الجزائر

فيتو العار الروسي



فيتو العار الروسي
بقلم: بشير البكر*صورة المندوب الروسي في مجلس الأمن الدولي فيتالي تشوركين وهو يرفع يده بإشارة فيتو ضد مشروع القرار الفرنسي الإسباني بخصوص معاناة حلب لن ينساها السوريون ومهما طال الزمن وتغيّرت الأحوال فإنها لن تسقط بالتقادم بل ستبقى محفورةً في الذاكرة شاهدا على إمعان الروس في قتل السوريين مع سبق الإصرار.حسب الحسابات كافة لا يوجد أي سبب يدفع الروس إلى اتخاذ هذا الموقف ضد شعب أعزل محاصر يعاني الموت جوعاً ومرضاً لا يجد الماء ولا الدواء وهناك 100 ألف طفل بلا حليب منذ عدة أشهر حسب تقارير الأمم المتحدة التي أكدت أن من سوف يبقى من هؤلاء على قيد الحياة سيكون في وضع صحيّ هش وعرضةً دائمةً للأمراض.يتحجّج الروس بأن الفيتو الخامس الذي اتخذوه ليل السبت الماضي ضد مشروع القرار الفرنسي الإسباني هو من أجل محاربة الإرهاب. ولنفترض أن هذه الحجة صحيحة فهل يبيحون لأنفسهم قتل 300 ألف مواطن في حلب وتدمير المدينة من أجل معاقبة 900 من جبهة النصرة حسب الأرقام التي أوردها مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا؟. إذا كانت دولةٌ عظمى تمتلك حق الفيتو مثل روسيا تعطي نفسها حقّ التصرف على هذا النحو البلطجي فهل يستقيم القانون الدولي ويسري على الجميع أم أنها ترتكب سوابق خطيرة عن سابق تصميم تجعل من المرجعيات الدولية لعبةً بيد من يمتلك القوة؟ وبالتالي لا أهمية لأي قانون أو عدالة دولية ولا مكان لأي أخلاق في حسابات البشر ولا حاجة للأمم المتحدة طالما أن قوة مارقة وضعت نفسها فوق كل مقياس ومرجعية وحساب.يقدّم الروس في سورية نموذجاً غير مسبوق على عدة مستويات خصوصا في العنف الذي أوصلوه إلى مصاف من الوحشية يتفوق على جرائم داعش. ويكشف منهج القتل والتدمير الاستعراضي في حلب عن عقلية إجرامية يقف العالم حيالها مصدوماً حتى أنه يجد مقارنتها بالنازية أمراً لا يشفي الغليل وقد أصبحت هذه القضية منذ عدة أسابيع الشاغل الأول للصحافة والمنظمات الإنسانية العالمية فالمقارنة بين حلب وغروزني صارت منتشرةً على نطاق واسع ونشرت الصحف العالمية بورتريهات لرئيس الأركان الروسي فاليري غيراسيموف الذي يطبق في حلب منهجه الذي استخدمه في غروزني حين كان قائداً للحملة الروسية لإخضاع المدينة الشيشانية وهو منهجٌ يقوم ببساطة على إلحاق أكبر قدر من الدمار بالمدينة وضرب البنى التحتية واعتبار كل ما يتحرّك على الأرض هدفاً عسكرياً ووصفته صحيفة الفيغارو ب(البارع في أساليب القتل البدائية).وتقود أسلحة القتل البدائية إلى مسألة أخرى لا تقلّ فداحةً من القتل وهي احتقار الروس الشعب السوري من خلال العمل على إعادة تمكين بشار الأسد وعصابته من حكم سورية بعد أن كان قد أصبح خارج الحساب منذ عام على الأقل وبدلاً من أن يُساق هؤلاء إلى محاكم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية تقوم روسيا بإعادة تعويمهم وكأن شيئاً لم يحصل غير عابئة بأرواح قرابة 600 ألف قتيل ومليوني معاق وعشرة ملايين نازح ومهجّر. لا يمكن وصف ذلك بأقل من مشاركة للنظام في الجريمة. ولذا بات السوريون يضعون فلاديمير بوتين بمصاف الأسد ويتعاملون مع روسيا قوة احتلال بدأت في الأسبوعين الأخيرين بتعزيز وجودها العسكري باتفاقات وبناء قواعد بحرية وجوية لتستمر إلى أمد طويل.اللافت أنه ليس جهاز بوتين السياسي والعسكري وحده من يبدو مصمماً على قتل السوريين حتى النهاية بل تقف إلى جانبه ترسانة من المحللين السياسيين الروس على الفضائيات العربية أغلبهم ضباطٌ سابقون في جهاز كي جي بي إلى حد أننا نجد أنفسنا أمام نسخة جديدة من الاتحاد السوفييتي السابق الذي كان حليفاً للأنظمة الاستبدادية في العالم.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)