الجزائر

كثرة الأحزاب.. ولا كثرة الاستبداد



لا يوجد نصف حق أو نصف باطل.. ولا نصف حقيقة أو نصف وهم.. لا يوجد هذا على الإطلاق.
كما لا يوجد نصف مواطن.. أو سدسه.. ولا أكثر من ذلك ولا أقل.. ثمة مواطن كامل الحقوق.. كامل الجنسية.. آدمي كغيره.. ولا شيء يعدو ذلك.
لهذا الاعتبار.. من حق أي مجموعة مواطنين أن ينشئوا حزبا سياسيا.. وأن يكون لهم عنوان وبرنامج وأفكار.. وأن يطمحوا إلى الوصول إلى الحكم.. والجلوس بأدب على الكراسي كغيرهم من الفائزين بشرف.. فيكون منهم الرئيس والوزير والنائب ومن على شاكلتهم.
كل ما يطلب من هؤلاء.. هو أن يحترموا القانون.. وألا يفكروا في التزوير أو مباشرته.. وألا يطمحوا إلى الصعود على أكتاف المعذبين في الأرض.. ليرتووا من دموعهم ويشبعوا من لحومهم.. وأن يعبروا ممرا واحدا ووحيدا إلى السلطة.. هو الصندوق.
من اقتنع بهذا.. قيل له أهلا وسهلا بك في نادي الأحزاب السياسية.. في الواقع وليس على الورق طبعا.. أليس الأمر سهلا.. ويكون أسهل لو تؤسس الأحزاب في بلادنا بالإخطار وليس بالمشوار.. فنفعل كما يفعلون في الديمقراطيات العريقة.. بعيدا عن أكداس الوثائق وعنتريات الإدارة.. وبغير صك غفران تتسلمه من وزارة الداخلية.. بعد أن تقدم اعترافاتك.. وتنظر هي في ماضيك ومستقبلك.. وصمتك وكلامك.. وما يبدو على محياك وما يختلج في صدرك.
***
يشمئز البعض من كثرة الأحزاب المتناسلة في مواسم الانتخابات.. ويرى ذلك عيبا خلقيا (بكسر الخاء) في منظومتنا السياسية والفكرية.. ومرجع هذا الاشمئزاز أننا لم نخبر التعددية بعد.. ونجهل أن الحقوق السياسية والمدنية مبذولة لكل المواطنين دون استثناء.. ومن يحجر عليه القانون فبسبب زلات ارتكبها.. وثبتت عليه بالدليل.. وليس بالرغبة في الإقصاء.
في الواقع.. نحن نغفل عن حقيقة أن المشكلة لا تكمن في كثرة الأحزاب.. بل تكمن في أفهامنا.. هي تنبع ممن يريد الأحزاب على الورق فقط.. أو من يقتني برخصة حزب سجلا تجاريا.. ليفتح دكانا سياسيا يبيع فيه الريح للناخبين.. أو من يريد الحزب حصانا يعدو وحيدا في مضمار مرتب مسبقا.
ما عدا هذا.. تتسع الجزائر لألف حزب.. إن كانت هذه الأحزاب تأتمر بالقانون.. لكنها لا تتسع لحزب واحد ينشأ في الظلام.. وتحيط به الشبهات.. حتى إذا بدأ نشاطه وضع مخططا للتزوير.. وشرع في ارتكاب الفعل الشائن.. فإذا قيل لأصحابه: لم تفعلون هذا؟ أجابوا ببساطة: لتظل الجزائر واقفة!
***
من عايش الاستبداد.. وخبر موبقاته.. واكتوى بناره.. سيقبل بملء الأرض أحزابا.. ولا يتسع فكره لديكتاتور واحد ووحيد.. يمد رجليه على خارطة الوطن.. حتى إذا حاول مواطن واحد تعديل هيئة جلوسه أو نومه.. كأن ينام على شقه الأيسر بعد أن أعياه النوم على شقه الأيمن.. التقطه ووضعه في السجن.. أو رماه خارج الحدود




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)