الجزائر

قناعات سائرين



يصر الحراك الشعبي على مواصلة مسيراته السلمية الأسبوعية، وتمسكه الشديد بمطالبه المشروعة، التي يرافع من أجلها في خرجاته كل جمعة عبر كامل التراب الوطني، دون كلل أو ملل، بل بنفس الوتيرة والعزيمة والإصرار، على رحيل كل رموز النظام السابق، وكل التابعين له والمحسوبين عليه، كما أنه يؤكد في كل موعد تشبثه بضرورة إحداث القطيعة معه، من خلال التغيير الجذرى، ومحاسبة كل الضالعين في قضايا الفساد، والمتورطين في نهب أموال الشعب بغير حق، من وزراء سابقين وشخصيات نافذة وأصحاب المال المنهوب، وكذا كل المتسببين في الأزمة السياسية التي تعاني منها بلادنا اليوم، والتي تعذر الخروج منها، بسب حالة الإنسداد التي باتت تخيم على المشهد السياسي، وحالت دون التوصل إلى حلول ترضي الشارع من جهة، والسلطة من جهة أخرى. لقد أثبت حراك 22 فبراير، أنه يتمتع بنفس طويل، وماض في مسيراته السلمية ما لم تتحقق كل مطالبه كاملة غير منقوصة، رافضا بذلك الدوس على إرادته أو التعدي على سيادته، التي كرسها له الدستور في المادتين 7 و 8 ، حيث لا زال الشعب يطالب بإلحاح بضرورة تفعيلها وينتظر تجسيدها على أرض الواقع، بعد مرور أكثر من ثلاثة شهور، على اندلاع هذه الثورة السلمية، التي حققت لحد الساعة، الكثير من المكاسب والانجازات الكبيرة والمهمة، ولا تزال تطمح إلى المزيد ... ما كان لها أن تحقق ذلك، لولا فطنة ويقظة ووعي هذا الشعب، على اختلاف مشاربه وأطيافه وتوجهاته وقناعاته، الذي خرج بالملايين عبر ربوع الوطن، بعدما كسر حاجز الصمت، بعدما تقين بخطورة الوضع الذي هدد كيان الدولة، فخرج بمنتهى العفوية إلى الشارع، وثار بطريقة حضارية ضد الظلم والحقرة وكل أشكال الفساد القائم والمطبق، الذي فاق كل الحدود وأثقل كاهله، وفرض عليه فرضا على مدار عشريتين كاملتين، متحليا بروح المسؤولية اتجاه وطنه، الذي عبثت به أيادي الفساد، وكادت أن تؤدي به إلى الهاوية. إن الحراك لم يفقد قوته ولا قواه، رغم المحاولات اليائسة والبائسة، التي سعت بطريقة أو بأخرى، إلى إضعافه وتشتيته والنيل من وحدته ومن صفوفه المتراصة، وكان مآلها كلها الفشل الذريع، كما أنه يؤكد في كل موعد، أن هناك قناعة راسخة لدى المتظاهرين بالملايين، تضع مصلحة ومصير الوطن فوق كل الاعتبارات، بعيدا عن الحساسيات والحسابات الضيّقة، التي قد تزيد الأزمة السياسية القائمة تعقيدا ... وهو ما جعل عجلة هذا الحراك الشعبي تسير في الطريق الصحيح، وتصنع المشهد السياسي في بلادنا دون منازع، أكثر من الأحزاب نفسها...


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)