الجزائر

في الصميم تجربة الانتخابات في تونـس


في الواقع كانت نهاية عهد الأنظمة الشمولية والمستبدة جد مكلفة، ولكنها كانت أيضا عشوائية بالنسبة للتغيير. فقد كانت جد مكلفة بالنسبة للطغاة المستبدين من خلال الصور الرهيبة لمقتل القذافي وأبنائه، كما عانى علي عبد الله صالح من جروح بليغة في جسمه، وعايش مبارك الإذلال والهوان، حينما ظهر داخل قفص أمام قضاته. كما كانت أملاك وأرصدة المستبدين وأفراد عائلتهم بالخارج عرضة للحجز. بالمقابل، كانت الثورة عشوائية لتحقيق التغيير، فمنذ البداية، وجدت السلطات القائمة بعد رحيل رئيس الدولة نفسها أمام رهانات متناقضة. التوجه سريعا إلى تنظيم انتخابات لاختيار حكومة شرعية، قادرة على إرساء إستراتيجية التغيير، ولكن: كان هناك حاجة إلى التوصل إلى اتفاق مع القوى المختلفة حول القواعد الأساسية التي يتعين أن يحدد من خلالها النظام السياسي الجديد. وكانت هذه النقاط هي العوامل الرئيسية التي دفعت إلى تأجيل الانتخابات في تونس ومصر. فمع مرور الوقت، كانت الحكومة الجديدة تفقد مصداقيتها، وكلما زادت المخاطر في رؤية نظام شمولي ومستبد يقام في البلاد، وهذه المخاوف بدأت تنتشر داخل المجتمع، وهو ما دفع البعض إلى العودة مجددا إلى التظاهر في الشارع بوضعيات مأساوية. واليوم، تم تنظيم انتخابات في تونس، فما هي يا ترى الدروس المستخلصة من وراء هذه الانتخابات، يمكن أن نستخلص من التجربة التونسية في أكتوبر 2011 ما يلي: ـ تسجيل نسبة مشتركة قوية. 90 بالمائة من المسجلين صوّتوا، ومن ثم يمكن الاستنتاج أن الانتخابات كانت شفافة وأن هنالك تجندا كبيرا للمواطنين.  ـ تنظيم ناجح لاقتراع نزيه وشفاف من قبل لجنة مستقلة على عكس تلك التي كانت تنظم من قبل وزارة الداخلية. بروز عدد محدود من الأحزاب السياسية بفضل ثقة المصوتين والناخبين، حتى وإن كان عدد الأحزاب المشاركة كبيرا. ـ لعب الجيش دور الحامي للانتخابات في مواجهة العنف المحتمل، دون أي تدخل في مسار الانتخابات، وهو تأكيد على حياديته الايجابية. ـ تحصل حزب النهضة على أغلبية نسبية، بلغت 41 بالمائة، 89 مقعدا من مجموع 217 مقعد لأنه التزم باحترام الحريات الفردية والتعددية. هذه في المحصلة أول تجربة مشجعة بالنسبة للبلدان الأخرى في المنطقة، بالإضافة إلى التجربة حديثة العهد في تركيا، والتي تفتح وجهة جديدة لتعامل التيار الإسلامي مع السياسة، ونتمنى أن يكون نهاية مسار الانتخابات التشريعية في مصر تأكيدا أيضا لهذه النتائج الأولى المشجعة. 
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)