تخيّل - بعيد الشرّ - لو جنّ جنون الريح في هذه الأيام الخريفيّة، واقتلعت ''البارابول'' من سطح بيتك، وأصبحتَ مجبرا على متابعة برامج التلفزيون الجزائري الديمقراطي الشعبي (···) كيف سيكون شعورك؟ أكيد سيُنمّل جسدك، و''يُكلكل'' دمك ويضيق صدرك حرجا، قبل أن تصرخ في وجهي : ''فال الله ولا فالك''··ولأن فال اللّه، وبعده فال أولي الأمر منّا، قدّر على الكثيرين منّا، وجه بوسالم و''قسّام'' بلقسّام، فلا تستغرب عزيزي المشاهد، الذي لم تشاهد تلفزيونك القومي في الأيام الأخيرة، إذا قال لك أحد الذين فعلتها بهم الريح مؤخرا، وكتمت على صدرهم ''اليتيمة''، أنه في الوقت الذي كنتَ فيه أنت، تتابع تلاحم ثلاث قنوات مصرية خاصة، في بث مشترك مباشر، قبل، أثناء وبعد المباراة، كان هو مصلوبا في شاشة تعذيب اليتيمة، يتابع أشرطة وثائقية عن عالم الحيوان ترصد طرق تزاوج النمل أو تُحلل نظريّة جديدة تؤكّد بأن الإنسان أصله غوريلا! ثم، وبعد أن يقتنع مشاهد اليتيمة المغبون، بأن أصله غوريلا، تصفعه البرمجة بحلقة جديدة من مسلسل مصري، يكتشف فيها البطل بأنه ابن الشغّالة، وليس ابن ستّ الهانم·· وبعد أن يشكّ مشاهد اليتيمة المغبون، في نسبه، تدخل عليه مذيعة نشرة الثامنة الجزائريّة، عشيّة مباراة منتخب بلدها الأخضر، ضدّ المنتخب المصري الأحمر، وهي تلبس سُترة حمراء مخطّطة باللون الأسود !! كفيلة بإصابة مشاهد اليتيمة المغبون، بانفصام شخصيّة وعسر هضم، يدفعه إلى الاستراحة قليلا في بيت الراحة، ليعود بعد نصف ساعة (وهو وقت كاف لتجنّب رؤية ولد عبّاس)، يعود إلى طاولة تعذيب اليتيمة، ليلفظ أنفاس صبره الأخيرة، على مشاهد فيلم جزائري قديم هارب من الأرشيف··كلّ ذلك، وأنت أيها الذي لم تفعلها بك الريح، تسرح في فضاء القنوات المصريّة المتضامنة والواقفة صفا إلى صف في وجه ''الأشرار الجزائريين''، في حملة إعلاميّة توشك على إقناعك بأن أصلك قد يعود إلى يهود أوربا الشماليّة أو يهود الموزنبيق·· kariculture@yahoo.fr رشدي رضوان
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 16/11/2009
مضاف من طرف : sofiane
المصدر : www.al-fadjr.com