الجزائر

قادة الجزائر مع اقتحام المرأة للمجال السياسي شرط أن لا تكون زوجتهم



قادة الجزائر مع اقتحام المرأة للمجال السياسي شرط أن لا تكون زوجتهم
صدق من قال أن ” المرأة” هي معيار صادق جدا للتعرف على درجة حرية أي مجتمع، ومؤشر لضبط اتجاه وهوية المشروع الذي يتبناه أي شعب، لأن الجزائر التي ترفع فيها شعارات حقوق النساء السياسية وتزهو أنها الدولة الوحيدة تقريبا في العالم العربي وإفريقيا التي وصلت فيها نسبة تمثيل النساء في المجالس السياسية إلى 33 في المائة، ما يزال فيها الرجل السياسي يعتبر أن مرافقه زوجته له في الفضاء العام ضد قيم المجتمع، وأن الأعراف الاجتماعية لا تسمح له بإظهار ”حريمه” في الفضاء العام. وهو ذات المجتمع الذي يتحدث من جهة أخرى عن نفوذ نساء في الكواليس، يعني ما تزال المرأة في الجزائر تلعب دور ”مادام دليلة” عندما يتعلق الأمر بالسياسة.تبدو علاقة النساء بالسياسية في الجزائر ملتبسة وغير مفهومة، لأن حضور الجزائريات في الأحزاب والمجالس المنتخبة وحتى الحكومة لا يعكس مساهماتهن وثقلهن السياسي في تاريخ البلد منذ القديم، فالجزائر عرفت قائدات جيوش وملكات حرب وسياسيات وقائدات ثوريات حيرن العالم أمثال صوفي نسبة والكاهنة وفاطمة نسومر وجميلة بوحيرد ومامية شنتوف وغيرهن، فكيف لبلد أدت فيه النساء هذه الأدوار ثم يأتي من يقول مرافقة المرأة في الفضاء العام هو ضد قيم المجتمع وضد الحرمة؟ ورغم الحضور النسوي الجزائري في الفضاء العام بل في هرم القيادة، إلا أن علاقة الرجال والنساء بالسياسية ظلت دائما علاقات مطلية بطبقات سميكة من المساحيق التي يتم عادة ارتدائها في المناسبات العامة، حيث يتم تداول خطاب موجه للاستهلاك العام وإعطاء صورة عن المجتمع المتفتح الذي يشجع خروج النساء للعمل وممارسة السياسية بشرط أن لا تكون تلك المرأة أخت أو زوجة المتحدث، لأن السياسي الذي يرفع في حملته وخطابه شعار ”فسح المجال أمام النساء” يعتبر أن خروج ومرافقة زوجته له في الخرجات الرسمية أو الحفلات العامة أمرا خارج تقاليد المجتمع، فمثلا مولود حمروش الذي كان مرشحا لرئاسيات 1999 رفض طلب حوار مع زوجته، وعبد الله جاب الله رفضت زوجته التي رشحت لانتخابات مجلس الشعب أن تضع صورتها في الجريدة في حوار صحفي ووضعت صورة زوجها، بن فليس أيضا وفي انتخابات 1999 كانت ابنته هي التي رافقته أمام الكاميرات لأداء واجبه الانتخابي رغم أن زوجته إطار ومثقفة. وكان نور الدين بوكروح رئيس حزب التجديد الجزائري هو الوحيد الذي كانت زوجته ترافقه في خرجاته الانتخابية وحتى عندما كان يذهب إلى مكتب الانتخاب كان يخرج متأبطا ذراع زوجته. وقبل عام كان أحمد أويحيى قبل انسحابه من الساحة الحزبية قد ذهب لتمثيل الجزائر في ألعاب لندن رفقة زوجته وكانت صورته تلك حديث مواقع التواصل الاجتماعي كاستثناء جزائري، وقبله لم نشاهد أي مسؤول جزائري ترافقه زوجته في الفضاء العام.ويرد البعض تحفظ القادة الجزائريين على إخراج زوجاتهم إلى الفضاء العام إلى تركيبة المجتمع من جهة ولارتباط المجال السياسي بالمكائد والدسائس والمرأة هي باب أو نافذة يمكن أن تنفذ منها المكائد بسهولة، فالمجال السياسي في الجزائر هو رمزيا قرين بالمكائد والدسائس التي تجعل المرأة حتى في حال مشاركتها في إدارة اللعبة مجرد ”خضرة فوق طعام”، لأن القرار السياسي عادة لا يحسم في المجالس الرسمية لكن في أروقة الظل قد لا يسمح للمرأة بدخولها بحكم وظائف اجتماعية ظلت لصيقة بها، فهذه عضو مجلس الأمة والمجاهدة الزهرة ظريف بيطاط قد أكدت في لقاء إعلامي سابق عن الموضوع أن المرأة لا يمكنها أن تؤثر في القرار السياسي، ليس لأنها غير كفء بل لأن القرار السياسي في الجزائر دائما يحسم في أماكن أخرى غير المجالس قد لا تصل إليها المرأة.لهذا فعادة الكثير من رجال السياسة يبررون عدم إخراج زوجاتهم إلى الفضاء العام بالأعراف الاجتماعية. فسعيد بوحجة من جبهة التحرير الوطني يؤكد أن زوجته لا ترافقه في خرجاته الانتخابية ليس لعدم ثقته فيها لكن أعراف المجتمع وثقافته وحسبه المجتمع الجزائري له قواعد لا تسمح لرجل السياسية بأن يصطحب زوجته، لأن هذا في نظر المجتمع أن زوجته تتدخل في أموره السياسية وهي التي تسيره، وهذا طبعا لا يجعل بوحجة ضد عمل المرأة السياسي، بل بالعكس من ذلك تماما يشجع النساء على اقتحام المجال السياسي إلى جانب الرجل. كيف لرجل سياسة يدعم عمل المرأة بالسياسة ثم يرفض اصطحاب زوجته في الفضاء العام؟ تناقض جزائري لن نجده له تفسيرا بسهولة.الوزيرة السابقة زهور ونيسي ترجع هذا التناقض إلى عقدة موجودة لدى الرجل الجزائري حتى لو كان مثقفا، فزهور ونيسي التي كانت أول امرأة استوزرت في الجزائر المستقلة ومارست السياسية في وقت كان خروج النساء للعمل جريمة، تؤكد أن الرجال في الجزائر حتى لو كانوا سياسيين ومثقفين يفضلون دائما الزواج بطريقة أجدادهم، لهذا يلجأون إلى حجب نسائهم حتى لو كن ذات مستوى ثقافي عال، وهذا تحت ستار عدم التدخل في السياسية وانتصارا لعقلية السي السيد.عدم التدخل في السياسية كما تراه زهور ونيسي لا يعني أبدا أن زوجات المسؤولين لا يتدخلن في صناعة القرار السياسي عندما يمكنهن ذلك، وهي تعطي مثالا عن تشديد الرئيس الراحل هواري بومدين على مسؤوليه ووزرائه على عدم الزواج بأجنبيات لإمكانية تأثير هذا الجانب على الممارسة السياسية للمسؤول، كما أن زوجة الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، حسب زهور ونيسي، كانت تحاول من حين لآخر التدخل في عمل غيرها، رغم أنها كانت بعيدة نسبيا عن الأنظار خاصة بعد حادثة الصورة التي نشرتها الصحافة الفرنسية يومها لزوجة الشاذلي وهي ترقص مع الملك برودوي واضطرت السفارة الجزائرية لشراء كل أعداد المجلة وإحراقها.ومن يومها أدخل الشاذلي بن جديد زوجته بيت الحريم وقل ظهورها، لكن هذا لم يمنع أبدا تسرب أخبار عن محاولة حليمة إحكام قبضتها على بعض جوانب الإدارة السياسية، خاصة وأنها كانت جد مقربة من ليلى الطيب التي سبق أن رشحتها لتدريس إحدى أبناء الشاذلي بن جديد قبل أن تتحول من مدرسة ابن الرئيس إلى زوجته، فصار الشارع الجزائري ينكت ”ليلى الطيب وحليمة تأكل”.ورغم أن الكثير من المراقبين يرجعون سبب امتناع السياسي الجزائري عن مرافقة زوجته في الفضاء العام إلى الأمور المرتبطة بأمور الدين والعقيدة، لكن فاتح ربيعي، إطار في حزب النهضة، يرى أن هذا يتعلق أولا وقبل كل شيء بالفهم الخاطئ للنصوص الدينية، مؤكدا أن نساء زعماء النهضة مثلا يرافقن أزواجهن في التجمعات الانتخابية والعمل الحزبي وهن حاضرات بقوة، بحيث يشتغل سياسيو النهضة مع أزواجهم وهذا لأن النهضة، يقول ربيعي، تؤمن بدور المرأة في حياة زوجها ربما هذا ما يفسر، حسب ربيعي، التواجد المكثف للنساء في العمل الحزبي في الأحزاب الإسلامية التي تتهمها عادة التيارات الأخرى بكونها تستعمل المرأة كورقة سياسية، وهذا اتهام يرفضه ربيعي ويعتبر الأمر متعلقا بقناعة وخط عمل يستند إلى النصوص القرآنية التي أعطت للمرأة حقوقها وعاملتها على قدم المساواة مع الرجل، واعتبر التطور الحاصل في استيعاب الأحزاب الإسلامية في الوطن العربي لهذا الجانب مؤشر خير ينم عن فهم وتطور في تفكير الإسلاميين.جلول جودي من حزب العمال قال أن الظاهرة ليست عامة وأعطى مثالا عن حزب العمال وعن نفسه شخصيا، حيث أكد أنه كمنتخب وكمناضل ترافقه زوجته في كل خرجاته سواء كان للتصويت أو لحضور التجمعات الحزبية، كما ترافق عادة زوجات ومناضلات حزب العمال أزواجهن ويرافقن أزواجهن أيضا في الحملات الانتخابية أو التجمعات السياسية. واعتبر جودي هذا الأمر طبيعيا وبديهيا ويدخل في صلب أداء المرأة لأدوارها داخل المجتمع.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)