يتطرّق "قنديل البحر" للعنف في المجتمع خاصة المُمارس ضد المرأة باعتبارها الكائن الضعيف في نظر الرجل والمجتمع معا، في قالب درامي وجريء وواقعي، وكذا أداءٍ عالٍ للممثلين، حيث اثبت تميز السينما الجزائرية على المستوى العربي والعالمي وتنوع مواضيعها المختلفة والتي تتناولها الأعمال السينمائية بكل عمق وحقيقة.يحكي الفيلم الذي تدور أحداثها بمدينة "شرشال" قصة امرأة وهي ربة بيت تدعى "نفيسة" اختارت أحد الأيام لتذهب في نزهة إلى الشاطئ، وبينما هي هناك تقرر الاستمتاع بوقتها إلى أقصى حد ما يجعلها تسبح لوحدها في مكان منعزل، وهنا كانت فرصة لمجموعة من الشباب المستهتر حيث قاموا بالاعتداء عليها وتركها هناك في البحر وهي تغرق بعد أن فشلت في مقاومتهم، لتتحول بعدها إلى قنديل بحر وتبدأ في انتقامها من المعتدين عليها وكل شخص يقصد ذلك الشاطئ، ومع عدم وجود شهود على الحادث تعيش عائلتها وسكان المدينة القلق والخوف.يصوّر الفيلم خيالا واسعا وجميلا من المخرج، كقصة فريدة كأنها من أفلام السينما العالمية، سواء من طريقة طرح الفكرة وكذا أدائها، وهي أيضا رسالة للمتلقي في أن العنف لازال يستمر بدرجات عالية، لكن بالمقابل يستطيع أن ينقلب السحر على الساحر، فهذه المرأة التي تصبر على كثير من الظلم والقسوة يمكنها أن تكون كائنا انتقاميا بشكل خطير جدا.يصنع الفيلم الجزائري أسطورة خاصة به، حين تتحول أحداثه إلى مكان غير متوقع، عندما تعود الأم القتيلة "نفيسة" إلى الحياة، ولكن بعد تحولها إلى "قنديل بحر" يخلو من أي شكل إنساني سوى بعض الحوارات الداخلية والمتبقية معها والممتلئة بالحب بينها وبين زوجها، وتبدأ برحلة إنتقام طويلة من الذين شاركوا بقتلها، بل وأيضاً لكل من يحاول الوصول إلى الشاطئ، حتى تتمكن القوى الأمنية هناك من قتلها ووضع جثتها المشوهة بالقرب من أحد النصب التذكارية بمنتصف المدينة، يشاهدها المارة وبتجمهرون حولها.يُذكر أن "قنديل البحر" وهو من بطولة عديلة بن ديمراد، نبيل عسلي، عزيز بوكروني وسعاد سبكي، ومن إخراج داميان أونوري، من تأليفه بالتعاون مع عديلة بن ديمراد، ومن إنتاج الهادي بوعبد الله-، قد شارك عام 2016 في 40 مهرجانا دوليا في مقدمتها مهرجان "كان" السينمائي بفرنسا، وحصل على جائزة مهرجان وهران السينمائي، وجائزة روسولني بروما وجائزة لجنة التحكيم بروما بمهرجان "مد فيلم" وجائزة أحسن فيلم في مهرجان باريس ومهرجان الدوحة. وبرمج "قنديل البحر" من بين 70 فيلما روائيا ووثائقيا وتحريكيا من 25 دولة مشاركة في المهرجان الذي اتخذ له العام الماضي شعار "أعط الحياة فرصة". وكان داميان أونوري قد قال أن ما دفعه لإنجاز هذا الفيلم هو الوضع العام الذي تعاني منه المرأة الجزائرية والعربية، خاصة منذ فترة التسعينات التي جعلت حريتها مكبلة، لذلك يجب الإشارة إلى هذا الواقع من خلال الأعمال وكذا البحث عن حلول لمنح المرأة حقوقها في ظل حريتها المسلوبة.يشارك في مهرجان مسكون" أفلام متنوعة على غرار "بوينغ" من إخراج الكوري لي تشانع دونغ، "كوك" للإيراني ماني حقيقي، فيلم "دشرة" لعبد الحميد بوشناق. "آخر أيام رجل الغد" للبناني فادي باقي، الوثائقي "78/52″ لألكسندر فيليب، فيلم الرعب "لوس سين نامبر" للمخرج الإسباني المعروف خاومي بالاغويرو. فيما يختم "عودة اللهيب" الصامت فعاليات المهرجان.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 23/10/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الجزائر الجديدة
المصدر : www.eldjazaireldjadida.dz