الجزائر

كوميديا وهران في خبر كان



*فنانو الباهية يعانون الإهمال والتهميش
*توقف »بلا حدود« ما يزال يؤلمنا لحد اليوم
*هناك مواهب فكاهية شابة تستحق التشجيع
*النصوص الهزلية متوفرة وبكثرة
*سأشرع قريبا في تصوير عمل كوميدي جديد
هو واحد من أهم الأسماء الفنية التي لمعت في عالم الفكاهة الجزائرية، حيث تمكن منذ الوهلة الأولى أن يتغلغل بكل حب إلى قلوب الجماهير التي أحبّت شخصيته المرحة وعشقت رقصته التقليدية المميزة ، فمن منا لا يعرف »حزيم غير هاك« الذي ظهر بلباسه التقليدي الجميل إلى جانب صديقيه مصطفى وحميد مشكلين بذلك ثلاثي بلا حدود الذي استطاع أن يحقق نجاحا باهرا في سنوات الثمانينات التي كانت شاهدة على ميلاد نجوم الفكاهة من عمق عاصمة الغرب الجزائري الباهية وهران ولمن لا يعرف الممثل الفكاهي محمد حزيم، فهو من مواليد 19جوان 1951 بوهران، وقد ولج عالم الإبداع الفني من خلال فضاء المسرح سنة 1965 بمعسكر، ليفجر بذلك طاقاته الفنية الهائلة التي شفعت له بأن يتربع على عرش فن الفكاهة بمنطقة الغرب الجزائري ولم يكتف بهذا فقط بل إن حبّه للإبداع دفعه لدراسة الموسيقى والغناء لمدة 4 سنوات بالمعهد البلدي للموسيقى بوهران الذي تعلمت فيه أبجديات الغناء وطرق العزف على الآلات الموسيقية، مما صقل موهبته وجعله أكثر إستعدادا لخوض معركة الإبداع الفكاهي بمعية رفيقي دربه اللذان رفضا الإستغناء عنه كونه المحرّك الأساسي للفرقة التي أثارت ضجة كبيرة وسط العائلات الجزائرية التي أحبت »سكاتشات« حزيم ورقصاته الشعبية الممتعة، وكل هذا دفعنا للإتصال بنجم الكوميديا الوهرانية الأول حزيم محمد قصد إجراء الحوار التالي.
الجمهورية: أين هو حزيم وما سبب غيابه عن الساحة الكوميدية بوهران؟
حزيم: لا أخفيكم علما أنني أعيش في بطالة فنية، بعد المشاكل التي واجهها »ثلاثي بلا حدود« والتي تسبّبت في تشتيت أفرادها الثلاثة وتوقفهم عن الإبداع الفكاهي، وأنا الآن لا أقوم بأي نشاط فني في انتظار ظهور عروض أو برامج من شأنها أن تعيدني إلى فضاء التمثيل الكوميدي في التلفزيون الجزائري مجددا، رغم أن هذا الأخير صار لا يهتم بفناني وهران وهو ما سبّب إحباطا شديدا لدى نجوم الباهية، الذين ضاقوا درعا من هذا الإهمال والإجحاف في حقهم، فإنه من غير العدل أن ينتهي بي المطاف إلى هذه الوضعية المزرية رغم المشوار الفني الكبير الذي رسمته منذ ولوجي فضاء التمثيل خصوصا أنني أعطيت الكثير للساحة الفكاهية الجزائرية وأضحكت الملايين من المشاهدين الذين أحبّوا مواقفي الهزلية ورقصاتي الخفيفة، لكن للأسف فلا يمر يوم إلا وأحسست بالإهمال أكثر فأكثر، والأسوأ من ذلك أن هذه الوضعية التي أعيشها لا تتعلق بي لوحدي بل إن الأمر يمس جميع الفنانين الكوميديين لولايات الغرب الجزائري الذين طالهم التهميش ويئسوا من الإنتظار...
الجمهورية: هل هذا يعني إعتزالك عالم الفن الفكاهي؟
حزيم: أنا لا أقصد أنني اعتزلت ولا أنوي ذلك أبدا بل بالعكس فلا زالت الفكاهة تجري في دمّي ولن أعدل عنها ما دمت حيّا ولكن ما قصدته هو أنني أعاني من التهميش والإهمال من طرف بعض الجهات المسؤولة التي من المفترض أن تحرص على تطوير الفكاهة وتشجيع فنانيها على الإبداع أكثر والمضي قدما لترقية هذا الفن الجميل، وعليه فقد تلقيت مؤخرا عرضا من أحد المخرجين بفرنسا الذي إقترح عليّ المشاركة في عمل فني جديد رفقة الممثلة الفكاهية بختة ومصطفى تلمسان المعروف باسم »زازة« حيث أكد لي هذا الأخير أن العمل سيدأ تصويره في العاشر من جويلية المقبل، حيث كان من المفترض أن يصوّر هذا العمل بفرنسا لكن بسبب عدم حصولهم على تأشيرة الدخول قرّر المخرج أن تصوّر المشاهد الكوميدية بوهران مسقط رأسي وأنا في الحقيقة متحمّس جدا للمشاركة في هذا الإنتاج الجديد الذي سيعيدني إلى الواجهة، حتى ولو كان العمل سيسوق بطريقة خاصة أي على أقراص مضغوطة يتم توزيعها عبر الأسواق الوطنية، علما أن المخرج الجزائري المغترب بفرنسا سيكون هذا الأحد بوهران للتحدث عن تفاصيل هذا العمل الفني الكوميدي الجديد وتوزيع الأدوار على الممثلين وكذا مناقشة خطة العمل...
الجمهورية: كيف تقيم واقع الفكاهة بوهران؟
حزيم: في الحقيقة هو واقع مزر، ويبعث على الإستياء فلم يعد هناك ما يسمى بالكوميديا بوهران التي كانت السباقة في عرض البرامج الفكاهية الحصص الكوميدية الناجحة على غرار حصة "بلاحدود" التي توقفت عن البث بعد أن قرر مخرجها لبيوض ناصر توقيفها نهائيا نظراً لإنعدام الإمكانيات المادية التي تسمح بإستمراريتها وذلك في ظل إنعدام المساعادات المالية والمعنوية من طرف الجهات المختصة التي لم تبال بخروج "بلاحدود" من الشبكة البرامجية للتلفزيون الجزائري ومازاد الطين بلة أن المحطة الجهوية لوهران لم تقم بأي مبادرة من أجل ضمان إستمرارية هذه السلسلة الفكاهية الناجحة ، ليجد طاقم العمل نفسه وحيداً وعاجزاً عن التكفل بالمصاريف الثقيلة التي تفرضها عملية الإنتاج وما يترتب عنه من إخراج وتمثيل وتصوير لتكون هذه هي النهاية المأساوية لفرقة ثلاثي "بلاحدود" .
ومن جهة أخرى لايمكنني أن أمر مرور الكرام على الوضعية الإجتماعية للفنان الوهراني بصفة عامة والفكاهي بصفة خاصة ، الذي يعاني من التهميش المطلق واللامبالاة في الوقت الذي سيستفيد فيه فنانون آخرون من إمتيازات لا تعد ولاتحصى دون ذكر الأسماء .
فصدقوني إذا قلت أننا لم نتلق أية دعوة لحضور تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية مثلنا مثل الفنانين الآخرين وهذا ما حز في نفسي كثيرا وجعلني أتحسر على ما آل إليه فنانونا الذين أعطوا الكثير للفن الجزائري وعززوة بأعمال سينمائية ومسرحية خالدة، وليس هذا فحسب بل إن فناني وهران لا يأخذون مستحقاتهم في الأعمال التي يقدمونها فنحن كفرقة ثلاثي بلا حدود كنا نتقاضى حوالي 7000 دينار جزائري وفي الحلقة الأولى من السلسلة تقاضينا 4000 دينار جزائري، حيث قبضنا في الأخير 7 ملايين سنتيم كمستحقات جميع الحلقات قدمناها ضمن السلسلة ومن جهة أخرى لا يمكن التحدث عن الوضعية المزرية لعالم الفكاهة بوهران دون تسليط الضوء على الإنتاج الفني في حد ذاته حيث صار التلفزيون الجزائري لا يهتم سوى بالحصص المحلية للعاصمة دون الإهتمام بالبرامج الجهوية إضافة إلى أنه لا يوجد إنتاج فكاهي جيد في بلادنا خلال الفترة الأخيرة، حيث أن الحصص التي تعرض على الشاشة لا علاقة لها بالفكاهة لدرجة أن المواطن الجزائري صار يشعر بالملل أثناء مشاهدتها، لذلك يمكن القول أن هذه الحصص، لا تضحك سوى القليل من المشاهدين في حين أن فرقة ثلاثي بلاحدود كانت تضحك كل الجزائريين بل وحتى أولئك الذين يقطنون في ديار الغربة، حيث وصلت شهرة حصة "بلا حدود" إلى أمريكا وكندا وفرنسا وباقي أقطار العالم وهذا ما يميزنا عن غيرنا من الفكاهيين الآخرين وأنا لا أخفي عنكم أنني فعلا أشتاق إلى حنين هذه السلسلة الكوميدية لدرجة أنني تأثرت بشدة وأنا أشاهد إحدى حلقات "بلا حدود" هذه الأيام حينها تذكرت الأيام الخوالي والزمن الجميل الذي عشته مع رفيق دربي " مصطفى غير هاك" و"حميد" بل تذكرت كذلك اللحظات الجميلة لفرقتي "ثلاثي التضامن" وكذا حرودي، اللتان كانتا تبثان هي الأخرى في شهر رمضان المعظم.
الجمهورية: هل تراودك فكرة إحياء ثلاثي بلا حدود من جديد؟
- حزيم: بالطبع نعم، بل أتمنى ذلك، وقد أكد زميلي مصطفى وحميد أنهما مستعدان لخوض هذه التجربة من جديد حتى يعيدوا البسمة المفقودة للمشاهد الجزائري الذي اشتاق لهذه السلسلة الهزلية الكوميدية الناجحة ولا أخفي عنكم شيئا إن قلت لكم أني على إتصال دائم مع رفقائي وأنهم أكدوا لي بأنهم فعلا جد مشتاقين لتلك الأيام الزاهية لهذه الحصة الممتعة لكن ما ينقصنا فعلا هو الدعم المادي من طرف الجهات المختصة وأحيطكم علما أن الجمهور الوهراني والجزائري لا زال لحد الآن يتصل بنا مطالبا برجوع هذه السلسلة وبثها من جديد على شاشة التلفزيون لكن هؤلاء لا يعرفون أن الحصة لا زالت ملكا للمخرج لبيوض ناصر وأننا لا نملك الحق في المطالبة بها إلا إذا تحصلنا على الضوء الأخضر من طرف مخرجها لإعدادها في شكل وقالب جديد حتى ولو كان من خلال الأقراص المضغوطة فالمهم لدينا هو عودة ثلاثي »بلا حدود« ولا يهمنا ما نكسبه من مال ولا شهرة بقدر ما يهمنا أن ندخل الفرحة والضحك إلى قلوب الجزائريين الذين إعتادوا على مواقفنا الطريفة وسكاتشاتنا الهزلية
الجمهورية : كيف تقيم المواهب الشابة التي ولجت حديثا عالم الفكاهة الجزائرية ؟
-حزيم في الحقيقة هناك مواهب شابة لا تعد ولا تحصى لا سيما بوهران وهي تحتاج لفرصة واحدة على الأقل تفجر طاقاتها التي تختزنها وتتألق أمام عشاق الفن الكوميدي وأنا شخصيا قد تلقيت العديد من الإتصالات من طرف بعض المواهب التي طلبت مني تأطيرها وتكوينها على الإبداع الفكاهي بالطريقة الصحيحة وفق مقاييس ناجحة تضمن تألقها في الميدان وأنا على إستعداد تام لمديد العون لهؤلاء المواهب من خلال إفادتها بتجربتي العريقة وخبرتي الطويلة في السكاتشات والمسرح لأن هذه مسؤولية لابد من أن نتكفل بها إتجاه أبنائنا الذين سيحملون المشعل بعد غيابنا عن المشهد السينمائي الفكاهي والمسرحي موجها بذلك ندائي للجهات الوصية بضرورة الإهتمام بهذه الطاقات وإفساح المجال أمامها للإبداع والعطاء لأن ذلك سيضمن تطور الفن الفكاهي الجزائري وسموه نحو مراتب أعلى تسمح بمنافسة الفنون الفكاهية العربية وحتى الأوروبية .
الجمهورية : هل تعتقد أن سبب تراجع الفكاهة بالجزائر يعود إلى إنعدام النص والسيناريوهات الهزلية الهادفة؟
-حزيم لا أعتقد ذلك فالنصوص والسيناريوهات متوفرة وبكثرة وأحيطكم علما أنني أتلقى أحيانا العديد من الدعوات والطلبات للكثير من المخرجين وكتاب السيناريوهات كي نمثل لهم في أعمالهم الفنية وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على توفر النصوص السيناريوهات في بلادنا وهذا عكس ما صرح به بعض الفنانين والمخرجين الذين أرجعوا سبب ضعف الفكاهة بالجزائر لإنعدام النصوص فأنا مثلا يعرض علي يوميا مجموعة جيدة من السيناريوهات الفكاهية لكن كما أكدت سابقا فإن إنعدام الإمكانيات منعني من تجسيد هذه النصوص على أرض الواقع
الجمهورية : بماذا تختم هذا الحوار الشيق؟
-حزيم أشكر جريدتكم الموقرة لإتصالها بي وإجرائها معي هذا الحوار لأغتنم الفرصة وأترحم على روح العملاق الراحل سليمان القندسي وجيلالي العمارنة اللذان رحلا وتركا خلفهمارصيدا فنيا راقيا لا تزال الأجيال تتداوله لحد الساعة وشكرا لكم


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)