الجزائر

كاريـــــــــــــــــــــــ المبدع الجديد وعقلية الناشر "الحوميست" *



قرأت، أول أمس، في جريدة "الجزائر نيوز" مقالا للزميلة نبيلة سنجاق، تحت عنوان "المبدع الجديد وعقلية الناشر الحوميست"، لخصّ بالفعل ما وددت قوله اليوم في هذا الكاريــ، لذلك سأنشر مقال الزميلة - بعد إذنها - كما جاء.. *** قرأت يوما حوارا للكاتبة الشابة هاجر قويدري، نشر لها فور نيلها جائزة علي معاشي لرئيس الجمهورية، جاء في أحد ردوده: ''من غير الممكن أن يبدأ المبدع من جائزة.. هي بداية الحضور ربما.. لكن حضور النص قديم جداً.. هو ميلاد يسبق تواريخ ميلادنا ربما.. وهو نبضنا المتواصل الذي لا يقف عند الجوائز أبدا..''. وعلى ضوء ما قالته حينها، قررت أن لا أعتبر تتويجها بجائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي، بداية لهذه الكاتبة.. فأساسا هي موجودة في الخريطة الكتابية الجزائرية منذ سنوات الآن، نعرفها، نصادفها في خرجاتنا، نقاسمها لحظة شاي أو قهوة. ومع هذا لا أمنع نفسي من أفكار بسيطة تحركت في رأسي. وتذكرت أمورا بلغتني بخصوص هجيرة، عندما أرادت أن تمنح لـ ''نورس باشا'' الحق في الحياة والوجود، علمت أن بعض الدور رفضت، وأخرى اشترطت أن تدفع الكاتبة مبلغا مقابل نشرها للرواية؟ لا أعرف إن كان ذلك حقيقيا أم اختراعا من اختراعات الوسط الإعلامي والثقافي، إلا أن الأمر ممكن الحدوث، بالنظر إلى الواقع. سبق لهاجر أن حازت جائزة علي معاشي للرواية، إلا أنها لم تر لنصها ناشرين يتهافتون على ''ادعى أوزنجو''، هي لم تغتر لا بقيمة الجائزة ولا برمزيتها، فالوسط الثقافي في البلاد مازال يشح عن تدعيم الأقلام الجديدة. مازال المبدعون الصاعدون يكتبون على جدرانهم الخاصة، في وقت تكرر دور النشر الجزائرية طبع الأعمال نفسها للأسماء نفسها، ومازالت تلك الدور تدعونا لنحتفي معها بكتاب أجانب، ننبهر بتجاربهم الكتابية، نتصفح حالاتهم النفسية والعاطفية، ونطلع على رؤيتهم للعالم، وكأنها رؤية فريدة لا مثيل لها. في تلك الأثناء، تتحرك كتابات شابة، هي الأخرى ترفع الستار عن حالة إنسانية في كل تجلياتها، تحكي أسرارها، آلامها، أفراحها، نظرتها للعالم، للحي، للقرية، للمدينة، للشارع، للدكان في تلك الزاوية، للشيخ القابع في ركنه، للعجوز الحالمة، للشاب اليائس، للفتاة الغارقة في بحور الحب ومغامرات التيه.. للجزائري المأسور في بواخر الحلم اللامتناهية.. أليس العالم قرية صغيرة؟ ألم توحد العولمة عواطف الناس؟ ألم تعد الأقلام متشابهة في بوحها وجنونها؟ لماذا يتصلب شريان دار النشر عندما يتعلق الأمر بكاتب ''صاعد'' أو''جديد'' أو''غير معروف''؟ لماذا نكاد نحمل أنفسنا على الصمت عندما يتظاهر الناشر العارف بحياة النشر والطبع والأدب والفلسفة والتاريخ ووووو... وما يمكن لرفوف المكتبات أن تتحمّله وما لا يمكنها تحمله.. نصمت عندما يبادر إلى الغضب لأننا قد نقترح عليه مثلا، أن ينشر لهاجر قويدري أوعقيلة رابحي أومروان سهيلي أو العيد بالح أوإسماعيل يبرير أوإيمليا فريحة، وآخرون كثيرون من الجزائر والجلفة وتيزي وزو والمدية والأغواط.. هم يعيشون هذه اللحظة في عوالم إبداعية دون أن تشعر بهم أي دار من الدور الجزائرية التي تعج بهم أروقة الصالون الدولي للكتاب، الذين يتزاحمون أمام المحافظة كل سنة لتأجير أجنحة لبيع مطبوعاتهم. دور النشر المقتدرة، في الدول التي كثيرا ما نحب أن نتشبه بها، كرست تقليدا جميلا يحتفي بالكتاب الجدد، دار النشر ''هناك'' باتت منجما لاكتشاف ''الذهب'' وليس فقط مصنعا ''لتكرير'' الموجود. الدور الجزائرية - في نظري - تسير بطريقة عائلية، ويتحوّل معنى ''الدار'' من مفهومه الواسع المنظم، المرتب، المسير، المنفتح على العالم عن طريق أبواب ونوافذ، إلى ''دار'' في مفهومها الضيق القبلي، وعلى حد تعبير شباب الحي ''عقلية حوميست'' نسبة إلى ''الحومة''، أي الحي الذي يرفض كل وافد جديد، فيستجيب إليه بالنفي والإقصاء والهجر. *العنوان للزميلة نبيلة سنجاق  يكتبه : رشدي رضوان


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)