فُوجئ التّونسيون مُؤخّرا بمعاملة أبناء بلدهم من أعوان الأمن العاملين في قطر مثل العبيد، فيما كانوا يعتقدون أنّهم في رغد العيش في الإمارة التي تلعب بأذرعها الاستثمارية وتستحوذ على أثمن ما تقع عليه أعين العائلة الحاكمة في جميع القارّات بفضل الثروات النفطية والغازية التي أودعها الله في باطن صحراء قطر ومياهها الإقليمية.
وصرخ أحد الأعوان الذين انتدبتهم قطر في خريف 2011 لحفظ أمنها رغم أن تونس كانت تُعاني من هشاشة أمنية في تلك الفترة، عندما التقوا بوزير الداخلية التونسي علي العريّض على هامش زيارته الأخيرة إلى الدوحة "مُعاملة المسؤولين القطريين سيئة جدّا" واصفا إيّاها بمُعاملة "السيد للعبد".
واشتكى بعضم للعريّض من "الوضع المُزري" و"الظّروف اللاإنسانية" التي يعيشونها في "بلدهم الثّاني" الذي يُموّل الثّورات العربية التي انطلقت من بلادهم من "أجل الكرامة قبل الخُبز".
ورووا كيف تمّ إسكانهم لدى وصولهم في البداية في مُجمّعات سكنية للعمال غير ملائمة بالمنطقة الصناعية، لا يُوجد بها أدنى معايير السكن المُحترم، حيث تمّ حشرهم حشرا في غرف ضيّقة كالأسماك في عُلبة السّردين، قبل نقلهم إلى "مُعسكرات" السّكن الجماعي، بحسب ما جاء في فيديو مُنتشرعلى نطاق واسع على مواقع التّواصل الاجتماعي.
وحكوا كيف يعملون كامل ساعات اليوم من دون انقطاع ولا يُسمح لهم القيام باتصالات هاتفية لفترات طويلة ويُمنعون من استقدام أسرهم وكيف يعيشون تحت تهديدات يوميّة بالطّرد وبضياع حقوقهم، حتى أن بعضهم نعتهم ب"المرتزقة" و"الجياع".
وقالوا إنّهم وقعوا ضحية عملية احتيال، حيث أبرموا عقود عمل في تونس بشروط تحفظ لهم كرامتهم، ففُوجئوا عند وصولهم الى قطر بإلغاء تلك العقود وتمّ إجبارهم على إبرام عقود جديدة برواتب "لا تُسمن ولا تُغني من جوع".
وعلّق أحد الأعوان في مقطع على شبكات التواصل الاجتماعي، تحت اسم فراس الفرشيشي، قائلا "زفتُ تونس ولا عسلُ قطر!".
وطالب الجميع من الوزير العريّض، الذي كان يُسجل شكواهم على الورق، بالتدخل لدى السلطات القطرية لتحسين أوضاعهم.
وكان الوزير قد التقى مع ولي العهد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ونظيره القطري، الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، عندما زار الدوحة بداية يوليو. وتمّ الاتفاق على "توقيع اتفاقية بين البلدين تتعلّق بالتعاون في عدة مجالات، من بينها مقاومة الجريمة وتبادل المعلومات في مختلف المجالات الأمنية وتبادل الخبرات".
وتعدّ الجالية التونسية في قطر بحوالي عشرة آلاف شخص، وهي واحدة من أكبر الجاليات العربية في الإمارة الغنية ويعمل أغلبهم في قطاعات التعليم والصحة والنفط والسياحة والأمن. وتقول الدوحة أنها تعتزم رفع الكفاءات التونسية في قطر إلى 35 ألف شخص في الفترة القليلة القادمة.
وقد تمّ مُؤخّرا بعث "مجلس الجالية" ل"الإشراف على مصالح التونسيين" في الإمارة التي تربطها علاقات قويّة مع الحكومة التي تقودها حركة "النّهضة" الإسلامية التي يتزعّمها الشيخ راشد الغنّوشي.
واختار الغنّوشي أن تكون قطر أول محطة خارجية له بعد أقل من أسبوعين على فوز الحركة في انتخابات المجلس التأسيسي، ممّا فتح المجال لكثير من التأويلات والانتقادات في تونس.
وأعلنت أحزاب سياسية تونسية عن رفضها القاطع لدعوة أمير قطر حمد بن خليفة آل ثان لحضور أعمال الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني التأسيسي. وقال الأمين العام لحزب العمال الشيوعي التونسي، حمة الهمامي، "لا أهلاً ولاً سهلاً بعُملاء أمريكا والكيان الصهيوني في الوطن العربي".
وخرج "شبابُ الثورة" في مُظاهرة أمام السفارة القطرية ندّدُوا فيها بما وصفوه ب"التدخل السافر" لدولة قطر في الشّأن الداخلي التونسي.
وردّ الغنّوشي بالقول أن "دولة قطر شريكُنا في الثورة من خلال إسهامها الإعلامي عبر الجزيرة وتشجيعها للثورة حتى قبل نجاحها".
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 09/08/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حبيب طرابلسي
المصدر : www.algeriatimes.net