الجزائر

كاريير والأدب العربي



ليس من الغريب ان ينفق مستشرق ألماني وقتا طويلا في متابعة الأدب العربي ودراسة خصائصه ومميزاته، و يستخرج منه معاييره الفنية ؛فقد درس كايير الأدب العربي في مجال التنظير الشعري، ولم يخف إعجابه بشعرائه، فاستشهد بأشعارهم ومضامينها ، ليصل من خلالها إلى معرفة مقومات الشعر العربي وعناصره الأساسية؛ ويذكر كاريير عند حديثه عن البيت الشعري، فيصفه أولا بأنه يتطلب قالبا محددا، تأخذ فيه كل كلمة مكانا ثابتا لا تحيد عنه، وتستمد معناها من موقعها من البيت، ثم يشير إلى أن الكلام الموزون بناء محكم ،و كذلك فعل في دراسته لنشأة الانواع المحلية في ضوء تاريخ الأدب المقارن، فرأى أن أساس الملحمة الشعبية يتمثل في الاناشيد المفردة، التي يمجد فيها الشعب عملا بطوليا، يتغنى فيه بأمجاد بطل معين، انطلاقا من وقائع حياته ، هذه الأناشيد التي تسيطر عليها النغمة الغنائية، أي أن الشعر الغنائي يحتل فيها المكانة الأولى، ويظهر ذلك في الأشعار الحماسية أو في مجموعة الاشعار العربية القديمة، التي تعود إلى الشعر الجاهلي. ويتعرض كاريير بعد ذلك للشعر الغنائي، ويؤكد أنّ الشعر اليوناني و الروماني، يمتاز بظاهرة الإيقاع الموحد الذي يربط بين أبيات القصيدة وأجزائها ومقاطعها، أما الشعر العربي فيمتاز في نظره بالقافية الموسيقية التي تدل على ما للغة العربية من ثروة وغنى، ويؤكد كاريير أن مكانة الشعر الجاهلي عند العرب بعد الاسلام كانت تضاهي مكانة الاساطير القديمة عند اليونان، ولا ينفي كاريير أن يكون العرب قد أثروا برثائهم لغرناطة في القصص الاسباني، كما أثروا في نشأة الشعر الايطالي الحديث عن طريق صقلية التي احتفظت فيها الثقافة العربية بمكانتها المتميزة ،وبهذا يكون كايير حاول التنويه بالأدب العربي وبشعرائه ؛ ويستخرج منه معاييره الفنية ويُعلي من شأنه بين الآداب العالمية.

تنزيل الملف


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)