الجزائر

في الصميم التغيير من داخل أو خارج النظام



 تغيير النظام أضحى حتمية، ولكن السؤال الواجب طرحه: هل يمكن أن يغيّر النظام نفسه بنفسه من خلال تدابير مرتبطة بالديمقراطية الآتية من الغرب، والتي تتجسد من خلال انتخابات تعدّدية وبرلمان وحكومة تشارك فيها أحزاب متعدّدة، أم أن مصدر التغيير يجب أن يأتي من خارج النظام؟
هناك العديد من الملاحظات التي تفرض نفسها في هذا المقام، الملاحظة الأولى أن النظام حاز على فن تنظيم انتخابات تعدّدية، دون السماح بتغيير فعلي لنظام الحكم. الملاحظة الثانية أن الريع الذي يسمح بتخفيف أعباء وثقل الرسوم والضرائب على السكان بفضل الجباية البترولية، تجاوز 57 بالمائة من إيرادات الميزانية الإجمالية، وبالتالي هي تغطي جزءا كبيرا من نفقات التسيير وإجمالي نفقات التجهيز. وحينما نسجل الدور الهام للضرائب كنقطة ربط وعلاقة بين الدولة والمواطن وكرابطة تضامن بين مختلف فئات السكان،يمكننا الاستنتاج أن غياب الضرائب يعني غياب المواطنة، ويسمح الريع بسيادة رعاية الدولة، ما يؤدي إلى انكماش دور المؤسسات التي تصبح، على غرار مساحيق التجميل، تستخدم لتزيين ديمقراطية الواجهة، كما يعني أيضا التنظيمات المعتمدة للمجتمع المدني التي تخدم مصالح المجموعات التي تعتبر أن الأمر القائم مردود أو مرفوض أخلاقيا، ولكنها عامل حام من الناحية المادية ومحقق للمكاسب المالية، وتكمن فعالية الفاعلين في المجتمع المدني في قربهم من الوجوه الهامة والبارزة للنظام، كما يتعيّن أن نسجل أن الريع الاقتصادي ونظام الرعاية يدفع النخب إلى التبعية المالية للدولة، من خلال استخدام التوظيف للأشخاص أو الدعم الظاهر والمقنع بالنسبة للجمعيات والأحزاب، أو من خلال القروض والعقود للحصول بسهولة على العقود والأعمال والصفقات. الملاحظة الثالثة أنه بإمكان النظام أن يعيش ويبقى بفضل الجمع بين ثلاثة عوامل: وفرة العائدات التي تظل في متناول الحكام، ومستوى التجنيد الشعبي الضعيف، إلى جانب القيمة الاستراتيجية للمحروقات في نظر القوى الدولية.
وعليه، ومن باب الموضوعية، نعتبر أن التغيير لا يمكن أن يأتي لا من داخل النظام ولا من توابعه، أحزاب سياسية وجمعيات المجتمع المدني في الوضع الحالي، ما يعني ضرورة اعتماد التغيير من خارج دائرة النظام. لذلك، يتعيّن الشروع في التركيز على القضايا الأساسية لبناء دولة في مواجهة الوصاية والرعاية القائمة من قبل النظام، وترقية المبادرات الرامية إلى تدعيم وترقية فرص الاستقلال المالي للمواطنين والجمعيات حيال الدولة، وإرساء سياسية جديدة للتنمية، واعتماد خارطة طريق لتنفيذها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)