الجزائر

فيما عجزت القوانين عن إعادة الدفء للعلاقات العائلية...‏نحو مقاربة تضمد جراح الأسر في سرية




اختتم الصالون الوطني الأوّل للجمعيات الناشطة في قطاع الصناعة التقليدية، بعدما فتح أبوابه للجمهور المتعطش لمتعة الإبحار عبر تاريخ حياة الأجداد بكل ما يحمله من عادات وتقاليد في رياض الفتح، وعلى مدار ثلاثة أيام، عرض الحرفيون المشاركون مؤهلاتهم وإبداعاتهم التي نالت إعجاب زائرين يكادون يعدون على الأصابع، رغم أهمية التظاهرة.
الصالون في طبعته الأولى، والّذي نظمته الغرفة الوطنية للصناعة التقليدية والحرف تحت رعاية وزارة السياحة والصناعة التقليدية من 11 إلى 13 ديسمبر  الجاري، جمع في أروقة رياض الفتح 80 جمعية من مختلف ولايات الوطن، يهتم أصحابها بتكوين أنامل ذهبية تحافظ على حرف الأسلاف، وتسعى بعطائها الفني اليدوي على الإبقاء على جزء من خصوصيات المجتمع الجزائري.
ينتقل الزائر للصالون عبر عدة عصور مضت تاركة بصماتها على معروضات الصالون، فمن النسيج التقليدي إلى صناعة قطع الديكور، مرورا بصناعة المجوهرات وانتهاء بعرض أكلات وحلويات بنكهة أيام زمان، انتشر عبق أيام خلت ليشهد على فكر إبداعي لزمن ولى، كان أصحابه يتعاملون مباشرة مع الطبيعة وثرواتها لصنع مستلزمات الحياة الممزوجة بنسيج الخيال.
وبدا جليا الوعي بضرورة الحفاظ على تقاليد وحرف الأسلاف من خلال المعروضات المتنوعة على غرار ''الخفاف'' المصنوعة بخيوط الصنارة، ودمى الباربي الّتي ارتدت ألبسة تقليدية متنوعة ومختلفة التصاميم.
اقتربت ''المساء'' من بعض زوار الصالون لرصد انطباعاتهم، فكان القاسم المشترك في الإجابات هو استحسان المبادرة التي كانت بالنسبة للبعض فرصة لاكتشاف عادات وتقاليد ولايات الوطن المختلفة.
السيدة ''صابرينة'' من العاصمة(ماكثة بالبيت) صرحت بأنّها قصدت الصالون لتكتشف جديد أهل الحرف والأعمال الفنية التقليدية، مبدية إعجابها الكبير بما اكتشفته في الصالون الّذي لم يكن فرصة لعرض شواهد مادية من الماضي فقط، بل صورة مصغرة عن تقاليد وعادات المجتمع التي تتميز بالثراء في نظرها.موطنة أخرى تعمل موظفة بشركة التأمينات برياض الفتح، ذكرت لـ ''المساء'' أنّ عدة معروضات استقطبتها مشيرة إلى أنّها تستحق الاقتناء نظرا لروعتها وقيمتها التي تكمن في كونها تعكس موروثا ثقافيا. لكنّ لهيب الأسعار، أضافت المتحدثة، يحول دون عودة الزائر بتذكار يروي ظمأ الحنين إلى الماضي.
الملفت أيضا هو الإقبال الملحوظ الذي سجلته ''المساء'' على الأطباق والحلويات التقليدية، حيث غازلت بأشكالها وألوانها المختلفة المارة من كلا الجنسين، بحثا عن لذة وصفات الجدات.. وزاد الإقبال عندما أشارت عقارب الساعة إلى منتصف النهار!
من جانب آخر، اشتكى العارضون من قلة الإقبال، لافتين إلى أنّ فترة تنظيم التظاهرة التي توسطت الأسبوع لم تكن مناسبة لاستقطاب الزوار بالعدد الذي يتناسب مع حجم التظاهرة وأهميتها، معتبرين الصالون بمثابة لفتة في محلها لعرض طاقات ومؤهلات الحرفيين.
وبالمناسبة، كان لقاء ''المساء'' مع بعض الحرفيين فرصة لطرح بعض انشغالاتهم التي يتصدرها مشكل قلة الدعم، متسائلين هل أنّ معروضاتهم التي تمثل عنوانا صارخا للإبداع لا تستحق الدعم؟
الصالون عموما كان فرجة ممتعة على صنيع أنامل ذهبية، استغلت الصوف، الطين، الحجر، وأشياء أخرى لتحولها إلى أشكال لا يمكن أن تكون إلاّ لأصحاب الموهبة والأفكار اللامعة والنفوس المولعة بالحفاظ على موروث الأسلاف.
الجدير بالذكر أنّ الصالون يُتبع بتنظيم يومين دراسيين يعكف من خلاله المشاركون على النظر في مسألة صياغة قانون أساسي متعلق بالجمعيات الناشطة في قطاع الصناعة التقليدية، فضلا عن طرح أهم انشغالات الحرفيين، والتي تتمحور غالبا في مشاكل غياب مقرات العرض وغلاء المواد الأولية وعدم وفرة بعضها.

ضرورة إدراج دروس التربية الوطنية والرياضية في المدارس الإبتدائية، وتعميم الأقسام الرياضية في جميع المؤسسات التعليمية لإعطاء الفرصة  لجميع الناشئين للإنخراط فيها، التأكيد على التكوين الجيد للمربين في المدارس التربوية، وإعادة تقييم البرامج الجديدة من أجل تكييفها والتطورات الحاصلة في المنظومة الرياضية الحديثة.
إنها  أهم التوصيات التي خرج بها الملتقى الوطني الثاني لعلوم التربية البدنية والرياضية، والذي أقيم  هذه السنة تحت عنوان ''المنظومة الرياضية في الجزائر وتأثيرها على المجتمع (بين الإستراتيجية والتجسيد)، والتي حضره أساتذة ودكاترة وباحثون من مختلف المعاهد والجامعات الجزائرية، وقد جاءت هذه التوصيات من صلب المداخلات القيمة التي ألقيت على مسامع الحضور، الذي كان غالبيته من طلبة معهد علوم التربية بجامعة العلوم والتكنولوجيا محمد بوضياف، والذين أبدوا إهتماما وتجاوبا كبيرين معها للفائدة الجمة التي حملها إليهم هؤلاء الباحثون، الذين شددوا جميعهم دون إستثناء على التكثيف من عقد مثل هذه الملتقيات، التي تعنى بكل ماله علاقة بالمجتمع الجزائري، والرياضة أحد العناصر الفاعلة فيه، للتعلق الكبيرالذي تبديه مختلف شرائح مجتمعنا بالممارسة الرياضية، ومن ثم توجب التفكيرفي تكييف هذه الممارسة مع التطورات، التي يعرفها هذا المجتمع من خلال العناية بمنظومة رياضية تتوافق وتطلعاته وآفاقه، ولايمر ذلك إلا بتشخيص نقائصها ومن ثم معالجتها، كما أوضح ذلك الأستاذ عيسى الهادي المنسق العام للملتقى بقوله: ''لقد سمحت لنا مختلف البحوث الأكاديمية، التي أفادنا بها أساتذتنا الباحثين في تقديم علاج لمختلف النقائص التي باتت تعاني منها المنظومة الرياضية الجزائرية، وهذا خدمة للمجتمع الجزائري الذي هوبحاجة ماسة إلى كل ما يكفل تطوره، ومن خلال المداخلات التي عرفها الملتقى على مدار يومين، استخلصنا بعض التوصيات التي نرى أنها تخدم المنظومة الرياضية الجزائرية ورفعناها إلى الهيئات المعنية للنظر فيها وتبنيها''.
اليوم الثاني من الملتقى عرف برمجة مداخلات عديدة هامة، خاصة تلك التي تناولت الممارسة الرياضية في المؤسسات التعليمية، ودور وتأثير الإعلامي الرياضي فيها، منها مداخلة الأستاذ خروبي محمد فيصل بعنوان ''واقع المنظومة الرياضية وتأثيرها على الرياضة المدرسية''، وثانية للأستاذ أحمد فلاق بعنوان: ''القيم الإخبارية في الصحافة الرياضية الجزائرية''، وثالثة للأستاذ حسين بن زيدان بعنوان ''دور البيئة تجاه الفئات الخاصة في ممارسة الأنشطة الرياضية والترويحية''، ورابعة للأستاذ محمد بوغربي بعنوان ''تأثير الإعلام الرياضي المدرسي على الثقافة الرياضية لدى تلاميذ المرحلة الثانوية''، وأخرى للأستاذ عباس جمال بعنوان ''البعد الثقافي الإجتماعي في المنظومة الرياضية الوطنية''.
الدكتورمهيدي محمد نائب المدير مكلف بالدراسات مابعد التدرج بجامعة العلوم والتكنولوجيا محمد بوضياف، شدد على ضرورة تصحيح المفاهيم الخاطئة حول دورالرياضة، حيث قال في هذا الشأن: ''لقد نسي كثيرون أن المفهوم الحقيقي للرياضة، هو خدمة المجتمع عن طريق التنمية البشرية، فالرياضة تعنى ليس بتنمية جسم فقط، بل وبالجانب الروحي والشخصي والبدني حتى يكون النتاج المعروف ''العقل السليم في الجسم السليم مفيد جدا في التنمية الإجتماعية بصفة عامة، لكن للأسف أصبح ينظر للرياضة نظرة خاطئة على أنها تنمي جسما يتحول إلى آلة الهدف منه الربح المادي فقط''.
الإسهامات الكثيرة، والنفع الكبير لهذا الملتقى، والصدى الواسع الذي لقيه لدى الناشطين في الحقل المعرفي والبحث الأكاديمي والطلبة، في طبعته الثانية، شجع منظميه لإعطائه بعدا دوليا بدءا من السنة القادمة بحول الله، كما كشف عن ذلك الأستاذ عيسى الهادي، الذي أكد بأنه سيتطرق إلى أهم الجزئيات في المنظومة الرياضية الجزائرية بإستخلاص بعض التجارب الدولية للإستفادة منها.

''نحو مقاربة  فاعلة تُخرج النزاعات الاجتماعية من أروقة العدالة وترجعها إلى المجتمع، انطلاقا من مبدأ أنّ العلاقة الأسرية لا يضبطها الجانب المادي بقدر ما يضبطها الجانب الإنساني''.. كان هذا الموضوع الذي رافع من أجله أستاذ الحقوق بجامعة البليدة خالد بوشامة لحماية الأسرة من الخلافات التي تؤججها المحاكم، مؤخرا، ضمن يوم دراسي حول مبدأ الوساطة الأسرية، نظمته وزارة التضامن الوطني والأسرة.
وأكد الخبير الحقوقي خالد بوشامة من خلال مداخلة بعنوان ''الصلح حسب الأعراف والتقاليد الجزائرية'' على الدور الفعال لنظام الصلح في تسوية النزاعات وخاصة الأسرية، مضيفا أن نظام الوساطة وقبل أن يكون إجراء قانونيا، فهو أسلوب متجذر في حل النزاعات اليومية يستقي ضوابطه من القيم الدينية والاجتماعية للمجتمع الجزائري.
وأظهرت التجربة الميدانية، برأي الأستاذ الجامعي، أنّ المحاكم غالبا ما تزيد من هوة الخلافات الأسرية، باعتبار أنّ النصوص القانونية عاجزة عن تضميد جراح العلاقات الأسرية، لكون طبيعة النزاعات الحاصلة بين أفراد الأسرة مختلفة عن طبيعة النزاعات، ذلك أنّها ترتبط بالجانب النفسي والاجتماعي وليس بالجانب المادي.
وسلط الأستاذ بوشامة الضوء على مفهوم الوساطة الأسرية، قائلا بأنّه يعد حسب الفكر القانوني وسيلة بديلة عن القضاء لإنهاء النزاعات بشكل ودي بين الخصوم، وتقريب وجهات النظر بتكليف من القضاء، مشيرا إلى أنّها تتميز بكونها تجري بعيدا عن المحاكم، وبأنّها غير ملزمة، حيث يمكن رفضها.
وعرفت هذه المقاربة التي تعكف وزارة التضامن على تكييفها حاليا، طريقها إلى المنظومة القضائية في الغرب منذ السبعينيات، لكن هذه الوساطة عرفها المجتمع الجزائري قبل ذلك، لأنّه ورثها عن جذوره الروحية والحضارية، وفقا لما تدل عليه الآية القائلة: ''وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا ''سورة النساء الآية (35)، حسب المصدر.
فهذا النص الشرعي يُظهر جليا الأصل الحضاري لمبدأ الوساطة في المجتمع الجزائري، ويفسر تجذره في الأعراف والتقاليد، وذلك من خلال ثلاث هيئات عرفية هي: الزاوية، حلقة العزابة وتجماعت. ونشأت الزوايا في العهد التركي، حيث كانت محجا للعلم وللمتخاصمين لاعتبارات اجتماعية ودينية طلبا للعدالة والسرية من شخص متدين متصوف.
أما تجماعت، فهي هيئة منفردة من نوعها تنفرد بها منطقة القبائل، ولها اليد الطولى في حل النزاعات، ويرجح أنّ وجودها يمتد إلى عدة قرون. في حين اشتهرت منطقة وادي ميزاب بحلقة العزابة(بمعنى انعزل أو تنحى جانبا زاهدا في الدنيا)، وهي عبارة عن مجموعة من أعيان ورجال الدين المختارين من المنطقة.
وختم  الخبير القانوني بالقول بأنّه من أنصار فكرة خروج مبدأ الوساطة الأسرية من ساحة القضاء، لأنّه يصعب ثني المتخاصمين عن رأيهم عندما تلج نزاعاتهم إلى قاعات المحاكمة.
ودعا من جانبه عضو المجلس الإسلامي الأعلى محفوظ سماتي، إلى إعادة الدفء للمحيط العائلي من خلال تخليص الأسرة من الشوائب والأمراض الاجتماعية التي تسببت في تغير معالم المجتمع بما يهدد بتحطيم قيمه كنتيجة للقيم الدخيلة التي اجتاحته.
وأضاف أنّ إفرازات هذا الوضع باتت جلية في المحاكم، حيث يدعي كل طرف من أطراف النزاع العائلي بأنّ حقه مهضوم، مما يسفر عن تشرد الأطفال وضياع كرمة النساء، نظرا لغياب الحل في المحاكم، جراء عدم قدرتها على الفصل في قضايا المتخاصمين بما يعيد الطمأنينة إلى قلوبهم.
ولهذه الأسباب، تطرح اليوم مقاربة الوساطة الأسرية كحل أمثل للنزاعات بين الأزواج ومختلف أفراد الأسرة والحد من التفكك الأسري ومختلف الآفات الاجتماعية.وفي هذا الصدد كشف المكلف بالاتصال بالوزارة المنتدبة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة أنّ التحولات الطارئة في المجتمع الجزائري تركت آثارا سلبية على نسيج العلاقات الأسرية والاجتماعية، ليس أقلها تضاعف عدد حالات الطلاق بأكثر من 7 بالمائة في سنة ,2009 بما أدى الى تسجيل أزيد من 41 ألف حالة طلاق (معظم الأزواج المنفصلين لم يتعد عمر زواجهم خمس سنوات). ومن تأثيرات هذه الآفة نشوء أسر أحادية تجد صعوبة كبيرة في رعاية الأطفال وتوفير احتياجاتهم،مما يعرضهم للعنف البدني والمعنوي الذي قد يزج بهم في عالم الرذيلة.
وبناء على هذه المعطيات، بلورت وزارة الأسرة بالتعاون مع كافة الفاعلين استراتيجية الأسرة، والّتي حظيت بمصادقة الحكومة مؤخرا بعد عدة دراسات منجزة من وزارة الأسرة حول التحولات الطارئة في المجتمع الجزائري، والتي مست الأسرة لتحديد الرهانات التي تواجه هذه  الأخيرة.
ووفقا للمعلومات المستقاة خلال اليوم الدراسي، فإن آثار العولمة والعصرنة وتحول الأسرة الجزائرية من موسعة إلى نووية، وكذا الاتجاه نحو النزعة الفردانية، ساهم في تكاثر الآفات الاجتماعية داخل الأسرة الجزائرية، وفي مقدمتها الطلاق، الإهمال العائلي، التخلي عن الأشخاص المسنين وجنوح الأحداث.
وهذه المعطيات أعادت إلى الواجهة الصلح بين أفراد الأسرة، حيث يقوم طرف ثالث بمساعدة المتخاصمين على إدارة نزاعهم من خلال تنظيم محادثات سرية يسيرها وسيط أسري.
والجدير بالذكر أنّ العمال الاجتماعيين لقطاع التضامن الوطني والأسرة يمارسون منذ عدة سنوات نشاطات تتعلق بالوساطة الأسرية دون أن يتم تحديدها وتنظيمها. ومن منطلق تكييفها وهيكلتها مع الوجهة الدينية والثقافية، تم في الآونة الأخيرة استحداث القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين للأسلاك الخاصة بالإدارة المكلفة بالتضامن الوطني (المرسوم التنفيذي رقم 09 - 353 المؤرخ في 8 نوفمبر 2009)، ويتعلق برتبة الوسيط الاجتماعي الّذي حدد له مهاما ترتبط بالوساطة الأسرية واشترط أن يكون له تكوين متخصّص.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)