الجزائر - A la une

كفاح متواصل لسلام بعيد المنال..!



من جديد، توجهت الأنظار شطر المسجد الأقصى لترقب مجريات الصراع الأزلي الدائر حوله، بين الفلسطينيين والاحتلال الاسرائيلي، بعدما إحتجبت هذه القضية، خلف غضب الشوارع العربية التي طالبت بالحرية، والكرامة، من حكامها.في حين وقّع الفلسطينيون، أصحاب الأرض مصالحتهم وأعادوا الوصال بين الضفة والقطاع، مصالحة وإن لم يكشف موّقعوها عن مصير قضايا الخلاف الجوهرية التي أدخلتهم في تيه السنوات الأربع الماضية، فهم يتطلعون الى بناء مستقبل واحد لفلسطين وشعبها ما دام المصير واحد.
لقد تفاجأ العدو والصديق بسرعة هذا الإتفاق الذي تزامن مع الذكرى ال 63 للنكبة، فكان إحياؤها هذه المرة مخالفا للتقاليد الماضية التي كانت تقتصر على البكاء على الأطلال وعبارات الإدانة وقصائد الهجاء.
فكل من شاهد يوم الزحف الفلسطيني لاحظ روحا جديدة تسكن أجساد الشباب التواق الى الحرية بدل السلام، مستلهما من ثورات الشعوب العربية، الأخيرة ضد حكامها والتي اقتلعت حاجز الخوف من الذات وتتطلع الى أفق أفضل.
إن القضية الفلسطينية التي وصلت الى هذا المستوى من الضعف والهوان -ليس لتخلي الحكام العرب عنها فقط- وإنما كان بسبب تنازلات عديدة ذبحت قربانا لسراب السلام، مع كيان لا يرغب أبدا في السلام.
وهي اليوم بصدد فتح باب جديد لكفاح جديد، بعدما خرجت من حضن القادة الى أحضان الشعوب العربية، التي لا تريد استعادة كرامتها المداسة من الأنظمة الديكتاتورية الفاسدة فقط، وإنما أيضا وقف إذلال واستكبارالأمريكيين المتجسدين في الدعم المطلق لإسرائيل ومستوطناتها وعدوانها المستمر على الأمة العربية، وإن حادت عن هذا الأصل والأكيد أنها لن تفعل حق أن تكون “شعوبا أتعس من حكامها”.
فهذا المسار الذي بدا يرتسم لكفاح الشعب الفلسطيني المستلهم من الربيع العربي بالاضافة الى تضاؤل التأثير الأمريكي الملحوظ في الشرق الأوسط سيؤدي الى تصلب أكبر للمواقف، الأمر الذي ينذر بمرحلة صدامات أخرى في المنطقة وما يدعم هذه الرؤية دخول الحكومة الأولى الإسرائيلية في هيستيريا شديدة، ألزمت الحزب الأمريكي على مرافقة الصحوة العربية ومحاولة تبنيها طمعا في ودّ زائف قبل التخلي عنه لصالح إسرائيل، كما فعل مع أصدقائه من القادة الديكتاتوريين لصالح شعوبهم.
إن جوهر هذه الثورات وزيادة عدد الدول التي اعترفت بدولة فلسطين أعطيا انطباعا بأن السلام ليس بقريب قبل أن ينطق أوباما من بيته الأبيض مختالا رافع الرأس، يهدد وينذر وينصح ويَعِد في خطاب لم يحمل أي جديد غير مطالبته لإسرائيل بانهاء الاحتلال كلفته سخطا وتوبيخا فمن طرف نتانياهور الذي وصفه بالعودة الى ما وراء حدود ال 67 بالوهم الذي سيتكسر على واقع صخور الشرق الأوسط، أما أوامره للفلسطينيين فتمثلت في:
يجب على السلطة الفلسطينية أن تتخيل كيف يمكن لها أن تقيم شراكة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة التي ترفض أصلا الاعتراف باسرائيل.
يتعين على الفلسطينيين ضمان أمن إسرائيل قبل بدء المباحثات حول مستقبل القدس واللاجئين الفلسطينيين المقيمين في الدول العربية والقبول بدولة منزوعة السلاح.
فرؤية أوباما هذه تتوافق تماما مع رؤية نتنياهو، ففيها انتقاد ضمني لاتفاق المصالحة، كما لم يرد أي شيء بخصوص إيقاف الاستيطان، ومواصلة النظر للفلسطينيين بأنهم تهديد لأمن إسرائيل، في مقاربة غريبة أهملت الذي يستبيح الأرض والعرض ويرتكب جرائم ضد الانسانية، ولم يطبق يوما أي قرار صادر عن مجلس الأمن.
ورغم هذا لازال الطرف العربي منكبا على بحث فحوى الخطاب يقرأ ما بين سطوره قبل أن يعلن رفضه على استحياء مع شكر وتقدير لسعي الرئيس الأمريكي، لأن العرب أفضل من يتقن الآداب الدبلوماسية عكس اليهود.
أما بخصوص انفراد الجانب الفلسطيني بالحصول على الاعتراف الدولي بدولة فلسطين وعاصمتها القدس، في سبتمبر المقبل من الجمعية العامة للأمم المتحدة، فقد نصح أوباما الوفد الفلسطيني بعدم القدوم الى نيويورك، لأن ذلك لن يحصل، في حين اعتبرت اسرائيل هذا الأمر تطرفا من محمود عباس، وأصدرت مذكرة تعتبره رجلا لا يصلح للسلاح وهمه الوحيد هو الحصول على تمجيد الشعب العربي له..! والحقيقة أن الجانب الإسرائيلي يريد سلاما على وزن المزيد من التنازلات وتحاول السلطة الفلسطينية من جهتها التمسك بشروط استئناف المفاوضات وتعلم أن خضوعها لمطالب اليهود لن يبقي لها شبرا تقيم عليه الدولة الفلسطينية ولهذا أمام هذه المتغيرات القديمة الجديدة لن يشهد العالم أي تقدما في عملية السلام وسيفشل أوباما في تحقيق مسعاه كما فشل الذين قبله بالبيت الأبيض، وسيترك كل شيء للزمن، الذي لابد أن ينصف الفلسطينيين كما أنصف الشعوب العربية بالثورات الربيعية في الأشهر الأخيرة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)