الجزائر

كم من منيل تخلى عنه ولد عباس ؟


 رفعت وزارة الصحة الفرنسية الغبن عن أولياء الطفل منيل بليدي، صاحب الثمانية أشهر، وقالت إنها مستعدة لتوفير ظروف خضوعه للعملية الجراحية، التي لم تتوفر له في بلاد آبائه وأجداده، وأوضحت أن الجزائر هي التي ستدفع تكاليف علاجه.
لا يهم المبلغ الذي سيدفعه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي يمول العمال الجزائريون باشتراكاتهم خزينته، لعلاج منيل بليدي. وهو ذات الصندوق الذي يدفع تكاليف علاج ''أفراد عائلات الأوليغارشيا الجزائرية'' في أرقى العيادات الخاصة في الخارج من أمراض تصلح لها الأعشاب الطبيعية المتوفرة في البراري.
إلا أن قضية علاج منيل بليدي تحمل دلالات واضحة للجزائريين والجزائريات الذين لا ينتمون إلى ''أوليغارشيا'' بلادهم، وتعني بوضوح أن العائلات الجزائرية التي يوجد من بين أفرادها مرضى عجزت المستشفيات الجزائرية عن علاجهم، أنه لا خيار لها سوى استنفار القلوب الرحيمة عن طريق حملات تضامنية مثل تلك التي جعلت وزارة الصحة الفرنسية تعلن عن استعدادها لعلاج الصبي ذي الثمانية أشهر، بأموال الجزائريين طبعا. وبهذا تتعرض الجزائر، التي نصحها وزير الخارجية الفرنسي، بـ''ألا تبالغ في الاحتفالات بعيد استقلالها الخمسين'' إلى إهانة جديدة. هذا البلد الذي تكاد تصير كل دائرة فيه متوفرة على جامعة، ويتخرج من أغلبها جامعيون بشهادات دكتوراه في الطب، يحال عدد كبير منهم على البطالة وآخرون يفرون بشهاداتهم إلى حيث يمارس الطب وتحترم أخلاقياته، بلد لا يقدر على علاج صبي.
وليس هذا الصبي وحده الذي طلب أولياؤه شفقة ''القلوب الرحيمة'' في الداخل والخارج، وعلى الذي يريد أن يتأكد من الأمر تصفح الجرائد التي صارت صفحاتها لا تخلو يوميا من نداءات المستغيثين، الذين لم يجدوا الدواء إن كانوا يملكون أموالا لشرائه، أو الذين لا يملكون قوت يومهم وأثقل المرض كاهلهم، يطلبون الصدقة لشراء الدواء، وغيرها من الحالات التي من المفروض ألا تحدث في بلد يستعد للاحتفال بعيد استقلاله الخمسين وخزائنه منتفخة بالدولارات والأورو. وفي ذات الوقت، يخشى دحو ولد قابلية أن يقاطع الجزائريون ''عرسه'' في الربيع القادم، عندما يجتهد ليبرهن للعالم أن النظام الذي ساهم في صناعته وما زال مشاركا في قراراته، يستطيع أن ينظم انتخابات ديمقراطية وشفافة، لا يفوز فيها الذين كانت الوزارة التي يشرف عليها تقصيهم بمبرر ''خطر على الأمن العام''.
من حق منيل بليدي وأمثاله، وهم كثيرون جدا جدا، أن يعالجوا بأموال الدولة الجزائرية في بلادهم وفي الخارج إن اقتضى الأمر، دون أن يضطر والداه إلى استعطاف القلوب الرحيمة، لكن لكي يتحقق ذلك يجب أن يكونوا يعيشون في دولة توزع ريوعها على الشعب بعدل، وليس في بلاد يحذرها وزير المستعمر السابق من ''مغبة الإفراط في الاحتفال بالاستقلال''.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)