الجزائر

فيما تشهد المحاكم تزايدا في قضايا الاعتداء الجسدي على المرأة ‏المحامية بن براهم تصر على التطبيق الجاد للنصوص القانونية



 
تدهورت الحالة الصحية للسجناء السياسيين الصحراويين المعتقلين بسجن سلا 2 بالقرب من العاصمة المغربية الرباط بسبب الإضراب المفتوح عن الطعام الذي دخلوه منذ نهاية أكتوبر الماضي احتجاجا على ظروف اعتقالهم المأساوية. 
وأكدت لجنة متابعة الإضراب أن الحالة الصحية لهؤلاء المعتقلين الذين تم توقيفهم خلال تفكيك مخيم اقديم ازيك من قبل القوات المغربية في 8 نوفمبر 2010 بالقرب من العيون عاصمة الصحراء الغربية المحتلة ''دخلت مرحلة الخطر''.
وأضافت اللجنة أن الوضع الصحي لستة معتقلين من أصل 22 الذين دخلوا لليوم 23 على التوالي في إضرابهم عن الطعام شهد تدهورا خطيرا بعد ظهور أعراض آلام حادة على مستوى الظهر والكلى والرأس إلى جانب فقدان الوزن ما بين 5 و10 كلغ وحالات فقدان الوعي.
وذكرت اللجنة أن الإضراب عن الطعام جاء ''احتجاجا على إنكار الحقوق الأساسية والمشروعة والقانونية داخل السجن والمطالبة بإحالتهم أمام محكمة تتوفر على كل الظروف لمحاكمة عادلة ومنصفة أو إطلاق سراحهم اللامشروط''.
وأثار وضع المعتقلين الصحراويين انشغال الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي استوقفت الأسبوع الماضي وزارة العدل المغربية حول ظروف اعتقالهم. وطالبتها بالتدخل لإنقاذ حياة هؤلاء والتحرك الفوري من اجل تفادي الأسوأ بالنظر إلى وضعهم الصحي المقلق.
وكانت عائلات السجناء السياسيين الصحراويين وجهت بداية نوفمبر الماضي نداء لإطلاق سراحهم دون شروط أو خضوعهم إلى محاكمة عادلة ومنصفة أمام القضاء المدني.
يذكر ان أغلب السجناء الصحراويين في المعتقلات المغربية هم نشطاء في مجال حقوق الإنسان وجهت لهم تهم تتعلق ''بالمساس بالأمن الداخلي والخارجي للدولة وتكوين عصابة إجرامية والمساس بالموظفين العموميين أثناء تأديتهم لواجبهم'' وهي جرائم عقوبتها السجن المؤبد.
وفي نفس السياق طالبت الجمعية الفرنسية ''الأرضية من أجل التضامن مع الشعب الصحراوي'' المغرب بـ''إطلاق سراح المعتقلين السياسيين الصحراويين أو محاكمتهم في أقرب الآجال في ظروف عادلة ومنصفة بحضور مراقبين دوليين''.
وأكدت الأرضية على ''دعمها لنشاط المعتقلين والكفاح الشرعي للشعب الصحراوي من أجل اتخاذ قراراته المتعلقة بمستقبله بشكل حر وديمقراطي''، مذكرة أنه منذ الهجوم المميت على مخيمات اقديم أزيك في نوفمبر الماضي يتم قمع جميع المظاهرات السلمية المتوالية ''بشدة مع تسجيل عدد كبير من القتلى والجرحى واعتقالات جديدة مثلما حدث في مدينة الداخلة يوم 25 سبتمبر الماضي''.
وأشارت الأرضية أن التجند من أجل الشعب الصحراوي قد سمح بإطلاق سراح عدد كبير من المعتقلين وبالرغم من ذلك ''لا يزال حاليا ما يفوق 90 سجينا من بينهم 24 مدافعا صحراويا عن حقوق الإنسان'' في سجون مدينة سلا في انتظار محاكمتهم أمام المحكمة العسكرية مما يهدد بصدور أحكام ثقيلة بحقهم.
كما دعت الحكومة المغربية إلى ''وقف القمع واحترام حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة والسماح لملاحظين وبرلمانيين صحفيين بدخول الأراضي المحتلة بكل حرية''.ووجهت الأرضية من أجل التضامن مع الشعب الصحراوي دعوة للحكومة الفرنسية لوقف ''دعمها اللامشروط'' للمغرب والمساهمة على مستوى الهيئات الأوروبية والدولية في ''احترام'' حق الشعب الصحراوي المشروع في تقرير مصيره.

أكدت تداعيات الوضع خلال الساعات الأخيرة في مصر، بسبب الانفلات الأمني الذي شهده ميدان التحرير في قلب القاهرة، على عمق الأزمة السياسية وصعوبة الانتقال السلس للسلطة، بل أن أحداث الأيام الأخيرة أشّرت على شرخ كبير بين المجلس العسكري الحاكم والطبقة السياسية من جهة وبينه وبين شباب الثورة من جهة أخرى.
ولم تكن استقالة حكومة عصام شرف إلا تأكيدا على هذه المتاعب وأعطت الاعتقاد على اختلاف في المقاربات بين المجلس العسكري الذي أصبح ينظر إليه على أنه امتداد لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك وبين حكومة ولدت من رحم الأحداث الدامية التي عرفتها مصر في فيفري الماضي.
ويكون المشير حسين طنطاوي الذي لم يعد يلقى الإجماع في أوساط المصريين الذين خرجوا بالآلاف للمطالبة برحيله قد استشعر صعوبة الوضع ومخاطر استمرار الاحتقان السائدة، الأمر الذي جعله يستدعي الطبقة السياسية لـ ''حوار جاد'' من أجل إبطال فتيل ثورة ثانية، إن هي وقعت فإنها لن تبقي ولن تذر هذه المرة أيضا.
ولم تكن حصيلة مواجهات يومي السبت والأحد إلا أكبر نذير على ما هو آت في حال تصلبت المواقف وتمسك كل طرف برؤيته لتطورات الأوضاع.
ولكن هل بإمكان المجلس العسكري إنقاذ الموقف بعد كل ما حدث وانقطعت معه شعرة معاوية التي كانت تحكم العلاقة الهشة بين شباب الثورة وأعضاء المجلس العسكري، الذين أصبح ينظر إليهم على أنهم الوجه الآخر لعملة النظام المصري المطاح به، بل أن درجة التوجس من أعضائه بلغت الحد الذي أعطى الاعتقاد لدى عامة الشعب المصري أنهم أصبحوا يشكلون تهديدا لمستقبل الثورة، الأمر الذي جعلهم ينشئون قوة سياسية لحماية ثورتهم.
ورغم أن المجلس العسكري أبدى ليونة في مواقفه بعد دعوته للطبقة السياسية للحوار، فإن ذلك لم يمنع الآلاف من المتظاهرين من التوافد على ميدان التحرير لليوم الخامس على التوالي وشعارهم ''أيها العسكر ارحلوا'' في رسالة واضحة إلى ضرورة تسليم المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة إلى حكومة مدنية.
ويعكس التباين الواضح في موقف السلطات المصرية الانتقالية وفعاليات الشارع المصري سواء داخل المجتمع المدني أو شباب الثورة أو حتى لدى الأحزاب السياسية حقيقة المأزق الذي دخلته مصر وجعلت المجلس العسكري يعترف ولأول مرة أن البلاد في أزمة حقيقية.
وتكمن خطورة الوضع في كون حكومة عصام شرف لم تستطع الصمود أمام الهزات التي ما انفكت تتعرض لها لأكثر من تسعة أشهر وأيضا لتسارع الأحداث من السيئ إلى الأسوأ عشية انتخابات مفصلية في عمر التجربة الديمقراطية المصرية وكل تأجيل يعني بطريقة مباشرة العودة إلى نقطة البداية في ساحة سياسية واجتماعية لم تعد تقبل الانتظار أمام وضع عام بدأ يتفاعل على نار هادئة.
وهو ما جعل حزب الوفد الليبرالي أحد أقدم أحزاب المعارضة في مصر يتساءل أمس ''عمن في مقدوره إطفاء هذه النار'' بعد أن أرجع أسباب ما هو حاصل إلى تركيبة الحكومة الحالية التي خلت من الثوار الذين صنعوا الحدث وأطاحوا بأحد أقدم الأنظمة العربية.
وازدادت قناعة المتظاهرين أن حكومة عصام شرف ما هي سوى غطاء لحكم العسكريين الذين يشكلون السلطة الفعلية في البلاد وهو ما جعلهم يخرجون بالآلاف من أجل تأكيد إصرارهم على رحيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة وأكدوا أن رحيلها غير كاف وطالبوا بحكومة ''إنقاذ وطني'' توكل لها مهمة تنظيم انتخابات وتعيين رئيس حكومة ورئيس جديد للبلاد في أقرب الآجال.
وحتى وإن تم تنظيم هذه الانتخابات فإن المخاوف تزداد بسبب احتمالات وقوع أعمال عنف قد تعكر أجواء اول عرس ديمقراطي يريد المصريون أن يؤكدوا للعالم من خلاله أنهم أهل للديمقراطية وأن خوض امتحانها والنجاح فيه ليس حكرا على الشعوب الغربية دون غيرها من الشعوب الأخرى.

يحاول العرض المسرحي ''جلالة المتخم الثاني'' للمخرج بشير بسودة عن الجمعية الثقافية للفنون الدرامية لولاية أدرار، نقل الواقع العربي الراهن بأسلوب ساخر، لكنّه يتعثّر بسبب هشاشة الحوار الذي يفترض أن يبنى على فكرة واضحة وضعف المؤثّرات الفنية المستخدمة، وهو ما جعل شكل المسرحية غير ناضج، واكتفت الجمعية بتقديم مسرحية موضوعها يحتاج حقا إلى جرأة أكثر.
لعلّ المخرج الشاب بشير بسودة تأثّر بما سمي بـ''الربيع العربي''، إلاّ أنّ إسقاطه على الركح لم يوفّق بسبب التمازج الفني السينوغرافي والمؤثّرات الصوتية والضوء الذي كان ضعيفا، لكن مؤلّف المسرحية عبد الكريم ينينة تمكّن من تغطية هذا العجز التقني بفضل النص الذي اعتمد على الكثير من الجمل المضحكة والحركات الهزلية وكذا الغناء، حيث كان الجمهور التلمساني أوّل أمس حاضرا بقوّة مع ''جلالة المتخم الثاني'' بدار الثقافة بمغنية، ووجد لنفسه متنفّسا من خلال فتح موضوع عميق وشائك مرتبط ببطش الحاكم وألم الرعية في الأوطان العربية...
فعلى مدار خمسين دقيقة، تعالج المسرحية (التي تجسّدها أربع شخصيات) وسط ديكور متواضع يتمثّل في مجلس عرش الحاكم، قضية الفساد السائد في البلدان العربية، وذلك في أسلوب كوميدي ساخر بهموم الشعب العربي، تدور حول سلطان أكلته التخمة فنسي إمارته حتى تكالب عليها الأجانب، وهو مشغول ومنغمس بالتحقيق مع شاعر بسيط متهم بتحويل قافلة ''الكوكا كولا والمايونيز'' نحو إحدى القرى النائية، بعد أن عانت سنوات من الجوع بسبب الفساد الحاصل في البلاط الملكي وتهاون الحاكم في خدمة شعبه، وتصويره على أنه بعيد عما يجري خلف أسوار قلعته.
وقد أدى هذه الأدوار كل من بريكة حمد في دور الملك، بامون جيلالي في دور الوزير، عبد الواحد عبد الغني الذي جسد دور رئيس لجنة التحقيق، إلى جانب بسودة عبد الكريم في دور الشاعر. واستعان النص الذي جاء باللغة العربية الفصحى تارة وبالدارجة تارة أخرى، بالكثير من الأمثلة وأشعار الشاعر العراقي الكبير أحمد مطر.
وحملت المسرحية في مضمونها نقدا ساخرا لما يقع للشعوب العربية، وذلك بهدف إبراز مدى وعي الشعوب العربية، من خلال إبراز الضغوطات التي يواجهها المواطن العربي عموما في حياته اليومية والتي تخلق له في أغلب الأحيان أزمات تعرقل استمرار حياته بشكل طبيعي.
وأوضح بسودة عبد الكريم مخرج المسرحية، أنّ التأثّر بالثورات العربية التي اشتعلت نيرانها تدريجيا في كلّ من تونس، ليبيا، سوريا واليمن، ساهم في ميلاد فكرة المسرحية. وتابع يقول للصحافة على هامش العرض، أنّ المسرحية صوّرت في قالب كوميدي كاريكاتوري، وسعى للمشاركة بها في الطبعة الرابعة من الأيام الوطنية لمسرح الجنوب في إطار ''تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية''، ليكشف عن موعد الطبعة الرابعة للأيام الوطنية لمسرح ''النخلة الذهبية'' التي ستحتضنها مدينة أدرار بدءا من 15 ديسمبر المقبل.
يذكر أنّ أيام مسرح الجنوب تختتم يوم 27 نوفمبر الجاري، التي نظمت استثناء بتلمسان عوض الجزائر العاصمة بمناسبة التظاهرة الإسلامية بمشاركة 10 ولايات من الجنوب الكبير، ترمي إلى بعث الطاقات الشابة المبدعة، وكذا التعريف بمسرح الجنوب-.

دعا الأستاذ محمد بن عمرو الزرهوني الوزير الأسبق و مستشار رئيس الجمهورية الجهات المعنية لبعث حركة وطنية مخطّطة لجمع التراث الأدبي الوطني وتدوينه بإقامة جوائز ورصد حوافز مالية لتحريك همم القادرين على الاضطلاع بهذه المهمة المنشودة تحت رعاية وزارة الثقافة والبلديات ودور الثقافة والجامعات وغيرها من المؤسّسات الكفيلة برعاية العملية، وقال ''أعتقد أنّنا لو صمّمنا جماعيا على إنجاز هذا الجمع ، لا محالة أنّنا سنفرغ منه في مدة لا تزيد عن خمس سنوات وذلك لتوفّر القدرات والإمكانيات في سائر أنحاء الوطن".
واعتبر الأستاذ محمد بن عمرو الزرهوني إدراج الطبعة الثانية من ''كناش السي إدريس ابن رحال، أشعار من الموزون والملحون'' ضمن الكتب التي ستصدرها وزارة الثقافة عبر دار النشر ''هومة'' تحت لواء تظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية''، خطوة جميلة سيحتسبها هواة الشعر الشعبي وستكون ثمرة للنهج الذي سارت عليه السياسة الثقافية الجزائرية منذ ,1999 وأضاف أنّ هذا النهج تحرّك بفضله الإحياء الفعلي الملموس لكلّ ما يمتّ بالصلة إلى هويتنا الجزائرية وثقافتنا الوطنية.
وأوضح الأستاذ الزرهوني الذي عمل على تحقيق نصوص ''كناش السي إدريس ابن رحال، أشعار من الموزون والملحون'' وإتمامها وكذا إعدادها للنشر، أنّ ما ساقه لإعداد الطبعة الثانية من هذا المصنّف هو تكرّم وزارة الثقافة بإدراج هذا المؤلف الشعبي من بين الكتب الجزائرية البحتة التي أرادت أن تصدرها بمناسبة تظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية''، ويضيف السيد الزرهوني عن المؤلف أنه  كتاب مهمّ ينطوي على ما انتخبه السي إدريس ابن رحال من أجود قصائد الملحون الجزائري والمغربي التي كان يغنّيها في الحفلات والولائم العائلية، ومن ثمة فهو يصلح ليكون كناشا لكلّ شبابنا هواة الغناء الشعبي الذين ليس لهم كناش".
كما يعدّ السي إدريس ابن رحال مرجعا فارقا في ساحة الموسيقى الحضرية الجزائرية وفنونها، حيث كان رئيس فرقة شهد له معاصروه بطول الباع في إتقان فنه وسعة معرفته بأسراره، كما دخل في عداد أعلام ندرومة في القرن العشرين، لا لأنّه سليل أسرة حسيبة مشهود لها في رفع لواء طلب العلم ونشره والذود عن الانتماء الجزائري والتمسّك بالهوية الوطنية، وإنّما لأنّه اضطلع برسالته، فنانا ومثقفا على أحسن وجه، وما زال الندروميون يضربون بـ''أحكام السي إدريس'' المثل في الجد وحب الإتقان والنفور من الرداءة والتهاون. 
وأكد جامع ديوان الشيخ قدور ابن عشور الزرهوني أنّه يعتبر استعادة الذاكرة الجماعية الوطنية بجملتها عاملا لا مناص منه لترميم تماسك شخصيتنا الوطنية وإعادتها إلى سكّة التطور السوي، مستطردا بقوله: ''الشعر الشعبي هو أحد أوعية الذاكرة الجماعية الوطنية وجزء من ذلكم الأدب الذي كان لا أدب لنا سواه طيلة أحقاب مديدة من الزمن من عصر ابن خلدون إلى عصر الإمام عبد الحميد ابن باديس''، وأوضح أنّ اهتمامه بالشعر الشعبي راجع لكون هذا النوع من الشعر عبَّر وما زال يعبِّر أحسن تعبير عن التَّمَيُّز الجزائري وفلسفة الحياة الجزائرية، ولكونه عانى الإهمال والدونية وكان وما يزال يحتاج إلى المئات من أمثاله لكي يستعيد اعتباره ويجد مكانه الطبيعي ضمن الأدب العربي الجزائري القديم والمعاصر كمادة للدراسة ومرجع لكتابة تاريخنا الاجتماعي.
وأكّد الأستاذ الزرهوني، المشهود له إسهامه الفردي في جمع التراث الشعري الشعبي الجزائري وإنقاذه من الاندثار، أنّ الجزائر قطعت منذ الاستقلال أشواطا بعيدة في طريق ''رد الاعتبار لكلّ ما هو  إبداع الشعب بلغتي الشعب العربية والأمازيغية''، وذلك يتجلى فيما تقوم به وزارة الثقافة منذ سنوات، في مجال تحريك عجلة إحياء التراث الشعبي وتوظيفه في تخصيب الابداع الثقافي الوطني عموما، ومن خلال تجاوب الناشرين وإقبالهم على الإسهام -من جانبهم- في طباعة الأدب الشعبي ونشره، وهو ما يشجّع الشعراء الشعبيين على نشر دواوينهم مثل شعراء الفصيح.
الأستاذ الزرهوني تحدّث أيضا في حواره مع جريدة ''المستقبل'' عن المساعدة التي يجدها لدى خزّان المخطوطات والنصوص المدوّنة ولدى ورثة المؤلّفين، حيث أشار إلى أنّها منعدمة أو تكاد؛ لأنّ أغلب الحائزين على النصوص المخطوطة ''بُخلاء'' يتركونها حبيسة أدراجهم أو محجوبة في خزاناتهم عن ذوي الكفاءات القادرين على تعهدها بما يلزم من تصحيح وتنقيح قبل نشرها، ومن ثمة إتاحة ايصالها إلى الجمهور العريض، وشدّد على ''أنّ الشعب هو أحق من يرث التركة الأدبية لشعرائه، أما الوارث البيولوجي العاجز عن ايصال المؤلّفات إلى عموم الشعب فإنّه يبقى ملزما بإيداعها بين أيدٍ أمينة وقادرة على تبليغ رسالة المؤلّف، ويكون حكمه حكم الـجاني إن هو امتنع أو توانى عن تبليغ الأمانة".
في هذا الصدد؛ أشار الأستاذ الزرهوني إلى وجود من يُصِرُّ من الورثة البيولوجيين عهودا طويلة على احتكار المؤلفات المخطوطة وغيرها إلى أن يرحل الجيل بعد الجيل ويطوي النسيان ذكر مُوَرِّثهم، ويذهب بذلك كلّ أثر لابداع المبدع، مؤكّدا ''أنّ استمرار هذا الوضع لمَن قبيل المنكر الصريح، فلا بدّ من إيجاد نصّ قانوني يُسَوِّغ حمل الورثة البيولوجيين على التنازل للدولة، بلا تأجيل أو تسويف، سواء بالـمقابل أو بالمجان، عن المؤلفات والوثائق المتضمّنة الإنتاج الأدبي للمؤلفين أو سيرتهم، حتى لا يستمر ضياع نفائس آدابنا بسبب جهل هؤلاء بقيمتها وأهمية بقائها بالنسبة لحفظ ذاكرة المؤلف وجيله ووصولها إلى الأجيال اللاحقة".
الأستاذ الزرهوني، الذي تفوّق كما وكيفا في مجال جمع التراث الشعبي الجزائري من خلال إثراء المكتبة الجزائرية بعدّة دواوين أخرجها إلى الوجود بعدما كانت محتوياتها قاب قوسين أو أدنى من الضياع، توقّف أيضا عند مساهمته في الدعوة لاستعادة  مدفع ''بابا مرزو''' من فرنسا، وقال ''لقد ساهمت أنا وغيري في التعريف بهذا الرمز التاريخي ويجدر بي، في هذا المقام، أن أنوّه بالكتاب القيّم الذي ألفه بلقاسم باباسي، والملحمة العصماء التي أبدعها شاعر الهضاب أحمد بوزيان، وكذا الأغنية الشعبية التي شارك بها عبد القادر شرشام، والحصة الإذاعية التي قام فيها محمد عجايمي بدور الراوي، وكلّ الحصص الإذاعية والأحاديث الصحفية التي أجريت مع بلقاسم باباسي الذي أَعُدُّهُ أنشط وأقدم المنادين، في الجزائر وفي فرنسا، بعودة بابا مرزو' إلى الجزائر، والعدد الكبير من المقالات الصحفية التي شارك بها بعض حملة الأقلام عندنا من أمثال مرزاق بقطاش، سعد بوعقبة، نور الدين خلاصي، وكذا الصحفي الفرنسي لورانت ابن هوبارت فيدرين، وزير الخارجية الفرنسي الأسبق، الذي كتب مقالا قيِّما في أحد أعداد مجلة ''لكسبريس'' الفرنسية، وأضاف -في هذا السياق- ''أعتقد أنّ السلطات العليا الفرنسية قد سجّلت بعدُ رغبة الأوساط غير الرسمية الجزائرية فيبقى لها أن تبادر من تلقاء نفسها أو تُقْدِم على ذلك حال تلقيها طلبا من الجهات الرسمية الجزائرية ولا أحسبها إلاّ مستجيبة لأنّ الرئيس ساركوزي سيتأسَّى بالرئيس شيراك، الذي أرجع للجزائر الخاتم الرسمي للداي حسين، فيقوم هو من جانبه بإعادة بابا مرزو'، بمناسبة الذكرى الخمسين لاستقلالنا، مصداقا لعزم فرنسا الرسمية على طي صفحة الماضي والتصالح مع الجزائر والمضي معها قدما في بناء علاقات تراعي ما يجب لذاكرتهما التاريخية المشتركة من صون واحترام".
وفي ختام حواره مع ''المستقبل''؛ ذكر الأستاذ الزرهوني أنّه يعكف حاليا على مراجعة وتصويب الطبعات الأولى لكتبه، حيث توشك الطبعة الثانية من ''ديوان الشيخ قدور ابن عشور''، الذي تفضّل بتصديره فخامة رئيس الجمهورية على الصدور، ناهيك عن التحضير لإصدار آثار الشيخ الخالدي، بعد الانتهاء من المراجعة واستكمالها بأشعار لم يسبق نشرها.

لا يختلف اثنان على أن الدين الإسلامي هو الشريعة الربانية الوحيدة التي أمنت للمرأة كامل حقوقها وحفظت كرامتها، غير أن السؤال الذي ينبغي أن يطرح اليوم: لماذا تعنف المرأة من طرف الرجل في مجتمع مسلم؟ هكذا رغبت الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم فتح النقاش في اللقاء الذي جمعها بـ''المساء'' للحديث حول ما تشهده المحاكم اليوم من قضايا تخص العنف ضد المرأة، والآليات القانونية المتوفرة لحمايتها.
تجيب المحامية بن براهم عن سؤالها قائلة: ''إذا عدنا إلى عادات وتقاليد المجتمع الجزائري، نجد أن ممارسة العنف ضد المرأة لم يكن سائدا، على اعتبار أن المرأة تحترم وتقدر خاصة وأن الشريعة الإسلامية قدستها وحفظت حقوقها منذ الأزل، غير أن الاعتداءات التي باتت تطال المرأة اليوم هي عادات دخيلة على المجتمع الجزائري ومن مخلفات الاستعمار الفرنسي.
وتشرح المتحدثة ذلك بالقول: ''قبل الحقبة الاستعمارية، لم تبلغنا أنباء عن حالات اعتداء على المرأة، خاصة أن الشريعة الإسلامية كانت مصدرا للتعامل بين الأشخاص، والدليل على ذلك أن المرأة عندما كانت تهان يمنح لها الحق في طلب الطلاق، لذا كانت تعرف قدرها وكان الرجل يلزم حدوده، ولكن تضيف المتحدثة هذه العادة الدخيلة على المجتمع الجزائري بالرجوع إلى القانون الأوربي قبل 1948 تاريخ ظهور ميثاق حقوق الإنسان، كانت المرأة والطفل يعتبران بمثابة ''شبه أشخاص''، ومن هنا يظهر الفرق بين الشريعة الإسلامية والقانون الأوربي، هذا الأخير الذي بدا يفكر عام 1871 في المرأة كشخص، ولكن كفرد متمتع بكامل الحقوق لم يصلها إلا بعد سنة ,1948 والدليل على ذلك أن المرأة حتى سنة 1945 لم يكن لديها الحق لا في التجارة ولا في إبداء الرأي، على خلاف المرأة في الإسلام التي كانت تتمتع بكامل حقوقها، وما السيدة خديجة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم  الاّ دليل على ذلك.
وبالتالي تضيف المتحدثة كل هذه العادات السلبية التي باتت تمارس ضد المرأة، هي من مخلفات المستعمر الفرنسي الذي استهدف المرأة بعد الاحتلال، وعوض أن يقوم الرجل الجزائري بحمايتها بالمفهوم الايجابي، مارس عليها السلطة وحرمها من أبسط حقوقها وضاعت معها كرامتها.
وحول عدد القضايا التي تطرح على العدالة من هذا النوع، ردت الأستاذة بن براهم قائلة ''أن قضايا العنف ضد المرأة زادت في الآونة الأخيرة بشكل ملفت للانتباه، ففي وقت مضى، كنا نسمع عن بعض قضايا العنف، و المعتدي عادة هو شخص غير مثقف، إلا أن ما نتعجب له اليوم أن مثل هذه القضايا يتورط فبها أشخاص مثقفون متعلمون وجامعيون، وأصحاب مراكز مرموقة بالمجتمع. وتستطرد المتحدثة ''وقفت في العديد من الحالات عند بعض القضايا التي عرضت علي، لم أتمكن فيها من النظر إلى الضحية المعنفة لأن الاعتداء الذي لحقها بلغ حد التشويه، كأن تفقد الضحية عينها أو يتورم جانب من وجهها أو تحطم أسنانها أو أحد أضلاعها.
وجاء على لسان المتحدثة أن ما نتعجب له أيضا، أن الدوافع وراء ضرب المرأة في أيامنا سواء من طرف زوجها أو أبيها أو أخيها، راجع لأسباب واهية قائمة على رفضها تقديم مالها أو سيارتها أو أجرها أو مصوغها لهذا الشخص، والنتيجة تعرضها للضرب المبرح، لذا وفي مثل هذه الحالة، ما علينا كمحامين إلا أن ننصح المرأة المعنفة باللجوء إلى طلب الخلع على اعتبار أن الزوج لا يطلقها، ولا يمكنها الحصول على التطليق إلا إذا تمكنت من إصدار حكم جزائي ضد المعتدي، ولكن في معظم الحالات تطلب الزوجة المعنفة الخلع بحثا عن راحة البال.
وتستنكر الأستاذة بن براهم بشدة ما تقوم به بعض الوزارت عند الحديث عن العنف ضد المرأة، من خلال حصر مجهودها في السعي لتطبيق بعض التوصيات الدولية أو القيام بعمليات الإحصاء، حيث قالت ''لسنا في حاجة اليوم إلى الحديث عن ظاهرة العنف ضد المرأة، فالكل يعرفها لكننا في حاجة للبحث عن كيفية محاربة هذه الظاهرة، القانون الجزائري يملك الحل الفعال من خلال النصوص التي إن طبقت بحذافيرها، حظيت المرأة بالحماية القانونية اللازمة. غير أن ما يحدث في حقيقة الأمر بمحاكمنا، هوأن ما يطبق من أحكام على قضايا الاعتداء ضد المرأة ينحصر فقط في شقه الجزائي الذي يفرض على من ارتكب الفعل عقوبة جزائية مقرونة بغرامة، وهو ما نصت عليه المادة 264 من قانون العقوبات، إلا أن ما لا يتم تطبيقه على المعتدي، هي العقوبات التكميلية الخاصة بالحرمان من الحقوق المدنية التي نصت عليها المادة 9 مكرر من قانون العقوبات؛ كالحرمان من بعض الحقوق السياسية كأن يحرم من الحق في الانتخاب أو الحرمان من تولي بعض المناصب السياسية أو حرمانه من حضانة الأبناء.....
لذا، اعتقد -تقول المحامية بن براهم- أن تفاقم ظاهرة الاعتداء على المرأة راجع إلى الاكتفاء بتطبيق الشق الجزائي وغض النظر عن الشق الخاص بالحرمان من الحقوق المدنية التي إن طبقت يحسب المعتدي ألف حساب قبل قيامه بالاعتداء، خاصة وأن المعتدين اليوم أشخاص مثقفون وأصحاب سلطة، لذا نجد أن قضايا الاعتداءات الجنسية على المرأة في الإطار المهني تقل بالمحاكم بالمقارنة مع العنف العائلي، خوفا من فقد بعض الحقوق المدنية، لذا فإن الحماية الكاملة للمرأة من أوجه العنف تكمن في التطبيق الجاد للنصوص.
ومن جهة أخرى، تطرقت الأستاذة بن براهم للحديث عن درجة الوعي الكبير الذي باتت تتمتع به المرأة، ولعل هذا ما جعل مثل هذه القضايا تظهر بالمحاكم بحكم أن هذه الأخيرة أصبحت تعبر عن إرادتها في رفض الواقع الذي تعيشه، بعد أن فهمت الحيلة التي بات يلجا إليها الرجل، إذ يدفعها إلى طلب الخلع حتى لا يطلقها وتكسب بعض الحقوق، لذا تنبهت هي الأخرى عند تعرضها لاعتداء ولو طفيف لاستصدار حكم جزائي يؤكد واقعة الضرب من أجل الحصول على التطليق، وهو ما جعل قضايا التطليق والخلع يتصدران قضايا الأحوال الشخصية بالمقارنة مع قضايا الطلاق.
وأخيرا تختم محدثتنا كلامها بالقول أن المجتمع الجزائري هو مجتمع ذكوري، ولطالما أعطت العادات والتقاليد للرجل المكانة على حساب المرأة، وأنصح المرأة بالتصرف بذكاء في كل الأماكن التي تجنب نفسها الاعتداءات.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)