الجزائر

قاعات حفلات تفرض عقودا تعجيزية وتذليلية وتتقاضى الملايين



قاعات حفلات تفرض عقودا تعجيزية وتذليلية وتتقاضى الملايين
تفرض أغلب قاعات الحفلات في الجزائر شروطا تعجيزية تذليلية على الزبون بموجب عقود يوقعها الطرفان تضمن حقوق صاحب القاعة أكثر مما تضمن حقوق الزبون الذي يستسلم بموجب الحاجة إلى تلك الشروط، وإن كان في الأصل غير موافق عليها، كل هذا مقابل الملايين التي ترفض إعادتها حتى في حال الوفاة!ولأن العقد شريعة المتعاقدين فإن الإخلال بأحد بنوده يضع الزبون تحت طائلة القانون، وهو ما وقع لحالات كثيرة بلغت أروقة المحاكم."الشروق" رافقت أعوان التجارة في خرجة ميدانية لبعض تلك القاعات ووقفت على أغلب التجاوزات التي تقترفها والتي تخطّت جانب النظافة والتطهير لتشمل جانب المعاملات والشروط التعسفية.. الأمر الذي كان يستوقف الفرقة في كل مرة، ويدخلها في نقاش مع المسيرين والمالكين للاستيضاح. ثقافة العقود هي ثقافة جديدة شقت طريقها إلى عالم قاعات الحفلات بعد الخلافات المتكررة التي تنشب بين الإدارة والزبون، وعليه قرّرت أغلب القاعات فرض عقود يوقعها الطرفان لضمان حقوقهما والاحتكام إليها وقت الحاجة، غير أنها ليست إجبارية وليست معمّمة على غرار بقية المعاملات. وتشترط أغلب القاعات دفع 50 من المائة من المبلغ الإجمالي المتفق عليه على أن يسدّد المبلغ كاملا أسبوعين إلى أسبوع قبل تاريخ المناسبة وهو ما يعد تعسفا حسب فرقة التفتيش لمديرية التجارة لولاية الجزائر المكوّنة من رئيس فرقة قمع الغش العياشي دهار ونعيمة سماش عون مراقبة الأسعار، حيث أنّ الخدمة لم تؤد بعد ولا يجوز قانونا تقاضي أجرة عن خدمة لم تؤد، كما أنّ مفاجآت عدة قد تحدث خلال تلك الفترة قد تضطر إلى تأجيل العرس أو إلغائه.وأكد دهار العياشي في شرحه للأمر أنّ العقد يجب أن يحترم الصفة الضبطية وأن لا يتضمن شرطا تعجيزيا. قاعات ترفض إعادة المبلغ حتى في حالات الوفاةويضاف إلى هذا الشرط شرط آخر يتعلق بعدم تعويض أو إرجاع المبلغ في حال الإلغاء بسبب أو من دون سبب حتى وإن كان الأمر يتعلق بالوفاة. ومن وجهة نظر مالكي القاعات فإنهم بصدد بيع أيام واليوم الذي يذهب لا يعود أبدا، عكس البضاعة المادية التي يمكن التصرف فيها وتسدد القيمة المالية في حالة واحدة فقط وهي تأجير القاعة في التاريخ نفسه حينها يعاد المبلغ للشخص الأول، أما غيرها فلا يمكن برأيهم أبدا.واستنادا إلى أقوال هؤلاء فإنهم إن فتحوا الباب أمام مثل هذه التساهلات ستبور تجارتهم ويخسرون وبعدها يضطرون للغلق.وأكّد أحد ملاّك قاعة الحفلات في الناحية الغربية للعاصمة أنه ربح أكثر من 10 قضايا في المحاكم رفعها ضدّه زبائن طالبوه بإرجاع المبلغ المدفوع بسبب حالات وفاة في العائلة أدّت إلى إلغاء العرس، لكنه رفض التعويض لأن العقد كان واضحا ووقعه الطرفان، ما يعني قبولهما بكل ما فيه من بنود والتزامات. عقود تتنصل من التسممات وترفض الطباخ الخارجي..ومن بين التجاوزات المرتكبة أيضا إعفاء قاعة الحفلات نفسها من أي تسمم غذائي قد يحدث خلال المناسبة ورفضها استلام اللحوم إلاّ صبيحة يوم الحفل لتفادي أي تعفن قد يلحق بالمواد الغذائية، حيث تقدم بنفسها المشروبات والقهوة والشاي وهي مواد يمكن أن يسبب سوء حفظها تسمّمات غذائية، كما أن هذا الشرط يحمل برأي أعوان الرقابة تعسفا إزاء الزبون نظرا لتداخل عوامل التسمّم الغذائي وعدم اقتصارها على تعفن مادة اللحم.كما أن تلك القاعات تشترط عدم قبول طباخ من الخارج وتحتفظ لنفسها بحق التعامل مع الطباخ المتعاقد معه ولها رأي في ذلك بحجة تجنب أي فوضى قد تحدث في المطبخ بسبب اختلاف المرتادين عليه. 50 مليون سنتيم مقابل خدمات متواضعة جدا..ليس كل ما يلمع ذهبا وليس كل ما غلى ثمنه حسنت خدمته.. هذه هي الحقيقة التي وقفنا عليها خلال مرافقتنا لأعوان التجارة، فبعض القاعات التي تفرض مبالغ باهظة تقدّم خدمات متواضعة جدا لا تعكس المبلغ المطلوب، غير أنّ السمة العامة لأغلب القاعات هي حرصها على النظافة باعتبار الزبون يدخل إلى كل زوايا القاعة بما فيها المطبخ.أغطية الكراسي متسخة ومهترئة.. فناجين القهوة وكؤوس الماء والمشروبات مشقوقة.. ذباب ونحل ميت خلف الستائر وطاولات ملطخة ببقع القهوة والشاي ناهيك عن حالة بعض المطابخ التي تفتح النوافذ على مصراعيها لتسلل مختلف الحشرات إلى الأطعمة، كل هذا مقابل ظهيرة يرتشف فيها المدعوون فنجان قهوة يدفع صاحب الوليمة قيمته 50 مليون سنتيم.والأسوأ من هذا أنه مجبر على إتمام حفله في التوقيت المحدد في العقد وإلا قطع التيار الكهربائي وأوقفت الخدمات دون مراعاة الظروف الطارئة التي قد تلحق بأصحاب المناسبة. في انتظار عقود نموذجية.. قاعات الحفلات تفرض منطقهايجمع مختلف أعوان التجارة الذين تحدثنا إليهم أنّ تنظيم مجال تسيير قاعات الحفلات يحتاج إلى عقود ودفتر شروط نموذجي لا يزيغ عنه الملاك إلاّ في بعض الجزئيات التي لا تضر بالزبون ولا بالمالك على غرار ما هو معمول به مع رياض الأطفال، وذلك قصد وضع حدّ لهذه التجاوزات سيما وأن التعامل بالعقود مع الزبون لا يعد إلزاما في حد ذاته في الوقت الراهن، وهو ما جعل بقية أصحاب القاعات يفرضون منطقهم ويتعنتون مع الزبون.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)