الجزائر - A la une

قلب من لحم
قصة: عبد الرزاق بادي
الزمن ضحى يوم ربيعي بشمسه الحارّة، والشّارع تعوّد على الحكايا .... هي المدينة هكذا تهرب لك من وقتها نبض الحياة في أزقتها.
هي ترج هدوء الرصيف بطرف كعبها الممتلئ عنفوانا وشبابا ، تهز المشاعر بجسد فائر ، متمرد وثائر على ما تبقى من قطع القماش المرتجفة عليه ،الأنوثة طاغية ، التفنن في عرضها والعيون الكثيرة التي تتابع الفتنة تتحرك بثقة وثبات ، والرقاب التي تستدير طمعا في نظرة أخرى قد لا تكفي ، هي يمتعها هذا الذي يحدث كل مرة وتعرف أن القلب لحم كما يقال ...
هو تعود على كرسي المقهى ومتابعة الجميلات بنهم ...قد تغفل عيناه عن بعضهن لكنه لا يسمح بمرور الفاتنات هكذا من غير اهتمام ، يعرف الأجساد دون الأسماء ، فهي في عرفه لا تعني شيئا أمام الجمال .
هو يرى الجسد من بعيد فيشده ، يتابع بشغف ما سمحت به منافذ الثوب ، خطواته تتسارع في محاولة لاستكمال الصورة ... يريد أن يرى ملامح الوجه وباقي التقاطيع ، أن يضيفها لرصيد الجميلات في الذاكرة ، الجهد كبير لكن صاحبة هذا الجسد المثير تستحق هذا العناء ... يتظاهر بقطع الشارع أمامها ليلتفت إليها .
هو يلقي نظرة عجلى على السيارات المتسارعة أمامه ويعبر، بينما عيناه معلقتان عندها تمسح قدرة الخالق فيها بكثير من الاهتمام ... فجأة يتعالى صوت الفرملة وصراخ المارة فيرقد على الإسفلت دون حراك ، ينزل صاحب السيارة وهو يبكي :
لقد رمى نفسه أمامي كأنه يحاول الانتحار ، لم يكن ممكنا تفاديه صدقوني.
هي تضحك وتقول لقد لاحظت ذلك أنا أيضا.
* شارك:
* Email
* Print
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)