الجزائر

لا تقتلونا مرة أخرى



أيها السادة.. هناك تحد خطير يواجه الدولة والشعب معا. تحد يتم تجاهله عمدا من قبل القيادات في الأحزاب وفي السلطة، يتمحور حول المواطن الجزائري الجديد، مواطن عمره نصف قرن من الاستقلال، والذي من المفترض أنه الغاية والوسيلة للدولة ومؤسساتها وأحزابها وبرامجها وسياساتها ومواردها المختلفة! نقول هذا الكلام، لأننا لم نر، كمراقبين وكمواطنين، خلال الانتخابات السابقة، أي مظهر من مظاهر الديمقراطية الحقيقية التي تجعل من الانتخاب ممارسة ديمقراطية فعلية.. ليس للمواطن، الذي كان حبيس ظروف يعرفها القاصي والداني، أي يد أو دور فيها. اليوم، وإن حاول البعض الاستثمار في تخويف الناخبين، فإن الخوف لم يعد مشكلا، ولنا في شعوب مصر وتونس وسوريا وليبيا أصدق أمثلة على فشل سياسة العصا والملوحين بها. إن المواطن لا يطالب بإحضار ''لبن العصفور'' وإنما البدء وبشكل جدي في البحث عن مرشحين أكفاء من حيث التأهيل الأكاديمي والخبرة العملية والسمعة الطيبة لتشريف الشعب، وليس ركوبه مثلما فعل أكثـرية نواب البرلمان المنتهي. إن ما يأسف له المرء هذه الأيام، هو مستوى خطاب الأحزاب الانتخابي، خطاب تجاوزه الزمن.. متحجر ومتعصب لم يتغير منذ أكثـر من عشرين سنة. لقد حافظت السلطة والأحزاب التي تدور في فلكها على نفس ''هدرة'' التسعينات و(بداية الألفينات)، وكأنهم اتفقوا على ترديد وصفة خوف واحدة هي ''أخرجوا أيها الجزائريون لأن الأعداء يتربصون بنا''. إن الأرض تدور، ولم تتوقف يوما عن الدوران.. لكن ساستنا وحكومتنا وأحزابنا وزعماءنا ''الأشاوس'' الذين هم على علم بذلك، يصرون على ارتكاب الفعل المخل بالديمقراطية على الناخبين. وماذا لو طلع علينا واحد من هؤلاء الشجعان وأشار بأصابعه النظيفة إلى الأعداء الذين يريدون منا تدريسهم فنون التضحية وإعطاءهم برهانا قويا على وطنيتنا.. وإن كانت أمريكا واحدة منهم أم فرنسا أم دولة قطر؟ لقد جربنا الموت طيلة 02 سنة، حتى أصبح مثل الأمنية الغالية لدى فئة من الجزائريين.. ويتوجب على زعماء الأحزاب والحكومة التوقف فورا عن بث ثقافة الخوف من الغول الذي يشوهون لنا به المستقبل، لأنها ثقافة خرقاء تقتل الديمقراطية وتحطم أحلامنا بالحرية التي أقسم أجدادنا على الموت لأجلها قبل 50 سنة.   jalal.bouati@gmail.com


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)