ظلّت المرأة في مجتمعنا المحافظ حبيسة الأعراف وبعيدة عن الشّغل والإنتاج أجيالا طويلة، لكنّ فطرتها التوّاقة للنّجاح وإبراز وجودها، جعلتها تتشبّث بحقها في التعليم وولوج ميدان العمل، وتبقى تناضل إلى يومنا هذا لاسترجاع حقوقها المهضومة. لكن رغم تطوّر دورها في العمل واثبات جدارتها في عديد المجالات، لم يطرأ أي تغيير على مسؤولياتها تجاه البيت والاسرة والأطفال، لأنّ كثيرا من الأعباء المتعلّقة بالبيت وتقديم الرعاية للمرضى المسنين من نفس العائلة والتي تتطلب جهدًا ووقتا لازالت مفروضة عليها، ولايزال مجتمعنا لا يتقبل فكرة أن تتقاسمها، فتضطر جاهدة إلى مسابقة الزّمن ومضاعفة مجهوداتها للتوفيق بين كل هذه الأعباء، و تكاد لا تعطي نفسها قسطا من الراحة، لتبدأ بعده عناء يوم جديد.وينبغي الاعتراف أيضا أنّ يوميات المرأة الريفية أكثر شقاء وإعياء مقارنة بمثيلتها في المدينة. فرغم كدّها ومساهمتها في تحقيق قدر وافر من الانتاج القومي، يبقى واقعها اليومي يتميز بالبؤس والحرمان والجوع والافتقار للرعاية الصحية جراء الكم الهائل من أعباء الرعايةِ غير مدفوعة الأجر التي تتحمّلها، ما جعل الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر و تطلق برنامجاً لترقيتها في جميع أصقاع العالم، وإزالةِ العوائق التي تواجهها وتطالب بتعزيز قدراتها كمنتجة ومسيّرة.
كما ندّد ناشطون وحقوقيون، خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه السنة، بالاستغلال الذي تتعرض له المرأة عموما والريفية على الأخص جرّاء أعباء البيت غير المدفوعة الأجر، والتي ترغم في غالب الأحيان على القيام بها. وفي هذا السياق، قالت ماجدالينا سيبولفيدا، خبيرة الأمم المتحدة المستقلة والمهتمة بشأن الفقر المدقع في العالم أمام اللّجنة الاجتماعية والإنسانية والثّقافية الرئيسية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أنّ الطّهي والتنظيف ورعاية الأطفال والمسنين، ينبغي أن تكون مسؤولية اجتماعية وجماعية، بدلا من تحمل النساء كل هذه الأعباء، محذرة من أن الرعاية غير مدفوعة الأجر ستزيد من حالات الفقر والتهميش الاجتماعي للمرأة.
وحثت سيبولفيدا كافة دول العالم على الاعتراف بالرّعاية غير مدفوعة الأجر، باعتبارها قضية رئيسية من قضايا حقوق الإنسان”. وأشارت إلى أن ”أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر تعدّ قضيّة حاسمة لتحقيق النّمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية. ومع ذلك يتجاهلها الساسة أوينظرون إليها كأمر عادي، وهو ما قد يزيد في فقر المرأة ويعيق تمتعها بحقوقها.
وأشارت سيبولفيدا، في تقرير قدمته إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى أن هذه الظاهرة سائدة في البلدان المتقدمة والبلدان النامية على حد سواء، حيث تعمل المرأة ساعات أطول من الرجل ولا تحصل على تعويض مالي.
وشددت على أهمية اهتمام كافة دول العالم بالرعاية باعتبارها مسؤولية اجتماعية وجماعية وضمان تأمين الخدمات العامة الضرورية والبنية التحتية، بما في ذلك رعاية الأطفال، والرعاية الصحية، وتوفير المياه والطاقة، وخاصة في المناطق المحرومة.
تاريخ الإضافة : 27/10/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : و صويلح
المصدر : www.al-fadjr.com