الجزائر

قاعات الانتظار في المستشفيات والعيادات الخاصة استثمار للوقت في توسيع شبكة العلاقات الاجتماعية



قاعات الانتظار في المستشفيات والعيادات الخاصة               استثمار للوقت في توسيع شبكة العلاقات الاجتماعية
لا تجد النساء حرجا في الحديث وإقامة العلاقات الاجتماعية التي قد تصل إلى الزواج، في أي مكان يتيح لهن الدردشة والحديث في اهتماماتهن وحتى خصوصياتهن. ولما كانت قاعات الانتظار في المستشفيات والعيادات الخاصة إحدى تلك الأماكن التي تتطلب المكوث الطويل، فقد شهدت هذه الأخيرة العديد من الأحاديث عن مواضيع كانت بداية لعلاقات جادة. الحديث عن المشاكل اليومية وهموم الحياة، الأوضاع السياسية، الحياة الزوجية والأسرية، ومشاكل الأولاد.. كلها مواضيع تطرح وتناقش في قاعات انتظار العيادات الخاصة والمستشفيات العامة، فالنساء لا تجدن حرجا في الحديث عن كل تلك الأمور مهما كانت شخصية أو معقدة، فالوقت الطويل الذي تمضينه في الانتظار يدفعهن لقتله بأي طريقة، كما تقول السيدة صبرينة التي التقينا بها في عيادة للأمراض النسائية، والتي أضافت أن “تبادل أطراف الحديث يخفف من القلق الذي نعيشه في انتظار الكشف عن المرض”. من جهتها اعتبرت كريمة، 35 سنة، من الجزائر العاصمة، أن هذه الأحاديث تعمل في كثير من الأحيان على تخفيف الهموم، تجسيدا للمثل القائل “من رأى هموم الناس، نسي همه”.أما عند طبيب الأطفال فيتحول الصغير المصطحب إلى “نجم الجلسة النسائية”، فيبدأ حديثهن عن عاداته الغذائية، ومشاكله الصحية، مردوده الدراسي وطبيعة مزاجه وتصرفاته. علاقات اجتماعية وزيجات بدأت قصصهن من هناك شهدت قاعات الانتظار في العيادات الطبية ميلاد العديد من الصداقات والعلاقات الاجتماعية بين نساء جمعهن المكان للحديث في شتى المواضيع. وعندما يبدأ الخوض في الأمور الشخصية يسيل لعاب الكثيرات لإيجاد العروس المناسبة للابن أوالأخ من بين تلك الفتيات الحاضرات، أو من الغائبات اللاتي لا تتوانى أمهاتهن عن ذكر أفضل خصالهن.وعن هذا الموضوع، تقول إحدى الفتيات حديثة الزواج:”تعرفت على أم زوجي عند طبيب الأسنان، ولما ارتحنا لبعضنا بعد حديث مطول عرضت علي الارتباط بابنها”. أما السيدة عبلة، فبعد أن يئست من البحث في المساجد وقاعات الحفلات عن الزوجة المناسبة لولدها، قررت فعل ذلك عند زيارة طبيبها الذي تقول إن المتوافدات عليه من النساء خاصة.   وللسياسية نصيب من حديثهن الحرڤة، غلاء الأسعار، الأوضاع العامة للبلاد، الإضرابات والإصلاحات كذلك.. كلها مواضيع تطرح للنقاش في انتظار وصول الدور للكشف عند الطبيب، لتتحول بذلك قاعات الانتظار إلى فضاءات عمومية تطرح فيها النساء انشغالاتهن وآرائهن في القضايا العامة. فإذا وجد الرجال في المقاهي والملاعب أماكن تعوضهم عن تلك الفضاءات في ظل غيابها في بلادنا، تبحث النساء عن ذلك في أي مكان يجمعهن. وفي ذات السياق تقول إحدى النساء: “لا يمكنني مناقشة المواضيع السياسية مع زوجي لأنه لا يسمح لي بذلك بحجة أنني لا أفهم الأمور على حقيقتها”، لذا فإن أغلب النساء تفضل طرح مثل هذه المواضيع مع قريناتها من باب إبداء رأيها ومناقشته. والسيرة الذاتية للطبيب تطرح للنقاش كذلك.. تعرض النسوة المنتظرات في قاعات العيادات الطبية السيرة الذاتية للطبيب المعالج للنقاش، ويبدأ الحديث عن مهاراته وكذا الحالات التي وُفق في علاجها. وفي ذات السياق تقول إحداهن:” وحده الطبيب الماهر من يحظى بشعبية واسعة، تدفع مرضاه للانتظار طويلا للكشف عنده، لذا فإن أغلب حديثنا في قاعة الانتظار يكون عن إمكانيات هذا الطبيب ومهاراته”. أما إذا تعرضت المنتظرات للمعاملة السيئة من طرف الممرضات، أوطال انتظارهن في القاعة، تتحول زاوية حديثهن 180 درجة فتبدأ الشكاوي والتذمر من الوضع، وتكون الممرضة أولى ضحاياهن وليست آخرها، فقد يستفزهن الأمر للخوض في كل عيوب المؤسسات والإدارات وغيرها.  إيمان مقدم  


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)