القراءة الأقرب للمنطق السليم كانت توحي بأن معركة طرابلس ستندلع بعد الانتهاء من تطهير مدينة الزاوية، وحسم معركة البريقة بالشرق، وغريان إلى الجنوب من العاصمة الليبية، وهذا لأن الفكرة التي كانت شائعة داخل ليبيا وخارجها، هي أن دخول المدينة سيكون من الجهات الثلاث، أي من الشرق والغرب ومن الجنوب، وهذا الدخول ''الثلاثي'' إذا جاز التعبير، يتطلب تفرغ الثوار من معاركهم ببقية المدن. ثم التوجه الجماعي نحو طرابلس.
لكن أن يتحرك الثوار من داخل العاصمة، وتحرير العديد من الأحياء قبل وصول الدعم من خارجها فلم يكن مطروحا، دون أن يعني هذا أن طرابلس كانت خالية من الثوار والأسلحة التي تمكنهم من مواجهة كتائب القذافي، لكن لم يكن متصورا بأنه يوجد من عدد الثوار وعتادهم ما يكفي لصناعة آخر حلقات الثورة الليبية.
ما حدث أمسية العشرين من رمضان المصادف لأمسية السبت العشرين من الشهر الحالي، الذي كانت الأنظار فيها مشدودة إلى مدينة الزاوية، وهي تعيش آخر مراحل التطهير من عناصر ما تبقى من الكتائب... في هذه الأمسية، ومع آذان المغرب أو بعده بدقائق قليلة، أُعلن عن اندلاع معركة تحرير طرابلس، بخروج مسلحين بعدد من الأحياء وشروعهم في التحرك ضد كل ما يرمز لسلطة العقيد... هذا التحرك أظهر أن الحسابات السرية للثوار لم تكن متطابقة مع ما كان شائعا، والنتيجة أن ظلوا يناوشون عناصر الكتائب طيلة تلك الليلة، وفي اليوم الموالي تأكد أنهم بالفعل حرروا أحياء كبيرة والتي هي أحياؤهم، وإن لم يحرروها بالكامل، فقد خلقوا وضعا جديدا جعل واقع الكتائب وقواتهم العددية، ومن حيث العدة أمرا غامضا ومحل شك.
هذا الوضع تطور مع حلول المساء، وبشكل راديكالي لصالح الثوار، بعد أن بدأ يتأكد أن عمر نظام العقيد أصبح قضية وقت لا غير، ليلتحق في أعقاب ذلك ثوار الزاوية بمداخل بالجهة الغربية لطرابلس، كما تواترت أحاديث عن تسلل ثوار من شرق ليبيا عبر البحر وإشغالهم لكتائب القذافي، الذي شتت هذه التطورات حساباتها قبل صفوفها، والنتيجة أن وجد الثوار أنفسهم داخل الساحة الخضراء، وانحسار سريع لكل رموز نظام العقيد.
القراءة المتأنية لما حصل تفيد بأن تخطيط الثوار لافتكاك العاصمة الليبية من الكتائب كان محكما، لدرجة فاجأ معظم المراقبين لتطورات الحرب في ليبيا.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 23/08/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : العربي زواق
المصدر : www.elkhabar.com