الجزائر

في دائرة الموت



في دائرة الموت
15 محاولة إنتحار خلال أسبوع، شاب ينتحر شنقا ببلعباس، وآخر يشرب حمض الأسيد بتيارت، وربّ أسرة يضرم النار في جسده بمستغانم، وفتاة تناولت ماء جافيل أو سم الفئران بمعسكر و....أخبار مؤلمة نسمعها يوميا في الشارع أو نطالعها عبر الصحف فتحز في النفس وتجعلنا نجزم بأن هذه الحياة لم تعد تبعث الحياة في أصحابها، إنما أصبحت مليئة بالموت وكل من يعيش فيها لا يفكر إلا في كيفية للتخلص منها لينام ويستريح في تلك الرقدة الأبدية.
لقد أصبحت ظاهرة الإنتحار في مجتمعنا واقعا ملموسا نعيش معه ونتعايش يوميا ولم تعد من المواضيع المحظورة «الطابوهات» لأنها فرضت نفسها، بدرجة تجعل المختصين يسارعون للبحث في أسبابها لعلاجها أو الوقاية منها.
فرغم أننا نعيش في وسط مسلم يحرّم قتل النفس ويقدّس الحياة، إلا أننا نعيش قتل الذات أو الإنتحار بات شائعا ومن الحلول التي يرجع إليها الكثير عندما تعترضهم مشاكل حتى لو كانت هذه المشاكل ليست بالخطورة التي تستدعي وضع حد للحياة.
وإذا كنا نسمع في الماضي عن إقدام شباب أو مراهقين على قتل أنفسهم لأسباب كانت في معظمها عاطفية، نتيجة ضعف وحساسية المراهقة أو عدم اكتمال النضج وغياب المسؤولية، فإن الأمر اختلف خلال السنوات الأخيرة، ولم يعد قتل النفس يقتصر على فئة دون الأخرى أو جنس معين أو عمر معين، فالانتحار مسّ الشباب والكهول والنساء والرجال وحتى الشيوخ الذين من المفروض انتهت رحلة عمرهم بعد السبعين أو الثمانين أصبحوا يضعون حدا لحياتهم، مثلهم في ذلك مثل آباء وأمهات تركوا حزمة من الأبناء وودّعوا الحياة.
وإن تسأل أحدا ممن فشل في عملية الانتحار يجيبك أنه يعاني من مشاكل إجتماعية أو عاطفية، هذا هو المبرر الذي يؤدي بهم الى النفق، رغم إيمانهم القوي والراسخ بحرمة قتل النفس، ولكن...
إن ظاهرة الإنتحار استفحلت بشكل فظيع بحاجة عاجلة الى إجراءات عملية للحد منها، والى إشراك جميع الهيئات لإيجاد حل لهذه المعضلة الدخيلة على مجتمعنا والتي ما فتئت تفتك به وتدمر عائلات بأكملها، خصوصا وأن تعاطي المخدرات والأقراص زاد من انتشارها الجنوني فمجتمعنا بحاجة الى أدوات فعالة وتحرك ناجع، لبعث الأمل في نفوس اليائسين، وتوعيتهم بخطورة ما يقدمون عليه، لأن فعل الانتحار ينتهي بمجرد انتهاء صاحبه، ولكن تبعاته وخيمة على الآباء والأبناء وكل أفراد الأسرة التي انتحر فرد منها، وعليه يبقى الوازع الديني والإيمان أهم دواء نشفي ونعالج به هذه الظاهرة، وهذا بترسيخ القيم وتعاليم ديننا الحنيف في أبنائنا منذ نشأتهم وتحبيب الحياة إليهم مهما كانت المشاكل أو العراقيل وإفهامهم أن الحياة والموت بيد الخالق ولا أحد يتعدى على حدوده، والويل لمن تعداه، وفي الأخير نختم بهذا البيت الرائع لإيليا أبي ماضي حين تغنى بالحياة والأمل وقال: «إن شرّ النفوس نفس يؤوس * يتمنى قبل الرحيل الرحيل!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)