم انتخابات نظيفة وشفافة ونزيهة، والتزامات لا عدّ لها ولا حصر بإنتاج دستور جديد يليق بطموحات الشعب الجزائري في المزيد من الانفتاح والديمقراطية، وتحرير حقيقي للمجال الإعلامي.
اليوم وبعد سنتين من إطلاق تلك الوعود ''التاريخية''، اكتشف الجزائريون بأن شيئا لم يتغير في حياتهم، فلا شفافية ولا نزاهة، ولا انفتاح ولا هم يحزنون.. ولم يكن ذلك غريبا أو مفاجئا، لأننا ندرك تمام الإدراك بأن الوعود التي لا تنبع من إرادة حقيقية ونية صادقة، مفعولها كمفعول الدواء منتهي الصلاحية، الذي يضر أكثر مما ينفع، والذي يفاقم المرض عوض معالجته.
لا شيء تغيّر في حياة الجزائريين الذين غمرتهم الفرحة بعد علمهم بقرار رفع حالة الطوارئ قبل أن يصدموا ببقاء الحواجز الأمنية في مكانها.
ولا شيء تغيّر في حياة الجزائريين، الذين اجتاحهم الأمل وهم يستمعون إلى رئيسهم معترفا ''طاب جناننا''، ثم اكتشفوا في حكومتهم الأخيرة بأن ''تسليم المشعل'' للشباب لن يكون غدا.
ولا شيء تغيّر في حياة الجزائريين، الذين اكتشفوا بأن التعددية الحقيقية ليست بضع أوراق تسلّمها وزارة الداخلية إلى فرد أو جماعة.. اكتشفوا بأن توزيع ''الريع الحزبي'' الأخير ساهم فقط في زيادة عدد السرّاق ومضاعفة مساحة الاحتيال والمحتالين.
ولا شيء تغيّر في حياة الجزائريين، الذين اكتشفوا في الموعدين الانتخابيين الأخيرين بأن النزاهة والشفافية مجرد سراب كان يحسبه الظمآن ماء.
ولا شيء تغيّر في حياة الجزائريين، الذين يصدمون يوما بعد يوم بتأجيل، بدأ ولن ينتهي، لموعد إطلاق قانون السمعي البصري وتحرير الفضاء المحلي من احتكار ''اليتيمة''، والتأجيل في هذه الحالة لا يمكن أن ينم عن نية حسنة أو إرادة سليمة. فعندما أرادت السلطة الخروج من ضغط الربيع العربي فرضت قوانينها العضوية في وقت قياسي، استغلت مخابرها ليلا ونهارا، سرا وجهرا، وواضب نوابها البلداء على حضور جلسات البرلمان وملئها ضجيجا وعويلا، ومنذ أن شعرت بأن الطوق بدأ يتسع حول عنقها، وبأن الغرب يسارع إليها مادا يده في جيوبها التي امتلأت حد التخمة بملايير الدولارات، عادت إلى سرعتها الحقيقية في معالجة انشغالات الأمة، سرعة السلحفاة. فما الذي يجبرها اليوم على احترام تعهداتها الخاصة بفتح مجال السمعي البصري؟ وما الذي ''يفرض'' عليها اليوم الإسراع في تنفيذ قرار تعتبره الأخطر على وجودها؟
الغريب في السلطة الجزائرية أنها تصر على عدم الاستفادة من دروس التاريخ، قريبه وبعيده، التاريخ الذي يؤكد لنا في كل مرة بأن أخطر ما يهدد أي نظام سياسي هو إمعانه في الغلق والتضييق، وفي إنتاج المزيد من الزيف والوعود الكاذبة.

[email protected]


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)