الجزائر

..قضيّة العرب


..قضيّة العرب
تدحرجت القضية الفلسطينية إلى آخر المشهد الإعلامي العربي، الذي تحوّلت وسائله منذ ثلاث سنوات إلى معاول لتهديم الأنظمة وتفتيت الدول والزجّ بشعوبها في احتراب داخلي الرابح فيه خاسر.لم تعد فلسطين قضيّة العرب الأولى كما كانت طيلة العقود الستة الماضية، ولم يعد أحد يلتفت أو يبالي لمعاناة شعبها ما دام أنّ هذه المعاناة أصبحت تهون أمام وقع الويلات والمآسي التي يتخبّط فيها العراقيّون والسّوريون والليبيّون والمصريون واليمنيّون والتّونسيون...منذ أن خيّمت فوضى التّغيير بظلالها القاتمة على ما يسمّى بدول "الخريف العربي" أصبحت قضيّة العرب الأولى محصورة في زاوية منسيّة، وحلّها لم يعد مطروحا من الأساس خاصة بالنسبة لأصحاب الحلّ والرّبط في العالم، الذين كانوا ولا زالوا السّبب في صنع مأساة الشعب الفلسطيني بداية من بريطانيا التي منحت الصّهاينة "وعد بلفور" وأجلستهم مكانها بعد يوم واحد من إجلاء قوّاتها في 14 ما ي 1948 من أرض فلسطين العربية، ثم ألمانيا التي أغدقت عليهم بالأموال من خلال تعويضات المحرقة، وفرنسا التي صنعت قوّتهم النّووية السريّة، فالولايات المتّحدة الأمريكية التي سارعت منذ الدقائق الأولى لميلاد الدولة الإسرائيلية اللاّشرعية للاعتراف بها، ومنذ ذلك الحين وهي تحمي ظهرها وصدرها وأرجلها المغروسة في قلب الوطن العربي.وكل ما يفعله هؤلاء الكبار المتواطئين المتآمرين هو مدّ القضية الفلسطينية من حين لآخر ببعض المسكّنات والمنوّمات، تحت عنوان مفاوضات السّلام التي لا يمكنها في كل الأحوال أن تفضي إلى نتيجة ما دام أنّ الخلاف بين إسرائيل والفلسطنيّين غير قابل للحسم، وما دام أنّ إسرائيل حاجة إستعمارية واستثمار استيطاني لابدّ وأن ينتهي ويزول.لم تعد غزّة وحدها محاصرة، بل القضية الفلسطينية كلّها أضحت محاطة بسياج من التّعتيم واللاّمبالاة ولا يمكن والحال هذه أن نلقي باللّوم فقط على إسرائيل التي جمعت شتات يهودها من "الغيتوهات" الحقيرة وأحياء الدّرجة الأخيرة، ومنحتهم دولة وانتماءً.ولا يمكن أن نحصر المسؤولية في كبار العالم الذين يكيلون بمعايير مغشوشة وبازدواجية مقيتة، فالذّنب يتحمّله أيضا العرب الذين تفرّقوا وذهبت قوّتهم وانشغلوا بتهديم بيوتهم، ومن ورائهم الفلسطينيين الذين شتّتوا صفوفهم وجرّدوا أنفسهم من سلاح المقاومة، التي تعتبر في كل الأحوال الوسيلة الوحيدة لاستعادة الحقّ المغتصب.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)