الجزائر

كاريـــــــــــــــــــــــculture بحث في فائدة مثقف!


هناك سؤال يوشك أن يوقّف لي مخّي هذه الأيام.. سؤال لا يعني المثقفين من سكان الولايات الداخليّة، بقدر ما يعني نظراءهم المقيمين بالعاصمة.. سؤال سأطرحه في نهاية هذا الكاريــ..كثيرا ما تقرأ في أشعار وروايات ومقالات الكثير من الشعراء والروائيين والكتاب الجزائريين، جملا وفقرات ممطّطة عن علاقتهم الصحيّة بالفن الراقي والأيقونات الموسيقية العالمية، لا سيما سيمفونيات موتزار وشوبان وبيتهوفن.. وكثيرا ما يتشدّق أحدهم وهو يجالسك بمعرفته لريبرتوار الموسيقى العالميّة، وحسن قراءته لما وراء نوتاتها التي قد لا يفهمها عامة الشعب.. وقد يصل الحد بأحدهم إلى تصديع رأسك بحكايات عن سفرياته المظفّرة إلى بلدان أوروبا، وكيف وقف في طابور أمام دار أوبرا، مع علية القوم طبعا، وكيف دفع 100 أورو بكامل زُرقتها من أجل أن يضع مؤخّرته على كرسيّ داخل القاعة التي لا تسمع فيها زنّة ذبابة، في انتظار أن يرفع الستار على جوق موسيقي محترف، يعزف بالشوكة والسكّين..هذه الحكايات المخمليّة التي أوردتها على سبيل الأمثلة، والتي يبدع في رصفها الكثير من مثقفي هذا البلد، خصوصا المرسّمون منهم، من وسعها أن تعقد لسان مجالسهم، وتفتح فمه للدهشة وأذنيه للاستماع الحريص على التقاط الحسّ المرهف للراوي.. حكايات تستفزّ فيك الصمت خشية أن يكتشف الرواي العارف، بأن معلوماتك حول تلك الموسيقى المثقّفة، محدودة، مما قد ينزع عنك صفة المثقّف..ومن أجل استدراك الأمر، والحفاظ على تلك الصفة، قد تحمل مؤخّرتك وتركض إلى أول موعد سيمفوني يقام هنا بالجزائر، مجانا طبعا، من أجل الاقتراب أكثر من هذه الموسيقى المثقّفة، وأخذ بركاتها..ويا سلام؛ لو شمل هذا الموعد، حفلات لموسيقيين عالميين من 18 دولة كالتي تقام هذه الأيام في مبنى بشطارزي بتنظيم من الأوركسترا السيمفونية الوطنيّة.. أكيد أنهم يعرفون موتزار وشوبان وبيتهوفن..هي فرصة إذن؛ لكي يراك أولئك "المثقّفون" المتشدقون بالمعرفة الموسيقية، وفرصة للمحافظة على صفة المثقّف المهتم بموسيقى الشوكة والسكّين..لكن عندما تصل إلى مبنى بشطارزي، وتبدأ في توزيع نظراتك على الجمهور الغفير، علّها تعلق بسحنة مثقّف ما.. مثقّف دفع 100 أورو زرقاء في أوروبا من أجل الأوبرا.. مثقّف لطالما حدّثك عن صداقته الافتراضيّة بموتزار ومعرفته بشوبان وحميمياته مع بيتهوفن. لكنك لن تجد لخلقته طلّة هنا، في موعد جزائري نادر، ومجّاني.. لن تعثر على وجهه بين وجوه الدبلوماسيين وأبناء الجالية الأجنبية وطلبة الموسيقى وشباب من باب الوادي، ومواطنين بسطاء، حجّوا جميعا هذا الأسبوع إلى مبنى بشطارزي ليبرهنوا بأن الموسيقى الكلاسيكية الرفيعة، ليست كلاما في مقهى أو أبيات في قصيدة أو فقرة في رواية.. وإنما هي سلوك، يجهله الكثير من مثقفينا للأسف..آه؛ قبل أن أنسى.. بالنسبة للسؤال المفتوح أعلاه، سأطرحه في الكاريــ القادم.يكتبه : رشدي رضوان
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)