من حق وزيرة الثقافة أن ترفض الأصولية.. ومن حقها أيضا أن تكرهها.. فالعواطف ملك أصحابها.. والقلوب ليست معدة للبيع أو الشراء.. ولا أحد يمنع الوزيرة من أن تكون لائكية.. فهذا شأنها.. فالجنة والنار.. ليستا إقامتين إجباريتين.. ودخولهما لا يتحقق بالعصا.
فلتطمئن الوزيرة.. أن لا أحد يجبرها على أن تكون غير ما تريد.. أو أن تجلس في مكان لا تختاره هي.. أو أن تغير قناعاتها القديمة من أجل أشياء جديدة لا تؤمن بها.
في المقابل.. ليس من حق الوزيرة.. إجبار الرأي العام على أن يكون كما تريد هي .. فالرأي العام.. الذي هو أنا وأنت وهو وهي.. ليس ملعبا مفتوحا لركل العقول بالأرجل.. أو تناول الضمائر بالأيدي.. وهذا الرأي العام تحديدا.. ليس مسجلا في قائمة أملاك الدولة.. القابلة للاحتكار أو الخوصصة.. وليس مشاعا يتناوله الغادي والرائح.. بل هو رأي عام حر ومستقل.. لا ينتمي لأحد.. وليس حكوميا أو حزبيا في شيء.. إلا ما يعبر عنه الصندوق.
انطلاقا من موقعه هذا.. يستطيع الرأي العام أن يضع ورقته في صندوق الأحزاب الإسلامية – أو الأصولية كما تسميها هي -.. وله أن يحتفظ بها في جيبه إن شاء.. أو أن يتبرع بها على الأحزاب التي لا دين لها ولا وجهة.
لعل الوزيرة تعرف هذا الأمر جيدا.. وتسلم به عن قناعة.. لكن ما لا تريد الاعتراف به.. أنها كوزيرة مطالبة بقياس حجم كلماتها.. حتى لا تتجاوز الكرسي الذي تجلس عليه .. وإنها غير مخولة لإعلان الحرب على الأصوليين كما تسميهم انطلاقا من موقعها الرسمي الذي تتقاضى عنه أجرا.. أو توظيف منصبها للإعلان عن انتمائها الأيديولوجي.
فبحكم أن الوزيرة لم تترشح.. ولم تغادر مكتبها كما فعل الوزراء المترشحون…. ليس لها أن تمد سلطانها أبعد من مكتبها.. لتخوض في مغالطات مكشوفة.. فهذا الذي لا يليق بمقام وزيرة.. كان يكفيها أن تذهب يوم الانتخاب إلى المركز.. وتضع ورقتها في الصندوق .. لتختار من تشاء.. وتعود إلى بيتها.
هي تدعو الفنانين والفنانات (إلى تعبئة الرأي العام من أجل اختيار القوى السياسية التي تؤمن بالثقافة والفن وبدور السينما في الحياة العامة ، وترفض الأصولية، خلال موعد التشريعيات المقبلة).. وهنا تكمن المغالطة الأولى.. فهي تضع الإسلاميين في خانة أعداء الثقافة والفن.. وهذا غير صحيح بدليل أن اللائكيين في الجزائر ما أنتجوا ثقافة ولا أبدعوا فنا..
وثانيهما أننا لم نر إسلاميا – له عقل وذوق فني سليم – قال إن الثقافة كفر أو إن الفن ردة.. إلا إذا كان للثقافة أو الفن عند الوزيرة مدلول مختلف.. يختزلهما في الطبل والمزمار وحفلات الزار.
المغالطة الثانية.. يكشفها قول الوزيرة (.. لا بد من التذكير بأن الجزائر أخطأت خطأ إستراتيجيا عندما أقدمت على إلغاء وزارة الثقافة سنة 1990 والنتيجة كانت تطور مد الحركات الأصولية..).. فهل هذا صحيح.. سأشك في عقلي إن كان هذا صحيحا.. الوزارة إدارة.. أما الثقافة – كما قال إنشتاين – (فهي ما يبقى لديك.. بعد أن تنسى ما تعلمته في المدرسة).
المغالطة الثالثة .. يؤكدها قول الوزيرة (إنه إذا كان هناك من يريد إعادة هذه التجربة « قتل قطاع الثقافة « فإنني سأقاتل لمنعه..).. وفي تقديري.. لا أحد يفكر في قتل ثقافة غير موجودة أصلا.. وإن وجدت عرضا.. فقد ماتت منذ زمن بعيد.. والدليل أن الوزارة تضع إكليلا من الزهور على قبرها كل سنة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 01/05/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أ أحمد بن روان
المصدر : www.elbilad.net