الجزائر - Boussemghoun


قصر بوسمغون
قصور المناطق الجنوبية لمقاطعة "وهران" بخاصة تلك الممتدة من "المشرية " إلى "بني عباس" تسود فيها الأمازيغية كلهجة لسكان القصور ، لكون العنصر البربري هو الغالب على سكانها.
ومن هنا نجد أن المجتمع البوسمغوني كغيره من المجتمعات يتميز بنظام اجتماعي نتج عن تلك الروابط العائلية التي تفرض نفسها كبنيات أساسية تسمح للإنسان على تحديد انتمائه، فسكان قصر "بوسمغون" ينحدرون من قبائل "زناتة" البربرية التي اعتنقت الإسلام . واندمجت بشكل كبير ضمن هذا المجتمع العربي الإسلامي الواسع وأخذت منه قيمه وتقاليده دون أن تتلاشى كليا، فتبقى الأسرة في قصر "بوسمغون" محافظة على الكثير من التقاليد المرتبطة ببعض المظاهر الاجتماعية كالاحتفال بمناسبات الزواج والختان، وأيضا كل ما يتصل من العلاقات الاجتماعية والتعاون فيما بين أفراد المجتمع ، فالنظام الاجتماعي كان يشبه في تركيبته إلى حد كبير نظام القبيلة العربية ، التي تقبل إمرة شيخ ، وتقبل أيضا سلطة الأب على أفراد أسرته.
ومن هذا المنطلق كان تنظيم قصر "بوسمغون" من الناحية الاجتماعية يجمع في الأصل إلى قبائل متقاربة في النسب تتوزع على أحياء سبع هي كالآتي :
1 حي أغرم أقديم : يتكون من أولاد ابراهيم ، أولاد زيان عمار ، أولاد عكو أحمد ، أولاد عكو الطاهر أولاد تواتي التجيني .
2 حي تاقعوشت : ويتكون من أولاد جبار ميلود ، آت عبو ، آت مفتاح البشير ، آت الطالب محمد .
3 حي الساحة (الجماعة ): يتكون من آت معزوز الزهرة، آت عبان محمد ، آت بادة ربان ، آت إبراهيم الطاهر ، آت دحو ، آت نيهي محمد الطاهر ، آت عز الدين مولاي .
4 تمدلة نات أوسليمان : يتكون من أولاد عزوز ، أولاد امعمر محمد ، أولاد سهول علي ،آت مختار البشير آت دحو أحمد .
5 حي أغرم اجديد: يتكون من آت علي حمدد ، آت الطيب بوزيان ، آت سهول ، آت أدل حمو، آت الشيخ أحمد ، أولاد قاسم حمو عبو ، أولاد موسى الطاهر ، أولاد عمار زين الدين، أولاد سرسار الطاهر .
6 المشارف :يتكون من آت عتو عبد الرحمن ، آت يحيى طاهر ، آت كومية حمو ، آت بورقعة محمد
7 تمدلة نت تبون : يتكون من آت نيهي محمد ،آت عز الدين خيرة ، آت بودو لخضر ، آت معزوزي
آت حسان عبد الرحمن .
أما من الناحية الاقتصادية فيعتمد سكان القصر على الواحة حيث شكل الوسط الفلاحي مصدرا أساسيا للعيش وموردا هاما للتموين بمواد البناء المحلية من خشب وكرناف …
للقصر واحة مكونة من أربعة آلاف نخلة تتربع على حجر الوادي الذي يحتضن القصر، وتعتبر هذه تمورها من أجود التمور في المنطقة وتشابه كثيرا مثيلاتها بالواحات الغربية إلا أنه لا يمكن الاحتفاظ بها لمدة طويلة وفي العديد من بساتين سكان القصر يزرعون الشعير ومختلف أنواع الخضر والعديد من الأشجار المثمرة (الرمان، الخوخ ، المشمش ، التين ، بعض شجيرات العنب...
8- المسجد:
يقع المسجد في وسط القصر تقريبا ويعود تأسيسه إلى بدايات الفتح الإسلامي لأنه المسجد الوحيد على مستوى القصر .وهو يحتل وسط القصر1 كموقع أساسي نظرا للدور الذي يلعبه كنقطة استقطاب وتوحيد لأطراف القصر فهو محاط بالناءات السكنية وعلى جهته الجنوبية تقع المدرسة القرآنية ، فوجوده في الوسط يجعلنا نعتقد أن القصر بني في نقس الفترة مع المسجد .
شهد المسجد بعض الترميمات حيث تم تجديد سقفه سنة 1902م ، وقد تم توسيع بيت الصلاة من الجهة الشمالية، وذلك بإضافة البلاطة السادسة في سنة 1927م ، وسنة 1952م، مع الإشارة أن هذه الترميمات لم تغير من ملامحه الأولى وظل في صورته الحالية امتدادا لما كان عليه في الماضي.
للمسجد الجامع مهام عديدة حيث كانت تقام فيه الصلوات الخمس ، وصلاة الجمعة، بالإضافة إلى الدروس الدينية من وعظ، إرشاد ، وتعليم ، فكان يلعب دورا أساسيا ومحوريا في حياة سكان القصر ففيه تنشط حلقات العلم ، وتدار شؤون الناس بواسطة مجلس للشورى، وتعرض قضايا النـزاع للفصل فيها، وله يعود الفضل في تثقيف الناس ، واطلاعهم على كل المستجدات المرتبطة بحياتهم المعيشية ، وعلاقاتهم مع غيرهم ، وأيضا ما يتلقونه من مبادئ الفقه الإسلامي والشريعة ، وكان يشكل هيئة تضامنية تدير مال الزكاة، وترشد السكان حول الكيفيات التي تحدده.
ملاحظة :التصميم العمراني للقصر ينسجم مع طبيعة المدينة الإسلامية التي يتمحور نسيجها العمراني على مفهوم المركز الذي يشكل القلب الذي يتوسط المجموعات العضوية التي يتألف منها هيكل البناءات كلها والمركز هنا الواحد الذي يتوسط المجموعة كالمسجد وساحة الجماعة أو الواحد في العضو كالفتحة التي تتوسط الدار وكانت كذلك لجلب الهواء أو الضوء ، هذا التشكيل الهندسي يتوافق مع البنية العقلية للتفكير المتأثر حتما بعقيدة الدين الإسلامي المؤسسة حول مفهوم التوحيد ، فالواحد هو الله خالق الكون ومصوره .
فالمسجد مكان عبادة الله والساحة مكان تدبير أمور وأوضاع القبيلة أو العشيرة القاطنة بالقصر هذا العقل الذي تشكل على أساس المعتقد الديني هو الذي ألقى بظلاله على أسلوب البناء ، ونمط الحياة في القصر الذي لم يخرج عن أسلوب التخطيط العمراني لبناء مدينة إسلامية .
*9 – الزاوية :
الزاوية التجانية بالقصر تضم عدة مرافق مثل قاعات للتدريس، وبيوت لإيواء الطلبة، وبيوت للطهي ومخازن المؤن، ومصلّى، وفناء مكشوف يتوسط الزاوية بالإضافة إلى حجرة التعبد الخاصة بـ"سيدي أحمد التجاني"
وهي تقع داخل القصر بالجهة الشمالية الغربية تطل شرفاتها على الواحة وتظهر من خلال المخطط في شكل مستطيل غير منتظم الأضلاع ، وتبدو من الخارج كأنها بناء عادي إذ لا نستطيع تمييزها عن باقي البنايات المدنية الملتصقة بها ، وهي توجد في الحي المعروف باسم "أغرم أقديم "وهو أحد الأحياء العريقة بالقصر .
ندخل عبر شارع ثانوي عرضه 2 م والمعروف باسم زقاق تقعوشت حتى نصل إلى باب الذي يشكل مدخلا رئيسيا للزاوية يقع على الجانب الأيسر من الزقاق أبعاده 1.90 م × 0.96 م وقد جاء معقودا 1، يبعد عن المدخل الرئيسي المعروف باسم آت ناسي حوالي 20 م .نلج عبره إلى رواق متصاعد ومتدرج تدرجا خفيفا لا يتجاوز 3 درجات متباعدة، نهايته تصل إلى باب مطل على شرفة . عرض هذا الرواق 1.60 م وطوله 11 م ، ينفتح على بهو في الجهة اليمنى بعقدين نصف دائريين تتوسطهما دعامة مربعة ، والظاهر أن هذين العقدين والدعامة أضيفا مؤخرا أثناء عملية الترميم ، ونحو الجهة اليمنى من البهو ندخل إلى الخلوة التي كان يتعبد فيها "سيدي أحمد التجاني" ، وقبل أن نصل إلى حجرة التعبد ندخل غرفة أولى قياسها 3.06 م × 4.32م مفتوحة على غرفة ثانية قياسها 5.50 م × 2.86 م ، تنفتح هذه الأخيرة على غرفة أخرى يسارا التي هي الخلوة بعينها ومكان التعبد قياسها 4.40م×2.86م، فيها سرير خشبي تتدلى من فوقه حبل قوي ، كان يضعه الولي الصالح حول صدره أثناء التعبد ليوقظه في حالة النوم.
أما الشرفة فتقع في الجهة الغربية ، المطلة على واحة من النخيل ، وعلى مقبرة قديمة متواجدة على ربوة صغيرة
نجد في الزاوية صحنا أو فناء تتوسطه شجرة ، قياسه 8.70م×6.50 م تتواجد حوله أربعة بيوت سكنية وتدريسية .
تتراوح مساحة كل بيت من 6 م إلى 8 م طولا ومن 3 م إلى 4 م عرضا ، قياس أبواب هذه الغرف 1.80م×0.90م ويحتوي كل بيت على نافذتين تطلان على الصحن ، وقد سقفت هذه البيوت بجذوع النخيل وخشب العرعار والدفلى ، وفي ركن الساحة الأيسر ندخل إلى رواق صغير يقع مخزن على جهته اليسرى، أما الجهة اليمنى نجد مصلى الزاوية وهو الوحيد على مستواها، مستطيل الشكل قياسه 11 م × 5 م له أسكوبان موازيان لجدار القبلة وثلاث بلاطات، لا يحتوي على عقود ، ويقع محرابه في البلاطة الوسطى قياساته 2.35 م طولا ، 0.84 م عرضا ، أما عمقه 0.75 م ، وهو خال من أية زخرفة عقده نصف حدوي متجاوز ، مع الإشارة إلى عدم وجود منبر ، يحتوي على ثلاث دعامات من بينها اثنتين مضلعة طول ضلعها 0.30 م ، أما الدعامة الثالثة فقد جاءت مربّعة طول ضلعها 0.70 م.
نلاحظ أيضا وجود ثلاث دعامات مدمجة في الجدار المقابل للمحراب ، وفتحات للتهوئة. المصلى مفتوح بباب نحو الشارع وهو المدخل الثاني للزاوية ، توجد بجانب هذا المصلى غرفة كبيرة قياسها 6.50 م × 4.80 م تعرف باسم الدار البيضاء ، كانت مخصصة للضيوف الوافدين على الزاوية ، تحتوي على نافذتين قياساتهما 1.70م×1.05 م ، وباب قياسه 1.80 م × 0.85 م يؤدي مباشرة إلى شرفة مطلة على الواحة ، التي زادتها روعة وجمالا .
ترتكز وظيفة زاوية القصر على إيواء الغرباء والمساكين وإطعام الزّوار ، بالإضافة إلى الوظيفة التعليمية وهي تحفيظ القرآن الكريم، وتعليم اللغة العربية، وقد كانت محط أنظار أتباع الطريقة من داخل وخارج الوطن ، حيث احتضنت في سنة 1984م أكبر تجمع لأتباع الطريقة ، فضم عدد كبير من مريدي الطريقة التجانية من مختلف أقطار الدول الإسلامية ( مصر، تونس، المغرب، نيجيريا، السنغال، مالي ...).
تعرضت الزاوية لعوامل التلف نتيجة الإهمال كونها لم تعد تقوم بدورها السابق، فأثر عليها ذلك فكادت أن تزول لولا تدخل الدولة التي أقرّت مشروعا يتمّ بموجبه ترميم القصر والتي استفادت منه، فبث فيها الحياة من جديد، ونشير على أن هذه الأعمال الترميمية حافظت على شكل القصر وعلى خاصيته، واستعملت نفس مواد البناء المستعملة في بنائه، وقد تابعنا عن قرب هذه الأعمال التي استرجع فيها القصر ملامحه الأصلية.
* 10 المنازل :
المنـزل مكان نزول القوم وسكنهم، وصارت تطلق على كل بيت، وعلى الخيمة لدى البدو الرحل، أو على مسكن من حجر أو خشب أو قرميد لدى أهل المدن ،وهو كل حيّز مبني يستعمل لإيواء عدد من الأفراد، يجدون فيه السكينة والخلود إلى الراحة ، والحاجة إلى النوم.
تختلف مساحات المنازل داخل القصر حسب عدد أفراد كل أسرة أو اختلاف الثروة لديها،فمجموع المنازل المشيدة تتباين فيما بينها من حيث الاتساع أو عدمه ، ولكنها لا تختلف تصاميمها ، فمعظمها يأخذ الشكل المستطيل أو المربع، وتبدو متشابهة في عمومها، وربما يعود ذلك إلى أسلوب الحياة ، ونمط العيش لدى أهل القصر المرتبطة بالبساطة في التعامل مع الحاجات اليومية لهم، فهم يشكلون عائلة كبيرة موزعة على أحياء القصر.
يتكون كل بيت في غالب الأحيان من طابق أو طابقين وساحة مركزية، وأي بناء أعلى منها قد يسيء إلى حرمة البيوت ، فالطابق الأرضي كان يضم غرفا مخصصة لإيداع العتاد الفلاحي التقليدي، والحطب، وعلف الحيوانات التي كان السكان يحرصون على تربيتها، لكونها م عيشهم ، كالغنم والماعز والبقر والخيل،إضافة إلى وجود اصطبل لهذه الحيوانات. ويتوفر علاوة على ذلك على غرفتين أو أكثر مخصصة لمؤن العائلة المخزنة على مدار السنة مثل الحبوب الجافة والتمر وهي بذلك تشكل مخازن ضرورية يحتاجها كل بيت. وأيضا نجد الكنيف، وفي بعض الأحيان توجد وحدات الاستقبال الخاصة بضيوف صاحب المنزل .
أما الطابق العلوي فكان يضم غرفا للنوم وغرفة كبيرة لاستقبال الضيوف التي تعد أهم الغرف حيث أعطاها سكان القصر أهمية كبرى وذلك من خلال توسيعها وتزيين سقفها.
فأغلب منازل القصر مبنية على قواعد أو أسس حجرية توضع على عمق 0.60 م إلى 1م من الأرض ، وبسمك يبلغ عرضه من 0.50م إلى 0.80م، يكون أكبر من الجدار المبني فوقه، الذي يبلغ 0.45م إلى 0.50م ، والمساحة الإجمالية للمنازل لا تفوق 400 م² ولا تقل 60 م².


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)