الجزائر

كلمات : الإسلاميون.. معادلة تفتش عن جذور



تشبه تشريعيات العاشر ماي.. سفينة جانحة.. عصف بها إعصار.. فغرق أكثر من فيها.. وطفت أجساد راكبيها على الماء.. وتناثرت ألواحها على السطح.. واستقر هيكلها المعدني في الأعماق.. وإن بقي بعض الركاب يقاومون الموت المتربص بهم.. ساعين لبلوغ الشاطئ بجهد وعنت.
أمام حطام المركب المتناثر.. يستلقي جمهور غفير من البلهاء على الشاطئ.. ينظرون بسذاجة.. وفي الأفق البعيد يتشكل سؤال عاصف: هل يملك الإسلاميون القدرة على النجاة؟
للمرة الرابعة يعود حزب «جبهة التحرير» إلى الواجهة.. ليستمر الماضي كما هو.. محملا بمفردات الفشل واليأس.. فآباء الأمس.. أوفياء لميراثهم القديم.. إذ يضعون الوصية في أيدي أخلافهم.. فيتحقق التوريث على الطريقة الجزائرية المتميزة.
وللمرة الرابعة أيضا.. يفشل الإسلاميون في الاقتراب من الشاطئ.. ليتهددهم الغرق.. فهل ينجحون هذه المرة في العبور بسلام؟
نحن نريدهم أن يقاوموا ولا يفشلوا.. وبيدهم أن يفعلوا ذلك.. ماداموا موصولين برسالة لا تنتهي بانتهاء الأشخاص.. ولهم من المدد ما يكفل لهم النجاة.. وفي النهاية الانتصار.
***
إن التكتل الإسلامي إنجاز استثنائي.. فلولاه.. لخرج الإسلاميون فارغي الأيدي .. ولانتهوا هامشيين.. يتمددون على قارعة العمل السياسي.. لقد حفظ التكتل النفس الأخير للإسلاميين.. وأبقاهم أحياء ولو إلى حين.. وأهم من ذلك.. أنه كشف عن ضرورة عودتهم جميعا إلى منابعهم الأولى.
المشروع الذي تشترك في حمله الأحزاب الإسلامية واحد.. وغايته لا اختلاف عليها.. وأقدر أن أفضل هدية يمكن تقديمها لأبناء الحركة الإسلامية في هذا الظرف العصيب.. أن تمتزج هذه الأحزاب أكثر.. ليس شرطا أن يكون ذلك تنظيميا.. لكن على مستوى التمكين للمشروع.
لقد أنجزت أحزاب التكتل شيئا نادرا ورائعا .. يجب الحفاظ عليه.. والسير به إلى آخر المطاف.. فأفق التكتل واسع.. إن أحسن استغلاله.. ومداه يستوعب كل الذين يضعون المشروع الإسلامي بمثابة أولوية .. تتضاءل دونها أية اعتبارات شخصية أو حزبية أخرى.
وفي سبيل هذا الهدف الكبير.. هل يوفق الإسلاميون في بناء تكتل برلماني.. أسوة بالتكتل الانتخابي.. بقاعدة حزبية عريضة.. تكون أقدر على المنافسة والمبادرة؟
إن حصول الأحزاب الإسلامية مجتمعة على ( 59 مقعدا منها 48 للتكتل).. يدعوها للبحث عن كتلة نيابية مشتركة.. تكون بالدرجة الأولى.. بمثابة نواة معارضة حقيقية.. قوية الصوت والتأثير.. ويمكن أن تتطور إلى صيغة جديدة لإعادة اللحمة إلى الجسم الإسلامي.. أليس حيويا لها أن تبدأ من البرلمان؟
لقد ثبت يقينا أن التشتت لا يخدم أحدا.. وإن أجاب أحيانا عن بعض الاعتراضات.. فإنه ينتهي أخيرا برمي الجميع في هاوية الاضمحلال أو سلة النسيان.
***
متى سيكف الوعاء الانتخابي الإسلامي عن المقاطعة؟
سؤال.. أقرب إلى الشكوى منه إلى البحث عن دواعي المقاطعة.
في هذه التشريعيات.. بقي هذا الوعاء فارغا.. فأسدى خدمة جمة لحزبي السلطة.. ومنحهما مجانا حق التصرف في مستقبل الجزائريين بغير حسيب أو رقيب.. وصنع منهما بعبعا جديدا.. تشكل على أشلاء ديمقراطية تترنح.
بصراحة.. لا أملك تفسيرا لهذا العزوف.. سوى أن حسابات البعض لا تنطبق على حقائق الواقع.. وأن استشعار المسؤولية الأخلاقية المترتبة عن المقاطعة – حيث يصبح كل مسلم معنيا بالأثر المترتب عن خياراته – كان باهتا ومحدودا.
على مستوى الكلام.. يقولون.. نحن ننصر الإسلام.. وغالبا ما يلوحون بشعاراته.. لكنهم عمليا لا يفعلون شيئا يصدق ذلك.
***
في الحكومة أم خارجها.. أين سيكون الإسلاميون؟
بالخبرة.. إما ان تكون معارضا صرفا.. وإما أن تكون صاحب سلطة فعلية.. أما أن تتوزع على المجالين معا.. فأنت تخاطر بفقدان انتمائك وهويتك السياسية.. إنه محض استنزاف مجاني لمصداقية أنت مطالب بالمحافظة عليها.
ثمة جذور تجب العودة إليها.. إذ لا مجال للانقطاع عنها.. فالذين ابتعدوا عن جذورهم ماتوا.. أو تبخروا في مرحلة ما من مراحل الطريق.. ولم يعد بوسعهم أن ينبعثوا من جديد.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)