قصور اقليم المغير :
حينما نقول المغير التاريخية فإننا نتحدث عن مجموعة قرى و قصور وواحات و أراضي من حدود أم الطيور الجنوبية شمالا إلى قصر فطناسة ' سيدي خليل ' جنوبا وتظم قصر الزاوية و قصر تمادونت و قصر دندوقة و قصر ماريزو و قصر مساكة و قصر المهدية و الدكارة و هي تمثل واحدة من ثلاث تجمعات كبرى المكونة لوادي ريغ ، المغير و جامعة و تقرت هذه التجمعات و القصور كانت في حركة مستمرة و تغير مكانها في هذا المحيط حسب الظروف التي توضع فيها و لا بد أن لا نغفل أيضا عن بعض المساكن الفردية التي كانت معزولة عن التجمعات نجدها وسط الواحات أو قرب أضرحة الأولياء أو قرب الآبار و هناك أيضا بعض عائلات البدو الذين كانو ينصبون خيامهم في أي مكان يجدونه مريحا لهم قرب التجمعات السكنية أو معزولة ، مكوناتها البشرية هي المكون الرئيسي للمغير جراء القرب الجغرافي بينها الذي يسهل الحركة و التشابك الأسري حيث أن عمليات الزواج بينهم كانت تتم بدون أي عقدة و اشتراكهم في الاراضي و الأموال و التشابه اللصيق في العادات و التقاليد و في التاريخ و المصير المشترك مثل ما حدث أثناء الحملة الفرنسية على المنطقة . بعد الإستقلال قرر العديد من السكان مغادرت تلك القصور نحو التجمعات الجديدة إلا أنها بقيت أطلالها قائمة و هناك من بقي يسكن بها إلى غاية عام النكبة الذي تغير بعدها كل شيء .
عام النكبة : نذكر هذا العام لأنه ترك أثرا بالغا و غير كل ملامح المنطقة و نستطيع القول أن هذا العام كان نكسة حقيقة على المنطقة من جميع النواحي و خاصة التراث المادي الغزير الذي كان موجودا بالمنطقة ففي 24 سبتمبر من سنة 1969 ، شهدت منطقة الزاب و المغير والجهة الجنوبية الشرقية من الجزائر أمطارا طوفانية غزيرة عرفت باسم 'النكبة' استمرت أكثر من 10 أيام أين ابتلعت المياه الطوفانية تلك القصور و تم تدمير عشرات القرى والمداشر والمنازل ومئات الكيلومترات من الطرق المعبدة والسكك الحديدية .. وسدت الطرقات وحوصر الناس وبقوا دون مأوى ولا غذاء مما اضطر الدولة لأن تتدخل وتعلن حالة الطوارئ وتستخدم الجيش وما تملكه من طائرات هيليكوبتر لإيصال المؤونة والأغطية للسكان المتضررين وتنقلهم إلى المدارس والمباني الإدارية لإيوائهم وكانت الحصيلة حسب الهلال الأحمر الجزائري آنذاك وفاة 7 أشخاص كحصيلة أولية وتشرد أكثر من 110 آلاف من السكان بينهم عدة مفقودين ، وتدمير 30 ألف منزل وإغراق مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية، علاوة على ضياع محصول التمر ضياعا كليا.. و إختفاء مئات السنين من التراث المادي . موقع المنطقة رغم أنه استراتيجي إلا أنه خطير جدا فكل تلك المنخفضات و الوديان يجعلها مصبا و سدا للمياه في حال وقوع أمطار غزيرة أو فيضانات و هذا ما حدث في عام النكبة و هذا ما سيحدث لو تكرر سقوط الأمطار بتلك الكميات على المنطقة .
الزاوية : أو زاوية سيدي امبارك الصايم ، أمبارك الصايم هو شيخ جليل و عالم دين يعتبر هو مؤسس المغير و أول من حط بها الرحال بداية القرن السادس عشر في سنة 937 هجري الموافق لسنة 1530 ميلادي ، بمساعدة سكان المنطقة بنى مسجد مرفق بمدرسة قرآنية أصبحت قبلة لطلبة العلم ، بفضل تلك الزاوية عمرت المنطقة و سكنها الزهاد و طلبة العلم القادمين من عدة مناطق من البلاد و هناك من توفي و دفن بالقرب منها ، عرفت الزاوية و أصبحت قطبا حضاريا تجلى ذلك في عدة مجالات كالعمارة و كثرت زراعة النخيل و الأشجار المثمرة حوله و حفرت الآبار و أصبحت الزاوية في وقت قصير أكبر واحة في المنطقة و بها كل مقومات المدينة ، مع الوقت و بعد وفاة الشيخ مبارك الصايم أصبحت مزارا يتوافد عليها الزهاد و مختلف الطرق الصوفية للوقوف على أضرحت المشايخ اللذين دفنو بها ، فمنطقة الزاوية تحمل أكبر عدد من الأضرحة المنسوبة للأولياء الصالحين في وادي ريغ ، أكثر من 10 أضرحة نذكر منهم ضريح سيدي مبارك الصايم ، سيدي علي بنور ، سيدي بوحفص ، سيدي جابو ، سيدي محمد بلكبير ، سيدي عبد الرحمان ، ، سيدي عليا ، سيدي غربي . ويقول الشاعر الشيخ حقي محمد السايح التجاني في نشأة المغير ،
تمر بالمــغير المجــدود *** سكانـها كأنهم في عيد
عمرها الشيخ العظيم الصائم **** ثم خليـل وأخوه سـالم
في عام سبـع وثلاثين وزاد *** من المائة تسعة أمر يجد
مجيئـه من بيئـة بالمغرب *** نسبتها جليلة في المذهب
كذالك صاحبـاه من قبيـلة ** فلهـا بقصـلة وقبـلة
إذا الزاوية تعتبر حي من أحياء المغير القديمة ، تلك الأحياء كانت عبارة عن تجمعات سكنية صغيرة قريبة من بعضها البعض نذكر منها كدية سيدي الدخلي و كدية عيشة مكبرت و هبتون و سيدي علي بنور توسعت شيئا فشيئا حتى التصقت فيما بينها و أصبحت الزاوية هي المركز ، بالقرب منها نجد المسجد الأخضر و السوق و مقبرة و حولها العشرات من البيوت ، على حدودها انبثقت عاصمة المغير الحديثة متمثلة في الدشرة .
المغير في ذلك الوقت بإعتبار أنها أرض مسطحة و ممتدة كانت معقلا للبدو الرحل ينصبون خيامهم بها بالمئات مكونين أحياءا كبيرة ، منهم من بنى لنفسه و عائلته مساكن من طين و منهم من بقي متمسكا بخيمته ، كان البدو اغلبهم يرتحل صيفا و يعودون شتاءا و هناك منهم من لا يرتحل تاركين متاعهم أمانات عند المتبقين منهم أو عند جيرانهم من سكان الزاوية .
قصر تمدونت : قامت على أنقاض قرية قديمة اسمها تمادونت و سميت توريرت و يرجح بعض المتابعين مثل الأستاذ عبد المالك العايز أن هناك توثيق يقود لوجود القرية خلال القرن السادس عشر نقلا عن الراهب و المؤرخ الفرنسي هايدو الذي ذكر ذلك في كتابه طبوغرافيا الجزائر و تاريخها الصادر سنة 1578و ارتكزت بعدها تدريجيا بمنطقة سيدي امحمد بن عيسى بداية من سنة 1911 إلى غاية عام النكبة أين انهارت أغلب المساكن و تحولت إلى مكانها الحالي بعد بناء مساكن جديدة ، هناك من يقول أن الإسم محرف عن الاسم الأصلي و هو نصيرة كترجمة لما هو موجود في أرشيف المستعمر en nessirha و هناك ما قال أنها نسبة لقرية انسيغة الشاوية وهناك من رجح تسميتها نسبة لشيخ صالح اسمه انسيغة بن مخلوف بن نصر التّوجينيّ و هو أحد أحفاد أمراء بنو توجين ، ينتسب بنو توجين إلى بني بادين من قبيلة زناتة و كانت لهم امارة تسمى إمارة بنو توجين التي تكونت في القرن الرابع الهجري في نواحي فرندة بتيارت و قلعتهم المشهورة قلعة بني سلامة التي احتضنت ابن خلدون في رحلته ، حيث مرت تلك الحقبة بالعديد من الحروب و الدسائس و المكائد بين أمرائهم من اجل الحكم و يقال أن هذا الشيخ تردد على المنطقة عدة مرات و ترك أثره الحميد على سكانها . ويذكر أن هناك قصرا تابعا لتقرت إسمه قصر توجين يقول أهله أن أصلهم تجاجنة .
قصر دندوقة : وهي قرية قديمة احتفظت باسمها الأمازيغي منبثقة عن قرية مندثرة يرجح أهل المنطقة أن اسم دندوقة هو اسم امرأة . و كانت تسمى منطقة دندوقة بـ اوشلي و اكرام و هناك من قال أن تسمت بإسم ' سالمة ' و يرجح الأهالي أنها أول تجمع سكاني في المنطقة و منه انبثقت باقي القرى و التجمعات التي شكلت اقليم المغير ، و ذكر الشيخ بلقاسم الدندوقي الذي انشأ تبسبت بتقرت في القرن 16 في المراجع أكبر دليل على وجود القصر منذ القدم .
قصر ماريزو : قرية قديمة كانت تعد محطة للقوافل ، المعلومات عنه أيضا شحيحة ، يعتبر حاليا مزارا صوفيا ، يقال أنه كانت به زاوية و مسجد و ضريح ، مكانه حاليا قرب الطريق الوطني رقم 3 بقي منها منزل صغير ، بقيت المنازل أندثرت في عام النكبة 1969 لقربها من الوادي . ماريزو من القصور التي كانت معروفة جدا لأنها تقع على أعتاب الطريق التجاري الرابط بين الزيبان و وادي ريغ و قد ارتبطت ارتباطا وثيقا بالمغير القديمة و كانت مكانا جيدا يقصده البدو الرحل فينصبون خيامهم بها لقربها من الموارد المائية و محطة للمسافرين .
الدكارة : أو عين الدكارة سميت بهذا الإسم لوجود أربع أو خمس نخلات من نوع دكار طويلة جدا و لا أحد يعرف متى أو كيف نبتت ، لكن معروف عن منطقة الدكارة أنها كانت في عهد قديم واحة غنية بالأشجار المثمرة و النخيل و كانت مأهولة بالسكان ، لا يعرف إسمها قديما اندثت و قامت على أنقاضها قرية أخرى سميت بالدكارة ، اعتبرت هي الأخرى من القصور التي تنتمي إلى اقليم المغير ، غادرها سكانها منذ زمن و طمرت بالرمال استعملها المجاهدون أثناء الإستعمار كمخابئ لا تزال موجودة إلى يومنا هذا .
قصر مساكة : يقع قصر مساكة في الجهة الغربية من قصر ماريزو و هو عبارة عن تجمع سكني فلاحي قديم يحيط به واحات النخيل من كل جانب و كان به عدة آبار ارتوازية ، غادرها سكانها و اندثرت جميعها و قامت مقامها واحات نخيل أخرى حديثة لا تزال معروفة إلى يومنا هذا
لورير : أنشأت خلال 1882 كمحيط فلاحي ' واحة ' بعدد 27 ألف نخلة شمال واحة انسيغة ، تحت اشراف المهندس رولان ، لورير شخصية من قبيلة رحمان التي كانت تضرب خيامها شمال واحة انسيغة بعيدا عن العمران و يرجح أن المكان سمي باسمه و هي بلدة صغيرة بها قليل من أشجار النخيل ، بها ضريح سيدي المخفي لا يعرف عن صاحبه شيء سوى انه احد الأولياء الصالحين الذين لهم مزارات سنوية، حيث تنتهي عنده زيارة حضرة رجال الحشان التي تبدأ من ضريح سيدي بوحنية ، وقد سيقت له أسطورة تفيد أن الأهالي قد اقتفوا آثار قدميه فانتهت بوجود برنوسه وعكازه فأنشأو له ضريح بنفس المكان فسمي بعد ذلك بسيدي المخفي .
قصر المهدية : تأسست كمجمع سكني فلاحي على يد الكولون الفرنسي قوسطاف بونور ما بين 1930م و1936م حيث تم استقدام عائلات من غمرة وسيدي راشد وتمرنة القديمة والجديدة ومن نواحي تقرت من أجل العمل في محيط لورير و كان عدد الوافدين يزداد عاما بعد عام وبعد مضي 14 سنة أصبحت تتكون من 91 منزلا منهم عرب لورير حيث بنوا منازلهم على الطريقة العثمانية ورافقوها ببناء المسجد في قلب القرية وكان المركز الروحي لها ، حيث لعب المسجد دورا كبير تمثل في تعليم وتحفيظ القرآن الكريم، ومقر اجتماعات أهالي القرية للحل و الربط و البث في شؤونها .
ياسيد مولود خواطري والمغير كما يقول المثل جاتك على العين العورة ولماذا تريد الفهم حتى مافهمت والو المغير يتوسطها الطريق الوطني رقم 3 RN3 وهو شريان الحياة بين الصحراء والشمال ناهيك عن البترول والغاز وشط ملغيع ملاحات مروان وملايين النخيل ومن أجود التمور في الجزائر وللعلم أنها من أقدم الدوائر 1974 ووووو لماذا تتعجب إذن
حركاتي هشام - متقاعد - المغير - الجزائر
06/09/2024 - 565042
ترقية المغير إلى ولاية هو تحصيل حاصل ، بل كان من المفروض أن تحصل على هذه المرتبة منذ الإستقلال ، مشكلتها أنها من بين المدن التي ظلمت تاريخيا و لم يكتب عنها ، تاريخ المغير ضارب في القدم ولها تراث عريق ، تابع مقالاتي القادمة عنها و سأكشف الغطاء عن الكثير من المحطات التاريخية بإذن الله
ali chetti - كاتب ، مهتم بالتراث - el loued - الجزائر
25/04/2023 - 553430
شكرا على هذه المعلومات القيمة. تقدر تقولي من فضلك علاش هاد البقعة ولات ولاية؟ عييت نفهم مافهمت والو
مولود خواطري - متقاعد - العاصمة - الجزائر
24/04/2023 - 553407
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 23/04/2023
مضاف من طرف : chettiali57
صاحب المقال : شطي علي
المصدر : تقديم و تحقيق مخطوطة أخبار و أيام وادي ريغ مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في التاريخ ، الاستاذ محمد الحاكم بن عون ص 54 مقابلات شفهية