الجزائر

كان الله والباقي الله



كان الله والباقي الله
من المفروض ألا يفاجئ التغيير الذي أجراه رئيس الجمهورية أمس على الحكومة، لأنه ليس من المنطق أن يستقدم أناسا من غير المحيط الذي يمارس به الحكم منذ أن عاد سنة 1999. كما أنه كان سيفاجئ الجزائريين لو عيّن مسؤولين جدد لا يعرفهم الناس بما يشتهر به ممن مارسوا السلطة في عهد السخاء المالي واللاعقاب. لو حدث ذلك لاندهش الجزائريون، وعاد إليهم بعض الأمل في أن يتولى أمورهم وجوه جديدة تحمل الأفكار والأخلاق التي تليق بتلك التعيينات.لقد شغل التغيير الحكومي هذا، الناس، نهار أمس، في الوقت الذي كان الاعتقاد يسود أنهم طلّقوا مثل هذه الانشغالات، لأن قناعة تشكّلت لدى الجزائريين العاديين، بأن ما “ما يحدث فوق” لا يعنيهم، ولكن يعني “الأسرة الحاكمة” وحدها، في صراعاتها الداخلية التي لا تخرج عن سياق “أزمات الحمامات”، والتي لا ترتقي إلى الصراع النبيل لتغليب أحسن مناهج تسيير البلاد وخيراتها.
لا شك أن الوزراء الذين كان الناس يعتقدون أنهم “رجال” الرئيس، من ولد قابلية وحراوبية إلى تو، مرورا برحماني ومدلسي وغيرهم، كانوا يحسبون أنهم سيخلدون في الحكم بعد مغادرة الذي جاء بهم إلى الحكم. ولم يكونوا يتوقّعون في يوم من الأيام أن يتخلى عنهم الذي جاء بهم وسبّحوا بحمده طيلة ثلاث عهدات متتالية، وعبّروا له عن وفاء لا يبلغه وفاء (...). ومع ذلك، تخلى عنهم ببساطة كبيرة وغيّر مواقع الذين احتفظ بهم واستدعى آخرين لمناصب ربما لم يكونوا يتخيلونها وهم الذين سبق له طردهم. حقق أحلام بعض الذين جدّد فيهم الثقة ورفعهم إلى ما كادوا ييأسون منه، ودحرج آخرين إلى ما يمكن وصفه بالإهانة.
ومع ذلك لا يفاجئ ما قام به الرئيس الجزائريين، لأنهم يعرفون أن ذلك لا يعنيهم كثيرا مادامت طموحاتهم في أن يتولى أمورهم أكفؤهم ليست في جدول الأعمال.
كان الله والباقي الله. هكذا يفكر الذين اعتقدوا أنهم انخرطوا في “الأسرة الحاكمة” من الذين أحالهم الذي استقدمهم إلى مهام أخرى، مثلما أحال أقرب المقربين إليه، شكيب خليل، الذي صار يترجاه أن ينقذه من المتشفين ويحتفظ به ولو بوابا في رئاسة الجمهورية ولم يحقق له ذلك الحلم الأخير: البقاء في الحكم. قبل أن تصير صورته تحتل صدر صفحات جرائد العالم مطلوبا من قضاء البلاد التي كان الاعتقاد فيها يسود أنه من بين “المعصومين من السؤال”، وغيره في الحقيقة كثير، وهو ما يعرفه المتخلى عنهم ولا يجهله الذين استدعوا لخلافتهم.
كان الله والباقي الله...

[email protected]


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)