الجزائر

قضايا الفساد.. من يحاكم من؟!



قضايا الفساد.. من يحاكم من؟!
“الكثير من الفضائح يقتل الفضيحة”، هذا المثل الأجنبي يطبق اليوم بقوة في الجزائر، مع فتح كل ملفات الفساد، والغرض إغراق الرأي العام في الكثير من التفاصيل ليخرج منهارا لا يعرف كيف يتخذ موقفا، ويستسلم للواقع وللفساد العام.أين أموال الخليفة؟.. سؤال ردده الكثير من الزملاء الصحفيين عبر مقالاتهم، وردده الخليفة نفسه عدة مرات أثناء استجوابه خلال المحاكمة الجارية هذه الأيام بمجلس قضاء البليدة؟! نعم أين أموال بنك الخليفة وخليفة إيروايز وفروع مجمع الخليفة الأخرى التي تقارب الأربعة ملايير دولار؟! من نهبها؟!لا أعتقد أن مجلس قضاء البليدة الذي أغرق المحاكمة في التفاصيل، كأن يتساءل النائب العام لماذا سمي الخليفة بنك “آل خليفة”، أو لماذا لم يهرب رفيق عبد المومن منذ البداية، وتفاهات أخرى، قادر على الإجابة عن هذا السؤال الذي هو جوهر الفضيحة كلها، والذي يجد الرد على هذا الجواب سيحل المعضلة من أولها.وليس جلاب المصفي الذي ارتقى إلى منصب وزير المالية من سيرد على هذا التساؤل، مع أنه يعلم الكثير، لكن منصبه كوزير سيحميه حتما من استدعائه من قبل “قاض صغير” للشهادة في هذه القضية الفضيحة.انظري إلى وضع كل من اقترب من ملف الخليفة وكانت له علاقة به، وكيف ظهرعليهم الثراء لتفهمي أين ذهبت أموال الخليفة، يقول زميل لي؟!المصيبة أنه لا أحد يحاسب أحد، من أين لك هذا؟ إنها مرحلة الفساد العام الذي أعلنته السلطة على ما تبقى من كرامة لهذا الوطن.هل هي توطئة لتبرير الفساد، وتتفيهه هي ما تسعى إليه السلطة من وراء هذه المحاكمات التي غاب وستغيب عنها الأسماء الثقيلة واللصوص الكبار، وتبقى فقط الدمى التي صنعت في مخابر خاصة لتدفع الثمن وقت الحاجة؟أم هي تهيئة للرأي العام لمصالحة مع الفساد والمفدسين على طريقة المصالحة مع الإرهاب والإرهابيين على حد قول الأستاذ عاشور فني أمس في مدونته، حيث قارن بما يجري هذه الأيام في مجالس القضاء بالجزائر والبليدة، وسنوات التسعينيات، عندما ضحت السلطة بمئات الإطارات سجنت ظلما ليتم تفكيك النسيج الصناعي بحجة برنامج التعديل الهيكلي، ثم تفتت المصانع والمؤسسات الاقتصادية، وتفتح السوق إلى مزابل الحاويات. وبعدها تمهد الطريق للمصالحة والعفو عمن قتلوا وسبوا وحرقوا ونهبوا…لن نتوقع الكثير من هذه المحاكمة، خاصة وأن عبد المومن خليفة الذي بدا عارفا بخبايا الأمور وواثقا من نفسه، أعطى انطباعا بأنه ضحية مؤامرة من قبل هؤلاء الذين لهفوا ما تركه من أموال مودعة في بنك الجزائر، أكثر منه مجرما فارا من العدالة.لن نتوقع الكثير من محاكمة الكيل بمكيالين، ولن تفاجئنا الأحكام التي ستصدرها المحكمة لاحقا، فقد عرفنا وفهمنا النوايا الحقيقية من هذه المحاكمات، التبرير لأحكام تافهة أخرى في قضية سوناطراك التي ستفتح في جوان المقبل.الخلاصة التي سنخرج بها من هذه المهازل والمسرحيات غير المسبوقة، من قبل “صحاح الوجوه” هي أن العدالة ذبحت وإلى الأبد على أيدي هؤلاء، وأن باب الفساد فتح على مصراعيه وأن هيبة الدولة سقطت إلى الأبد، وأن البلاد لم تعد تملك رجالا ولا نساء يملكون ذرة كرامة للوقوف في وجه الطاعون الذي انتشر، والداء الذي نخر البلاد هذه السنوات.حزني على شباب ضاع مستقبله، وتاه أمامه سلم القيم، وانهارت المفاهيم، إننا في وضع أخطر من عشية أول نوفمبر 1954، الفرق أنه يومها كان هناك رجال ونساء؟!




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)