لم تحمل التصريحات الرسمية بشأن الثالث ماي، اليوم العالمي لحرية التعبير، أي جديد. نفس الكلام الذي يردد بالمناسبة كل سنة، ونفس الوعود.هذه المرة اعترف وزير الإعلام، على غير العادة، أنه لا توجد هناك عدالة في توزيع الإشهار، وهناك فوضى في المجال، وكأن الأمر لم يكن مقصودا من قبل السلطة لتدجين الأقلام وتكميم الرأي، وكأن السلطة لم تكن وراء إغراق الساحة بالعناوين لإضعاف الصحف الجادة، أو أنها غير مسؤولة على ضرب الصحافة ببعضها، من خلال التمييز بين فئتين، فئة تابعة للسلطة مدافعة عن خيارات رجالها وليس على خيارات الدولة. وبالتالي إعطائها كل الإمكانيات من مساعدات في شكل صفحات إشهار، وتسهيلات على مستوى المطابع حتى يشتد عودها وتكسب مقروئية وتفرض نفسها في السوق، وفئة تحارب لا لشيء إلا لأنها تريد أن يكون لها خط افتتاحي وهوية ورأي، وتكون ناقدا لسياسة الحكام ومدافعا عن قيم الجمهورية، ووسيلة لمحاربة الفساد المستشري في دواليب السلطة والمجتمع.نعم، السلطة المسؤولة الأولى عن الفوضى الحاصلة في مجال الإعلام، وقد شجعت على انتقال هذه الفوضى إلى المجال السمعي البصري، الذي يعيش بعضه إحدى أسوأ التجارب في حياة الإعلام الجزائري، لكن ليست السلطة وحدها المسؤولة، فنحن كإعلاميين لما قبلنا السير وتكريس هذه الثنائية سقطنا في الطريق الذي خطته السلطة لإضعافنا وإبعادنا عن رسالتنا، فصار بعضنا عدوا للبعض الآخر، مع أنه كان من المفروض أن تكون لنا نفس الأهداف، وهي بناء قطاع إعلامي قوي، ونفس العدو، وهو محاربة الفساد والمفسدين، والدفاع عن القيم الوطنية والإنسانية، الدفاع عن القوانين والدستور ووجوب احترامها.الصحافة الوطنية مسؤولة لما قبلت أن تكون طرفا في الفساد، بل وسيلة فرض الفساد كشريعة، فصار للمافيا إعلامها وأقلامها التي تدافع عنها دون حياء ولا خوف من عقاب، حتى أن القوانين نفسها صارت في خدمة أهل الفساد.وعليه لم تحمل لا رسالة رئيس الجمهورية، ولا تصريحات وزير الإعلام ما يؤكد أن للدولة نية لوضع حد لهذا الوضع المأساوي الذي تعيشه المهنة وأهلها، واعترافها بأنها غير عادلة في دعم الصحافة لا يبعث على الارتياح والأمل، لأننا سمعنا مثل هذه الوعود قبل اليوم، لكن مرت الشهور والسنوات ولا شيء تغير. وستأتي السنة المقبلة وتبقى دار لقمان على حالها، وستبقى السلطة تخيرنا بين الجزرة والعصا، وسياسة الكيل بمكيالين، حيث هناك مقربون من السلطة تدعمهم بكل الإمكانيات، ومغضوب عليهم تحاربهم بشتى الوسائل.وتبقى المهنة بين هذا وذاك مغتصبة، وأغلب الصحف تفكر بالليل في الصيغة التي تقضي بها نهارها، وتبقى معلقة بين نهاية الشهر والآخر، كيف تنجو من موت محتم.هذا الواقع يعرفه وزير الإعلام جيدا، ولا أستبعد أنه يشجعه مثلما شجعه من سبقوه.فبهذه الطريقة فقط يمكن للسلطة تكميم الأفواه وضمان تبعية أهلها، تجنبنا ”لشرورهم”؟!كل سنة وحرية التعبير في بلادنا تحاول فك قيودها؟!
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 03/05/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حدة حزام
المصدر : www.al-fadjr.com