الجزائر

كم يكفي من الوقت لمحو آثار الفساد ؟



كم يكفي من السنين لمحو آثار عقدين كاملين من الفساد، الذي استشرى بكل أنواعه وأشكاله وألوانه في ربوع البلاد، السياسي والمالي والاداري والاجتماعي، وهدد كيان الدولة في حد ذاتها، التي تلاعبت بمصيرها أيادي العصابة وعُصب السلطة خلال الحكم السابق، وبددت ريعها وحطمت مؤسساتها، واحتقرت أبناء هذا الشعب، بعدما فرضت طغيانها عليه ومارست ظلمها علانية، وهددته بالعودة إلى العشرية السوداء، التي استخدمتها كورقة ضغط لتجسيد مشاريعها الشخصية والوصول إلى مآربها، في حال تمرده على الأوضاع المتردية بل المتعفنة، التي جعلت مصير البلاد والعباد على فوهة بركان.يا له من برنامج جهنمي !! ويا لها من حصيلة ثقيلة وكارثية !! كادت أن تعصف بالبلاد وتنسف العباد، لو لا فطنة هذا الشعب ووعيه بخطورة الأمر، الذي جعله يسارع إلى توحيد صفوفه بكل عفوية، ودفعه إلى التحلى بروح المسؤولية اتجاه وطنه وأمام التاريخ، حيث باغت العصابة التي لم تتوقع يوما أن يحدث ما حدث، ولم تضعه في الحسبان على الاطلاق، فكسر حاجز الصمت دون سابق إنذار، وانتفض وثار ضد الظلم والاحتقار والفساد، بسلمية، صال عبر ربوع الوطن في مسيرات منظمة وحاشد بالملايين من المتظاهرين، الموشحين بالعلم الوطني، واسقط العهدة الخامسة لبوتفليقة، وأطاح بالعديد من الرؤوس الكبيرة والأسماء الثقيلة، النزيلة اليوم بسجن الحراش !!
يا له من سيناريو عجيب !! سيبقى راسخا في التاريخ وفي ذاكرة كل الجزائريين ... أسقط كل الأوراق والحسابات، وبدد كل الخطط وغيّر الخارطة السياسية، التي باتت تتخبط اليوم في أزمة طال أمدها، لكنها ستتلاشى عاجلا أم آجلا، وستفتح الجزائر صفحة جديدة، لقد ولى العهد البوتفليقي وما أكثرها، مخلفا وراءه تركة ثقيلة من العقد والأزمات والنفسيات المحطمة والمنهارة تحت مفعول الظلم والطغيان وآفة الفساد، التي كرست سياسة الرداءة في أدق تفاصيلها، وطبقتها بطولها وعرضا، وحدها الاصلاحات الحقيقية وليست المزيفة والارتجالية، الشاملة والعميقة الكفيلة بالقضاء عليها وعلى رواسبها واقتلاعها من جذورها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)