الجزائر

كاريـــــــــــــــــــــــculture عذرا يا بحر



من أجمل القصائد العربية التي لمست فيها علاقة غير نمطيّة بين الشاعر والبحر، قصيدة لأدونيس بعنوان "لو أن البحر يشيخ"، أتذكّر منها هذا البيت "لا وقت للبحر لكي يتحدث مع الرمل/ مأخوذ دائمًا بتأليف الموج"..وقد تكون ذاكرتي عاجزة عن استحضار نماذج أخرى من المتون الشعرية العربية القديمة أو الحديثة التي تتعامل مع البحر، باعتباره طرفا يحتاج إلى من يستمع إليه، وهو الذي فتح أفقه وطيّات أمواجه منذ بدأ الشعر  لاستقبال هموم ومشاكل الشعراء، الذين استغلوا صبره وسعة صدره لصبّ جامّ دموعهم في مائه، ومنهم حتى من ألصق به تهم الغدر والجبروت والوحشة..لماذا يتعامل الشاعر العربي مع البحر كما يتعامل مريض بالوهم مع طبيبه النفسي ؟ أو كما يتعامل المسيحي الكاثوليكي مع قسّ في كنيسة ؟ لماذا هذه الأنانية في ربط علاقة توافقيّة مع هذا الأزرق المُطلق الذي حمّلوه قلقهم مثلما حملّوه منذ زمن الفراهيدي أوزان الشعر ؟عندما أقرأ شيئا من الشعر غير العربي فيه ذكر للبحر، أحسّ كم هو الشاعر العربي بعيد عنه، رغم قربه الجغرافي منه، عندما أقرأ في قصيدة للشاعر الإسباني لوركا مقطعا يقول فيه "أغنية ماء البحر/ البحر من بعيد يبتسم/ أسنانه زبد" أو أقرأ مقطعا من شعر الهايكو الياباني مثل "الأمواج الدافئة/ نثرت فقاعات بيضاء على الشاطئ/ على بساطة البحر" أدرك كم نحن مخطئون في حقّ هذا المخلوق المائي الجميل، الذي لم يعد يعني في شعرنا غير الظلمة والحرقة وفي أحسن الأحوال وعاء لصبّ الدمع..يكتبه : رشدي رضوان


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)