الجزائر

كاريـــــــــــــــــــــــculture احذروا "الداندو" !!



في السنوات الأخيرة، استطاع ساندويش الشاورمة "المشرقيّ" أن يسحب البساط من تحت طبق البطاطا الممزوجة بالبيض، أو ما يعرف شعبيا باسم "الفريت أومليت"، وصارت كتلة لحم الديك الرومي المشنوقة في سيخ آلة الشوارمة، المعروضة على واجهة محلاّت الأكل، تزاحم سلال الخبز المعروضة على قارعة الطريق، مما يوحي بأنّ الشاورمة أصبحت بالفعل أكلة شعبية.. الذي لا يعرفه كثيرون، هو أنّ لحم الديك الرومي، المعروف شعبيا أيضا باسم "الداندو"، كان إلى زمن قريب لحما محرما على المائدة الجزائرية، وعندما أقول محرما فأنا أعني ما أقول.. هذه المعلومة لقفتها من لسان جدّتي التي لا تزال إلى يومنا هذا تحرّم على بطنها أكل "السكالوب"، بل وتذهب جدّتي إلى أبعد من ذلك، حيث تضع لحم الديك الرومي في مرتبة تحريم لحم الخنزير، وهذا على خلفية تحريم شعبي كان سائدا قبل عقدين من الزمن، يجزم بأن في لحم الديك الرومي "شعرة اليهودي" التي تشبه شعرة لحم الخنزير المحرّم على المسلمين.  في الحقيقة؛ لم أكتف بحديث جدّتي التي لا تقرأ في صلاتها غير سورة الفاتحة، وسألت بعض الطاعنين في الحياة عن ذلك، ليؤكّدوا لي أنّ لحم الديك الرومي كان بالفعل، محرّما على المائدة الجزائرية، لاعتبارات تتعلّق في غالب الطرح بـ"شعرة اليهودي"؛ التي قيل إنها تؤثرّ على الرجال وتدفعهم إلى عدم الغيرة على نسائهم، ولأن الجزائري "ألعبلو في كلّشي غير في هذه القضية".. قرّر أن يستغني تماما عن شبهة "الداندو" !!  لكن الغريب في الأمر أنّ "الداندو" عاد بقوّة مع مطلع الألفية الثالثة، مع انسحاب تام لإشاعة "شعرة اليهودي"، وأصبح إنتاج الديك الرومي في المزارع الجزائرية، كبيرا جدا بعد أن كان قبل ذلك رجسا من عمل اليهودي.. فما الذي تغيّر في المجتمع ؟؟ قد يقول قائل، إن تطوّر ثقافة المجتمع وانتشار العلم عند الأجيال الجديدة، هو الذي دحر خرافة "الشعرة"، لكّن ما يعرفه كثيرون أيضا، هو أنّ لحم الديك الرومي، لم يفارق منذ الاستقلال مائدة رجال الحلّ والربط في هذا البلد، وباعتبار أنّ إنتاج الديك الرومي، كان محدودا قبل الألفية الثالثة، خرجت إشاعة "شعرة اليهودي" كي تُبعد عيون الشعب عن "الداندو"، وعندما ملّ رجال الحلّ والربط من السكالوب وتحوّلوا إلى اكل لحم آخر، سحبوا من الشارع تلك الشعرة المشبوهة التي ارتبطت لعقود من الزمن بديك الروميين.  لكنّ دعونا نعود إلى سليقتنا ونيّتنا الأولى ونتساءل "في خضمّ هذا الإقبال الكبير على السكالوب والشاورما، ماذا لو أنّ شعرة اليهودي لم تفارق "الداندو"؟؟    يكتبه : رشدي رضوان


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)