03يرى البروفيسور ناصر جابي أن فوز مرشح جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسي بنتائج الرئاسة في مصر، سيمر في ظروف «شبه عادية»، خالية من الانفلات والفوضى، إلا من بعض المناوشات والتوترات الطفيفة المعزولة، والتي قد تندلع هنا وهناك على حد قوله، وأكد المتحدث في اتصال مع جريدة «البلاد» عقب الكشف النهائي عن محصلة الانتخابات من طرف اللجنة العليا، أن الخوف كان قائما وبشدة، لو حصل الاحتمال الثاني وهو إعلان تتويج مرشح الجيش الفريق محمد شفيق، كون محمد مرسي أصبح في جولة الإعادة مرشحا لتيار الثورة المصرية، ولم يكن من المنطقي أن يخسر الانتخابات أمام منافس يمثل نظام الرئيس المخلوع.
أما على صعيد الوضع السياسي المصري العام، فقد شدد الباحث في علم الاجتماع على أن نجاح الإخوان في مهمتهم الرئاسية مرهون ب«كيفية تعامل المؤسسة العسكرية القوية مع رئيس إخواني، لا سيما في ظل سريان بنود الإعلان الدستوري المكمل وحل مجلس الشعب»، حيث يتوقع المحلل السياسي أن تعيش مصر مرحلة صعبة للغاية في المرحلة المقبلة، ويري أن محمد مرسي سيقضي على الأقل نصف عهدته من سنتين إلى ثلاث سنوات في طور» التكيف والتناغم» مع معطيات الواقع السياسي وإفرازات الفترة الأخيرة من حياة الثورة الشعبية، إذ ستفرض عليه الأجندة المستعجلة ضغوطات كبيرة، ومن بينها تنظيم انتخابات برلمانية بديلة وصياغة دستور جديد للبلاد، وكذا توضيح صلاحيات الرئيس وعلاقته بسلطات المؤسسة العسكرية التي تبحث عن «تقنين» وضعها الدستوري، بما يحافظ على امتيازاتها السياسية والاقتصادية الموروثة عن العهد السابق، على حد تعبيره، وعليه يقول الدكتور جابي»إن مرسي سيجد نفسه أمام ورشة قانونية وسياسية كبيرة».
وأضاف المختص في علم الاجتماع السياسي، أن تثمين «الانتصار الرئاسي» لمرشح جماعة الإخوان المسلمين، مرتبط أيضا بموقف القوى الاجتماعية الأخرى، وفي مقدمتها التيار الليبرالي والأقباط وحتى شركاء «ميدان التحرير» وخاصة الفعاليات الشبابية منهم، نظرا لتراكمات العلاقات المتوترة وانكماش مساحة الثقة بين هذه الأطراف في الأشهر التالية لسقوط مبارك، وهنا يوضح البروفيسور جابي، «إن مواقف الجماعة بشأن بعض الملفات والقضايا، كشفت لخصومهم وأصدقائهم أيضا مدى نهمهم للسلطة، نتيجة التهور والاندفاع نحو مراكز صناعة القرار» على حد وصفه.
وعليه، يؤكد الباحث الجزائري، أن جماعة الإخوان المسلمين بحاجة ماسة للوصول إلى حالة» توافق وطني موسع»، لتجاوز أزمة الفكر الإخواني الممثلة في ظاهرة «التغول» والعجز عن استيعاب القوى غير الدينية على حد كلامه، ويعيب بهذا الصدد، المتابع لشؤون التحولات العربية، على الجماعة في تعاطيها مع أحداث الشارع المصري بعد اندلاع الثورة، أنها لم تحرص على تحقيق التقارب مع باقي مكونات العمل الوطني إلا عند حلول الجولة الثانية للإعادة.
من جهة أخرى، قلل أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر، من خطورة التداعيات الإقليمية والدولية التي يطرحها البعض على مستقبل مصر، على غرار ما وقع لحركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة، إذ يقول البروفيسور جابي»إن وضع الإخوان المسلمين في واجهة السلطة واحتلالهم لهرمها الأعلى، سيكون مغايرا لموقع المعارضة التاريخية الذي احتلته الجماعة طيلة 80 سنة»، موضحا أن رئيس مصر الجديد سيراعي لا محالة «محورية الدولة المصرية»، ويكون ملزما باحترام اتفاقاتها الدولية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 24/06/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : عثماني عبد الحميد
المصدر : www.elbilad.net