الجزائر

لا زعيم بعد مانديلا



لا زعيم بعد مانديلا
رحل كبير كبار القرن العشرين نيلسون مانديلا، واستحق ما يمكن وصفه بأكبر جنازة في العالم، لم يُقمْها قوم لزعيم مثله. هذا الرجل الذي فدا بنفسه شعبا كاملا، وحرره من العبودية والميز العنصري، ولم ينزعج من أطول حبس انفرادي يخضع له مناضل سياسي في القرن الماضي. وأكثر من ذلك اعترفت له البشرية جمعاء بالمكانة التي استحقها في هذا العالم، ولا يمكن أن يتصور أحد جنازة لعظيم في هذا الزمن تضاهي جنازة نيلسون مانديلا.ثم هل بقي في هذا العالم زعماء؟ في الوقت الذي صار ميسي ورونالدو وإيمينام وغيرهم “الأيقونات” الجديدة والفريدة لكل المقبلين على المستقبل من سكان المعمورة، يقلدهم مراهقو وشباب اليوم في كل المجتمعات باختلاف أديانها وأنظمة حكمها ومستويات تقدمها، وهم الذين سيصنعون عالم الغد. صاروا “أيقونات” بتسريحات شعرهم ومراوغاتهم، ويتمنون كلهم أن يبلغوا ما بلعوها في مجال الأموال التي يجنونها من الومضات الإشهارية التي تلاحقهم في كل لحظة.هل بقي في هذا العالم زعماء؟ خاصة في البلدان التي يموت فيها الصبيان والنساء جوعا وتتهاطل على مدنها وقراها القنابل المميتة والغازات الخانقة، ويحضر فيها حكامها مواقع آمنة لهم ولذويهم في الدول التي نفذوا سياساتها وخطط نهبها لخيرات أولئك الذين سيتركونهم يتقاتلون فيما بينهم بعد أن تسقط دولهم.لن يقيم شعب في العالم جنازة لزعيمه تضاهي جنازة نيلسون مانديلا الذي أحبه شعبه في جنوب إفريقيا، وأحبته مجموع شعوب العالم لأنه ناضل من أجل رفع الميز العنصري على سود جنوب إفريقيا. ولما انتصر زهد في الكرسي وأنهى أيامه نظيفا، وأوصى بالعودة من حيث أتى وأن يدفن في القرية التي رأت عيناه النور فيها.في الجزائر تحدّث كثير من المجاهدين عن نيلسون مانديلا وقالوا، ولم يكذبوا، إنه استوحى نضاله مما تعلمه في جيش التحرير الوطني أيام الصورة الجزائرية. وهو أمر بقدر ما يبعث الفخر فإنه في الوقت نفسه يسبب الإحباط، لأن الجزائريين عاشوا مع الذين علموا مانديلا كيف يحرر شعب بلاده، وهم يفبركون رئيسا لبلادهم مباشرة بعد استقلالها، ثم منحوا للجيل الذي لم يشارك في الثورة فرصة مشاهدة البشاعة بمقتل رئيسهم بالرصاص وعلى المباشر وهو يخطب. وأخيرا مكنوا تلك القناة التلفزيونية الفرنسية التي ساعدت الحاج روراوة لتأهيل منتخب كرة القدم للمشاركة في كأس العالم في بلد مانديلا، أن تعبث بمشاعرهم وتبيّن للعالم أن الجزائريين يعيشون في عهد “التزييف البذيء”.مهما فعل من نصّبه أنصاره زعيما في هذا العالم، فإنه لن يبلغ منزلة نيلسون مانديلا الذي عاش شهما ومات كريما في أحضان شعبه في جنوب إفريقيا.[email protected]




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)